شعار قسم مدونات

إسطنبول.. المدينة التي لا مفر من حبها

مدونات - إسطنبول

يقال إنما الحب للحبيب الأول ِلكنني أقول إنما الحب للحبيب الأجمل ِ فكما هي الموصل مدينتي الأولى لكن إسطنبول مدينتي الأجمل. كلنا يسمع عن سحر وجمال هذه المدينة وربما أغلب الناس تأتي صيفا لزيارتها وقضاء الصيف فيها من أوربا وأسيا لكن من يسكنها فقط يعلم ما بداخلها بشكل ويعلم السر وراء التعلق بها.

 

أذكر أول يوم وصلت به إلى إسطنبول عندما حينما استقبلني أحد الأصدقاء قلت له أريد أن أزور البحر الآن فقال لي : طيب ارتاح وبعدين قلت له لا أريد الآن بعد رحلة لثلاثة عشر يوما وفعلا ذهبنا إلى ساحل بحر مرمرة في نفس الوقت لأرى تلك الحرية التي لا حدود لها كامتداد البحر والتي لم نعشها في بلداننا. خلال اليومين من وصولي ذهبت إلى أحد المهرجانات الطلابية التركية العربية حيث كان الرئيس الطيب أردوغان حاضرا فبعد انتهاء الحفل استأذنت من أحد الطلبة الأتراك بأخذ العلم التركي منه لألتقط صورة فما كان من التركي إلا أن قال لي العلم لك … كان هذا أول علم تركي من أصل أربعة أعلام في شقتي لأحمله وأعود إلى شقتي حيث قال لي صديق معي "هاي بعد اول يوم استغنيت عن العراق" والى الآن العلم موجود في صالة الشقة.

 

إسطنبول التي عشقتها قبل أن أراها فكنت في الموصل أتابع قناة TRT عربية لأرى أخبارا وتقاريرا عنها وكنت أتابع حالة الطقس اليومي لإسطنبول وأنا في الموصل. إسطنبول المدينة الساحرة التي تأسر قلوب زوارها فكما يقال أن الذي يزور إسطنبول سيعود لزيارتها مرة اخرى. إسطنبول اشبهها بامرأة فاتنة تمتلك كل مقومات الجمال لكنها مع ذلك تتزين كل يوم لتواكب التطور. في إسطنبول يمتزج عبق الحضارة العثمانية العريقة مع التطور التكنلوجي والعلمي حيث أنها تجمع ما بين الشرق والغرب بل وحتى الكثير من العادات نجدها قريبة من عادات وتقاليد العرب.

 

ها أنا الآن في مثل هذه الأيام أدخل عامي الثالث في إسطنبول وأعتبر أنني قد ولدت هنا من جديد، فهذه المدينة التي احتضنتنا بكل سلام بعد أن خرجنا من مدننا قسرا

عادة يسمى المغترب بهذا الاسم لأنه قد تغرب عن أهله وبلاده لكن في إسطنبول لم أشعر بالغربة فغربتي كانت في بلدي وليس هنا، فهنا تشعر بالأمان فأهلها أناس طيبون يحبون العمل والنشاط والنظام. يوجد امرأة تركية مسنة تسكن في الطابق الذي يلينا فعادة تطرق الباب علينا أنا ورفاقي لكي نساعدها في حمل الأغراض الى الأعلى وأحيانا تأتي وتجلس في الشقة ففي أحد المرات قالت "أنتم مثل أولادي".. شيء جميل عندما نشاهد امرأة تتكلم بهذا الكلام وهي لا تعرفنا سوى لعام أو لعامين. حتى أن أصحاب المحال التركية قد تعلموا الكثير من الكلمات العربية وهناك كثير من المناطق أهلها يحبون العرب حتى حدثت زيجات كثيرة بين العرب والأتراك.

 

من أكثر الأمور التي زادت تعلقي بإسطنبول وتركيا عندما رأيت الناس أيام الانقلاب في 15 تموز 2016 حيث كنت أخرج يوميا إلى الشوارع مع الناس وأراهم ينادون بـ Tek Vatan Tek Milat Tek bayrak Tek devlet يعني وطن واحد أمة واحدة راية واحدة دولة واحدة وأراهم يحملون العلم بل يعشقون ذلك العلم فما كان مني إلا أن أخرج معهم وأحمل ذلك العلم، لم أرى مثل الشعب التركي في تلاحمه وحبه لوطنه وانتمائه له أثناء تلك الأزمة فالشعب قد وقف في وجه الظلم وغيّر مجريات الأحداث وخلّص البلاد من خراب كان قد يحدث.

 

أمشي في شوارع إسطنبول القديمة في منطقة الفاتح وأتذكر قول السلطان محمد الفاتح عندما قال أيتها القسطنطينية إما أن تأخذيني أو آخذك أما مساجدها فهذه لوحدها حكاية حيث أنك تشعر بطمأنينة لن تشعرها سوى في الحرم المكي والمدني وخاصة مساجد السلاطين الأثرية كمسجد السلطان محمد الفاتح، السلطان سليمان، السلطان أحمد والسلطان سليم الأول. عالرغم من عدد سكانها الذي يتجاوز الـ 20 مليون نسمة لكن تجدهم منظمين بطرقاتهم ووسائل النقل وكذلك عند مراجعتك إلى دائرة حكومية فتجد الأمور تمشي بسلاسة وكأن المدينة سكانها مليون نسمة فقط. وأما مناخها فكما هو معروف لاتأمن مناخ إسطنبول ربما تخرج من بيتك والجو مشمس وأنت في الطريق وإذا بها تتحول الشمس إلى برودة ومطر وربما ترى الثلوج في منطقة والمنطة الأخرى الطقس معتدل لذا حاول أن تأخذ معك معطف بيدك.

  undefined

 

وفيما يخص بعض الأمور الواجبة للعيش في هذه المدينة الكبيرة يجب حمل معك حقيبة للظهر تضع بها شاحن للجوال وعلبة مياه والأهم من ذلك شمسية تقيك حر الشمس وربما تمطر في أية لحظة. من الضروري وجود معك إنترنت بشكل مستمر لأنك ستواجه مشاكل في التنقل لربما حاول تنزيل تطبيقات وسائل النقل على جوالك لكي تعرف رقم الباص الذي ستركبه للمنطقة المراد الذهاب إليها وأيضا من خلال التطبيق يمكنك معرفة ما إذا الباص يشعل المكيف أم لا وكذلك يحتوي على شاحن أم لا.

 

افتح حسابا مصرفيا لأنك ستشتري 90 بالمئة من الأشياء من خلاله.
تابع الطقس اليومي قبل الخروج.
الشعب التركي يعشق الهدوء فلا تحدث ضوضاءً في السكن أو في المترو.
ضع بجيبك ليرات معدنية ستحتاجها لأنك ستعطيها لفقير على الطريق.
إسطنبول كبيرة لذلك تعود على المشي فاليكن معك ترانشوز طبي.
حاول استغلال وقتك في المواصلات بقراءة كتاب أو سماع لذا يجب أن تحمل معك سماعات للجوال.
عادة ما تكثر الدورات التدريبية والمحافل العالمية فيها لذا حاول أن تشارك بها لزيادة معرفتك وخبرتك.
عادة ما تجد في الباص أشخاصا قد نفذت بطاقتهم لذا تعاون معهم ربما سيأتي عليك الدور يوما ما.
حاول التقاط الصور بكل مكان لأن كل شبر بها يعد سياحة.
لا تحاول مع الموظف أو البائع إذا قال لك سيستم يوك .
لا تستغرب إذا سألك تركي عن الطريق فيها.

 

عادة ما يعشق الإنسان إنسانا لكن ربما تصادفك أماكن تزورها فالكثير أصدقائي وأهلي يقولون لي ألم يحن الوقت للعودة إلى بلدك ؟ فكان جوابي سريعا وهل يمكن للعاشق أن يترك معشوقته؟ ها أنا الآن في مثل هذه الأيام أدخل عامي الثالث في إسطنبول وأعتبر أنني قد ولدت هنا من جديد، فهذه المدينة التي احتضنتنا بكل سلام بعد أن خرجنا من مدننا قسرا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.