شعار قسم مدونات

أنت بما عندك.. وليس بما تَملك!

blogs تأمل
في البداية كيف لك أن تُفَرق بين بما عندك وبما تَملك، ما عندك هو ما زرعته أنت بنفسك وهو ما تعبت من أجل الوصول إليه، فنقول عندك عقل وعِلم وأدب وأخلاق وحكمه، والشيء الأخر هو ما تَملكه، نقول أنت تَملك رأس مال، ولديك عدة أبناء مُلك لك وتحت تربيتك وتَصرفك، فأنت يا سَيدي وأنتي يا سيدتي، ونحن جميعاً، قيمتنا الحقيقية بما عندنا وبما جمعناه طول سنين من تجارب ومعرفه وعلم.

 

ونقول أيضاً أنت شخص عندك دين، ولا نقول تَملك دين، الدين في النفس والأخلاق والحكمة، قبل أن يكون بالتظاهر الكلامي أمام الناس، أنت وأنتي جميعكم بما خطته ريشة أحلامكم على جدار حياه أصَم، جميعكم بما رسمتموه على جداريه بيضاء، وأصبحت مزاراً للجميع، وتَسُر المارين من جنب أفعالكم، هنا خلف كلماتي هذه أخفي الكثير مما عندي، ولكن كيف يعرف كل منا قيمته، وكيف لكل شخص منا أن يرسم طريقه، ويعرف ما له وما عليه، وكيف لك أن توصل لنفسك قبل أن توصل للعالم، هنا الوصول للعالم ليس بالأمر الصعب، ولكن إن كنت تجهل الطريق إلى نفسك، سوف تضيع بوسط الزحام ووسط الصراخ الذي نراه بكل مكان، رسالتي للجميع أن تكونوا حريصين كل الحرص بالوصول إلى أنفسكم قبل الوصول إلى العالم، وهذا كي لا يكون سقوطكم مميت لداخلكم.

أظن أننا جميعاً نعلم، بقاعدة الشخص المناسب بالمكان المناسب، ولكن لا نُطبقها، وهذا لأننا بعيدين كل البعد عن المصلحة العامة ولا نقرب لها بأي صِله كانت

كي نكون أوعى على أنفسنا، وكي نكون أكبر من الجميع بأي جلسة وبأي حديث، وكي نعلم، أن العلم ليس فقط بحمل شهادة ملونه مزخرفه وبها بعض الحروف، العلم يا ساده أن تكون حكيماً وعالماً بنفسك قبل أي شيء، فما قيمتك عندما تكون صاحب درجة بروفسور بأحد العلوم، وتكون لا تَملك كلمه حسنه عند أي مجلس، أو تكون غير لبق مع الأخرين، كل هذا بسبب عدم وصولك لداخلك ونفسك، والرقي يكون بالنفس وليس بما تَملك، فكل هذا ليس منظاراً، وأن تكون مُتعلم لا يعني أن تَكون فهمان.

 

ويجب أن تَعلم أن العلم لا يقتصر على حملة الشهادات الجامعية، وذلك لأن الموظف الذي يعمل على تنظيف شوارع مدينتي، يعطيني كل يوم درس بالحب والوفاء والإخلاص والإيمان والنظافة، هذه الدروس الأعظم بالحياة، التي نفتقدها بأكبر جامعات العالم، ليس كل شيء كما تراه أنت، وذلك لأن الحياة تحتوي ألف منظار ويجب علينا أن ننظر بها جميعها، يجب علينا أن نرتقي بأنفسنا قبل أي شيء، وإن كنت عاجزاً بالوصول إلى نفسك، فانظر نصف ساعة إلى تلك المرآه بأي زاوية كانت، وصارح نفسك، كن صريحاً مع نفسك وسوف تصل إلى داخلك، وسوف تُرَتب جميع الشتات الذي يَسكن داخلك، وسوف تَغدو من الكبار، هكذا أنت، وهذا ما أراه في سبيل حياتي وحياة أي شخص كان.

 

يجب علينا ألا نُعطي أي شخص أكثر من قيمته وأكثر مما يستحق، أظن أننا جميعاً نعلم، بقاعدة الشخص المناسب بالمكان المناسب، ولكن لا نُطبقها، وهذا لأننا بعيدين كل البعد عن المصلحة العامة ولا نقرب لها بأي صِله كانت، وهذا يرجع لأننا بعيدين عن أنفسنا ولا تشعر بشيء من الضمير، هذا الشيء الداخلي الذي يجعلك تعلم بكل خطاء قمة به، ويجعلك ترتد عما أخطأ به، وأيضاً هذا الشيء الذي لم أجد أحداً على مقاعده الدراسية، مدارس الحياة ومدارس الضمير، التي تجعل من شخصك أعظم الخلق، ولا تَنسى أنه لا يوجد جامعه بالعالم تُدرسك تخصص بعنوان الضمير، أرى أن الضمير قد مات فينا، وأصبحنا على درجه عالية من الرياء والكذب، وهذا ما أوصلنا جميعاً على ما نحن عليه، من سوء أوضاع البلاد، ولا تقولوا لماذا، وذلك لأنه عندما نريد الحديث بأي موضوع يجب علينا أن ننزل إلى أدق تَفاصيله، ونعمل على تَصليح كل شيء، فقط ارتقوا لأنفسكم، وأنتم بما عندكم وليس بما تَملكوا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.