شعار قسم مدونات

الصورة النمطية للجنس في الإعلام.. من وراءه؟

BLOGS الإعلام

جرت العادة في الدعاية والإعلام عموما إلى تكريس القوالب النمطية للجنس، من الرجال الذين يظهرون على أنهم غير ذو فائدة في تغيير الحفاضات أو غسل الصحون إلى النساء العاجزات عن ركن السيارة أو تغيير مصباح كهربائي.

 

لم تنج المرأة ولا حتى الرجل من هذا التنميط في الإعلام العربي، فتظهر صورة المرأة في الإعلام بصورتين رئيسيتين الأولى: هي الصورة النمطية المعلبة للنموذج الغربي ويقربها من نمط الإثارة والمتعة تحت عنوان "الموديل"، أو أي مسمى آخر في محاولة للتركيز على الصورة الجسدية وتشويه صورة الأمومة أو العفة التي طالما تميزت بها المرأة العربية وبالتالي تحويلها إلى "منتج" بغض النظر عن جودته وقيمته. والصورة الثانية هي صورة المرأة الخانعة التي يقتصر دورها على تربية الأطفال وطاعة الزوج، ومن ثم الذهاب إلى "أن جنة المرأة منزلها" وجماله الذي يزاد بطاعتها لزوجها وانخفاض صوتها، وهي أمرأه لا تناقش ولا تجادل وإنما تحيك المؤامرات النسائية كما تصورها لنا الدراما العربية أو التركية وقد يتعداه إلى الغربية أيضا.

 

وتعرف الصورة النمطية على أنها عملية اختزال لوصف شخص، أو شعب لخصائصه الكلية العامة بدلاً من خصائصه المتفردة والمتميزة. فلا نجد في الإعلام العربي صورة للمرأة المتوازنة القادرة على أن تكون أما حقيقية وصاحبة طموح وموقع لا يتناقض مع دورها كأم. والخبر عن المرأة الناجحة في مجالات عديدة منها أدبية وأخرى علمية او سياسية لا يتعدى أن يكون خبرا خجولا بين آونة وأخرى، ولا يتعداه إلى نساء رائدات في الطب والفلك والآداب وحتى في السياسة التي تعتبر ذكورية خاصة في الشرق وحتى أحيانا في الغرب المتقدم.

 

اما في الدول المتأخرة فالأمر مختلف نوعا ما فالمشاركة بالحياة السياسية ممنوع على المرأة اختراقه بشكل علني ومباشر، وإن كان له وجود في البلدان المتقدمة ولكن بأسلوب ما يسمى "من تحت الطاولة".   وهي في كلا الحالتين أصبحت لا تصلح للعمل بالسياسة أو القضاء عكس الرجل الذي يكون حازماً وعقلانياً وبالتالي أكثر عدلاً وفق ما يصوره لنا الإعلام. ولم يتناسى الإعلام تنميط الرجل أيضا، فالرجل يجب أن يكون قوياً، ممنوعٌ عليه أن يُظهر مشاعره أو دموعه، ويجب أن يتحمل المسؤولية المادية عن نساء عائلته، ناهيك عن الإعلانات المخادعة للجسم والتي تتضمن شخصًا ذا بنية بدنية لا تتطابق مع واقعه، وبالتالي يتم تحميل الرجال فوق طاقتهم معنويا وماديا.

 

تلك النظرة التي يرسمها اليوم الإعلام الغربي عن الرجل العربي بأنه إنسان بدائي جاهل يعيش في الخيام والصحراء صورة أخرى للتنميط
تلك النظرة التي يرسمها اليوم الإعلام الغربي عن الرجل العربي بأنه إنسان بدائي جاهل يعيش في الخيام والصحراء صورة أخرى للتنميط
 

ولابد من الإشارة هنا إلى أن بعض القوالب النمطية الخاصة بالجنسين لديها القدرة على إحداث ضرر في المجتمع من خلال الحد من الكيفية التي يرى بها الناس أنفسهم وكيف يراهم الآخرون، والقرارات المتعلقة بالحياة اليومية التي يتخذونها، فالإعلان الذي يظهر الرجل أو المرأة وهما يفشلان في تحقيق مهمة خاصة بسبب جنسهما، مثل عدم قدرة الرجل على تغيير الحفاضات، أو عدم قدرة المرأة على ركن السيارة، قد يكون سببا لقرارات مستقبلية منها تمنٌع الرجل عن رعاية طفله، أو تخوف المرأة من سياقة السيارة.

 

والأخطر من هذا كله عندما يتعدى التنميط صورة الرجل والمرأة إلى أنماط أخرى تبنى عليها نظرة لشعوب بالكامل، فتلك النظرة التي يرسمها اليوم الإعلام الغربي عن الرجل العربي بأنه إنسان بدائي جاهل يعيش في الخيام والصحراء صورة أخرى للتنميط، وهو نفس الإعلام الذي يصور المرأة العربية جاهلة متخلفة وماكينة للإنجاب تغطي رأسها بالحجاب وكأنهم يقولون إنها تغطي عقلها.

 

لنعود ونتساءل من الذي ساهم بتكوين كل هذه الصور والاعتقادات والآراء عن هذه الدول أو تلك المذاهب أو ذلك السياسي، حتى تشكلت تلك الصور النمطية التي تفتقر إلى المعلومات. والسؤال: هل التنميط العام أو التنميط لصورة المرأة والرجل في وسائل الإعلام بسبب تأثير المجتمع وإرضاءً له؟ أم أن وسائل الإعلام من يروج ويرسخ هذه الصورة في أذهان المجتمع؟ أم أن الاثنان معا يشاركان في هذا التنميط بنسبة متساوية أم متفاوتة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.