شعار قسم مدونات

سبعون عاما.. وما بنا خجل!

blogs حق العودة

ما الذي اختلف في ذكرى النكبة لهذا العام عن سابقها كل عام والوطن الفلسطيني يسقط تقادما من قاموس وذاكرة العالم الرأسمالي المتوحش، في ذكرى النكبة يتظاهر الفلسطينيون على امتداد فلسطين 1948 مذكرين العالم أن هذه الأرض فلسطينية وستبقى ما بقي مقاوم يقاوم همجية الاحتلال الصهيوني وأن حق العودة قائم ما بقي على الأرض حياة، في ذكرى النكبة ما الذي يتغير من عام لآخر ونحن نستذكر أرض فلسطين 48 وتشريد أهلها.

ما الذي قدمه العرب لقضية زعموا أنها قضيتهم ما الذي قدموه ليحرروا الأرض ويستردوها غير الشجب عند الاعتداءات الصهيونية والقيام بالمظاهرات تنديدا بالاعتداءات الإسرائيلية في بلدان يجرم فيها التظاهر السلمي، أو تغير صور البروفايلات على مواقع التواصل الاجتماعي كأضعف الإيمان. ما الذي استحدث هذا العام يبعث على الأمل في نفوس الفلسطينيين ويجعلهم يستشعرون السند العربي الرسمي فيتجدد الأمل بعودة أرضيهم كيف نجعل الفلسطيني يشعر أن وجعه وجعنا جميعا وأن احتلال أرضه هو شوكة في خاصرة هذه الأمة.

 

الذي استحدث هذا العام أن الإدارة الأمريكية تتهيأ لنقل سفارتها للقدس وهو هدف ركز عليه ترمب خلال حملته الانتخابية وهو اليوم يعمل على تجسيده أمام أنظار العالم الذي استهجن باحتشام قرار الرئيس الأمريكي هذا العالم الذي يبارك سرا أحقية الإسرائيليين بدولة يهودية عاصمتها القدس هذا العالم الذي يعلم تماما تاريخ الاستيلاء لم ولن يقول كل الحقيقة لأن حقيقة أن الارض كاملة للفلسطينيين يناقض أهم أهداف سياسة الغرب التوسعية.

70عاما مرت وما بنا خجل نربي الوهم نتذكر فلسطين حين تستبيح إسرائيل غزة ونتحمس حين تواصل المقاومة الإسلامية الرد والدفاع عن كرامة الفلسطينيين

الحقيقة التي أصبحت وهم الشعوب العاطفية وتكرما يحاول العالم الغربي الإنساني منح الفلسطينيين دويلة ضمن اتفاقية اسلو وقبلها قرار مجلس الأمن 242 والذي أصبح مع الوقت حلا ليس في متناول الفلسطينيين والعرب، السياسة الامريكية الجديدة فرضت منطقا آخرا منطق الغاب والقوة من يملك القوة يملك أن يغير العالم وفق لاستراتيجياته وأهدافه وعلى باقي أشباه الدول ممن يخافون على هشاشة كياناتهم الديكتاتورية أن يكونوا عملاءا للسياسة الأمريكية ومدافعين عنها.

الذي استجد هذا العام أن الأنظمة العربية تعيش انتفاضتها الخاصة انتفاضتها ضد حق الفلسطينيين في تحرير أراضيه كل نظام من الأنظمة الاكثر ثرءا في المنطقة العربية يزايد على الأخرين في تقديم صكوك الولاء خدمة وإرضاءا للأمريكيين وللإسرائيليين، ترسانة من الإعلاميين ومن الساسة استنفرت لا لتحارب جنبا لجنب مع الفلسطينيين إنما لتنكر عليهم حقهم.

ولن نبالغ ويمكن العودة للإنترنت إن قلنا ثمة بعض العرب يجتهدون بكل ما أتوا من خبث أن يثبتوا أنهم أكثر إسرائيلية من الإسرائيليين أنفسهم محاولين إقحام كل الشواهد الباطلة ليثبتوا أن فلسطين أرض في الأساس إسرائيلية. هذا ليس خطاب إعلام فقط إنما فكر جديد ينمو في ضمير الأجيال العربية القادمة ويكفي الاطلاع على مواقع التواصل وما يكتب حتى نقرأ عبارات على شاكلة أن فلسطين ليست ملكا للعرب إنما تاريخيا هي لليهود. وعليه يحق لليهود إقامة دولتهم الموعودة.

 
التصريحات السياسية لزعماء عرب والذي اتخذوا التطبيع سياسية يدافعون عنها لم يأبهوا للجرح الفلسطيني بل أن ملك السعودية قال بكل وقاحة أنه يتوجب على الفلسطينيين أن يقبلوا بشروط الحوار أو ليصمتوا، سلمان في تصريح خطير له يهين الفلسطينيين ويهين العرب ويهين المسلمين جميعا حين يقف صفا لصف ضد الحق الفلسطيني منتصرا لما تفرضه عليه السياسية الغربية.

وكأن علمنة المملكة العربية السعودية يحب أن تمر على الظهر الفلسطيني، ستضطر الدول العربية لاحقا قبول التطبيع ومن كان يخفي اعترافه بكيان لقيط على الأراضي الفلسطينية لن يجد حرجا في الجهر بذلك مستقبلا وستصبح الخيانة وجهة نظر ويخلق جيل جديد يحترف التنظير لسياسة التطبيع مع الإسرائيليين والشعوب العربية التي طالما تغنت أن الأرض لنا والقدس لنا ستعترف بأحقية الإسرائيليين في امتلاك الأراضي مستشهدين بشواهد تاريخية تخالف الحقيقة لأن الجميع يركن لمنطق القوة وسيحج الشباب العربي إلى السفارات الإسرائيلية طلبا للإقامة.

 undefined

لكن ماذا نفعل نحن الجيل الذي تفتحت طفولته على انتفاضة الحجارة 1987 وحفظ عن ظهر قلب شعر درويش:

سقطت ذراعك فالتقطها.. واضرب عدوك لا مفر
وسقطت قربك فالتقطني .. واضرب عدوك بي فأنت الآن حر

ماذا نفعل نحن بذاكرتنا الجيل الذي اقترن اسم فلسطين بمنظمة التحرير وبارود المقاومة من الضفة الى غزة كيف نتعامل مع ذاكرتنا نحن الجيل الذي يحتفل بتاريخ اعلان قيام الدولة الفلسطينية من الجزائر في جو خاشع مهيب معلنا للعالم أن القضية الفلسطينية قضية العرب وكل الأحرار. هل يحق لنا نحن الجيل الذي كبر على أغاني مرسيل خليفة وأشعار سميح القاسم ان يتحايل على ذاكرته وعلى مبادئه ويقتنع مرغما أن إسرائيل دولة شرعية ونبتلع مرارة الاغتصاب والانتهاك للحرمات 
ما الذي بقي من الاجيال العربية الشابة التي تؤمن بفلسطين ككيان حر مستقل وحق شعبها بعد ما شردت أوطانه وقسمت دويلات ودويلات والذي بقي يحاول المحافظة بصمت على تواجده.

70عاما مرت وما بنا خجل نربي الوهم نتذكر فلسطين حين تستبيح إسرائيل غزة ونتحمس حين تواصل المقاومة الإسلامية الرد والدفاع عن كرامة الفلسطينيين، 70 عاما وما بنا خجل نتحالف على الأشقاء ببرودة دم وننصب العداء ونقدم ما بقي من جسم هذا الوطن الممتد من الشرق إلى الغرب للغازينا كرامتنا وأراضينا ودماءنا ثم نمنحه رقابنا ورقاب أجيال تأتي من بعدنا أجيال شوه تاريخها وضيعت أنظمة قمعية حقها.

على الفلسطينيين أن يفهموا أن العرب سيخونوهم اليوم بتحفظ لكن السنوات القادمة سيشرعنون الخيانة ويصفون من يتخذ منها موقفا بالإرهابي على الفلسطينيين أن يدركوا أن الوجع ما عاد وجعا عربيا كما كنا نثرثر إنما وجع فلسطيني لأن الشعوب عادة لا تعبر عن راي أنظمتها على الفلسطينيين أن يعيوا أن أرضهم عليها أن تسترد بالدم الفلسطيني لا بمفاوضات يتحكم فيها الكبار عليهم أن يتذكروا دوما مقولة ناجي العلي ويعلموها للأجيال القادمة:

"أﻧـﺎ أﻋـﺮفُ ﺧﻄﺎً أﺣﻤﺮ واﺣـــﺪاً إﻧـﻪ ﻟﻴﺲ ﻣـﻦ ﺣـﻖ أﻛﺒﺮ رأس أن ﻳـﻮﻗّـﻊ وﺛﻴﻘﺔ اﻋـﺘـﺮاف واﺳﺘﺴﻼم لأسرائيل"

المجد لفلسطين اليوم وغدا وإلى أين يرث الله الأرض ومن عليها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.