شعار قسم مدونات

الجيش المصري.. سارق البلاد في زي حاميها

blogs الجيش المصري
عام 1952 أعلن الجيش المصري استلام مقاليد الحكم ودفع الملك للتنحي ومغادرة البلاد، ووعد بإقامة انتخابات رئاسية ديمقراطية في مصر ولم ينفذ وعده أبدا وكان ينشر النزعة القومية الرافضة للاحتلال أو الوصاية من قبل بريطانيا وساعد العديد من الدول العربية في الاستقلال من المستعمر، نحن الآن على وشك إتمام السبعين عاما من الحكم على يد رجال الجيش سواء كانوا باللباس العسكري أو المدني، لكن هل فعلا تخلصنا من الاستعمار؟ المستعمر ينهب ثروات البلاد ويغير حدود الدول ويعمل ضد مصلحة الشعب المحتل من تجويع وقمع ونهب وقتل، هل نحن أحرار بالفعل من الاستعمار؟
 

تحتل مشاريع وشركات الجيش المصري 40% من الناتج القومي المصري ويسمح له باستخدام 95% من الأرض في أي غرض كان فهو يعتبر المالك للأراضي أينما ذهبت وبالأخص في الأراضي السياحية مثل فندق توليب 1 و2 في الإسكندرية وغيرها من الفنادق المنتشرة في أنحاء الجمهورية. انتقالا من السياحة للبنية التحتية فالجيش يحتكر مشاريع البنية التحتية ولا يوجد برهان على فساد المشاريع وسرقة أموال الدولة أقوي من فشل شبكات الصرف الصحي والطرف حال هطول بعض من الأمطار وتصيب المدن بالشلل التام. انتقالا إلى القطاعات الأخرى فالجيش المصري يشارك في تصنيع الأثاث، الثلاجات، الغسالات، أواني الطهي، الزراعة والصناعات الاستهلاكية، الأدوية، استيراد الدواجن واللحوم وغيرهم من المنتجات إضافة إلى تصنيع السلاح.

 

تبعث السينما المصرية من خلال المسلسلات والأفلام فكرة أن جميع دول العالم تستخدم القمع وجميعنا نقمع وليست مصر فقط فلا تحاول أن تتخيل عالم حر أبدا

انتقالا إلى الشعب، فالجيش يجند الكثيرين من الشباب كل عام تحت اسم خدمة الوطن ويتم استخدامهم بالسخرة تحت وطأة القانون في العمل دون أجر في مشاريع الجيش وبيع السلع، فالطريق مفتوح للجيش دائما في استيراد البضائع المعفاة من الضرائب واستخدام الأراضي وتسخير العمالة المجانية ثم افتعال الأزمات وخلق قوانين تحجم المنافسة وترفع الأسعار في السوق ثم يقتض علي السوق في حملة ممنهجة من قبل الإعلام لتجسيده كمخلص الشعب من غلاء الأسعار ويتربح المليارات المعفية من الضرائب والتي لا تدخل في الميزانية العامة في نهاية المطاف، فالجيش هنا يعمل كتاجر يسخر عماله بالسلاح ويخرج منافسيه بالقانون المصطنع. السؤال هنا هل يستطيع أحد في مصر إيقاف مشاريع الجيش؟ الإجابة كانت علنا قبل 6 سنوات عندما صرح أحد القادة في الجيش "متخلقش اللي يمس مشاريع الجيش" وكان هذا بمثابة تهديد علني من قبل الجيش للأول رئيس مدني منتخب ومن معه في إدارة البلاد.

 

في الوقت الذي يحاكم فيه الرئيس الأسبق محمد مرسي بتهم التجسس والتخابر وخيانة الوطن، يحكم البلاد رئيس يتنازل عن الأرض ويغير حدود مصر البرية والبحرية في السر والعلن وتعقد صفقات عسكرية تحدد مستقبل مصر في المنطقة وتقلص سياداتها علي الأرض أو السلاح أو الثروات، مؤخرا أعلنت السفارة المصرية عن عقد اتفاقية CISMOA وهذه الاتفاقية باختصار تسمح لمصر ممن ناحية بامتلاك أسلحة متطورة وتجبر الجيش أن يتصرف بها فقط بعد السماح له من واشنطن، ويسمح لواشنطن أن تستخدم المجال الجوي المصري في أوقات الحروب، وتعتبر هذه الاتفاقية شهادة إخصاء للجيش المصري فهو يمتلك سلاح لا يسمح له باستخدامه، أما عن استخدام المجال الجوي المصري فلواشنطن مصلحة في ذلك أما مصر فنحن نعلم أننا لم ولن نحتاج لاستخدام المجال الجوي الأمريكي في حالة الحرب وبالطبع بعد النظر عن كثب نجد الجانب الأمريكي يحق له استخدام المجال الجوي والمطارات دون شيء ملموس في المقابل.
   
قبل هذا وقع النظام المصري نفس الاتفاقية مع الروس ليسمح لهم في استخدام المطارات العسكرية مقابل بعض الأسلحة التي لا نعلم عنها شيء دون أي امتياز ملموس من الجانب المصري، وأيضا سمح الجيش المصري للطيران الإسرائيلي في قصف مناطق في سيناء، فعلى الأقل إذا كان الجيش المصري يسمح للجميع استخدام المطارات ويسمح لإسرائيل القصف في سيناء لمكافحة الإرهاب فلماذا عقد الجيش اتفاقية طائرات مقاتلة "رافال" من فرنسا وغيرهم من طائرات الميج الحديثة من روسيا طالما لم نستخدمها حتى الآن؟ وأما عن اتفاقيات الصواريخ الموجهة وقصيرة المدى التي يشتريها الجيش فهي باهظة الثمن مقارنة بأهدافها في سيناء، نرى جميعا الصرر من مركبات متفحمة وبيوت من طابق واحد وبعض من الدراجات النارية المتفحمة في حملات الإرهاب والتي تطرح سؤال دائما: إذا كانت صواريخ موجهة من الطائرات بآلاف الدولارات توجه نحو سيارة أو منزل تكلفته لا تتعدي آلاف الجنيهات فمن الخاسر في هذه الحرب؟ ومع ذلك لا يتوقف الجيش في بث الأخبار المكررة بعد أي عملية إرهابية في شريط فيديو بنفس النص يبلي بأن تم القبض على عناصر إرهابية وقتلهم، ثم ينام الجميع حتى سماع دوي عملية إرهابية ناجحة لبث شريط آخر بنفس الرسالة وتجلس جميعا في الحلقة المفرغة من عمليات ناجحة ثم أخبار كاذبة وحرق سيارات ودراجات.

  

في مصر.. المعارضة المصرية موجودة في السجون أو المعتقلات أو المخفية قصريا أو تحاكم عسكريا بالإعدام
في مصر.. المعارضة المصرية موجودة في السجون أو المعتقلات أو المخفية قصريا أو تحاكم عسكريا بالإعدام
   

انتقالا إلى الدول العربية، باعت مصر جزيرتين ومساحة من الأرض للسعودية، وفي نفس الوقت قرر النظام المصري أن يتنازل عن حقه في غاز المتوسط وتنازل عن جزيرة لليونان وكالعادة جميع هذه الاتفاقيات والتنازلات هي ليست في مصلحة مصر أو مصلحة مشتركة مع هذه الدول ومصر، هي خالصة لصالح الغير ولا تعود بالفائدة علي المصريين، وقبل ذلك عرضت مصر علي السعودية المشاركة في عاصفة الحزم مقابل بعض المليارات تماما كالمرتزقة ولحسن الحظ رفضت السعودية العرض، وفي الآونة الأخيرة تم طرح خيار إرسال قوات عربية في سوريا مدفوعة الأجر من دول الخليج، بالطبع القوات الخليجية منهمكة في اليمن ولا يوجد قوات مستعدة للذهاب مقابل المال سوى القوات المصرية وإن أتيح الفرصة للجيش باتخاذ القرار فسيكون إرسالهم مسألة وقت ليس أكثر.

 
وأخيرا المعارضة المصرية الشبه معدومة الموجودة في السجون أو المعتقلات أو المخفية قصريا أو تحاكم عسكريا بالإعدام. تعتيم مستمر على الأخبار الكارثية واختفاء أي رأي مناهض للجيش وسط إعلام يبرر للجيش جميع أفعاله ويمهد لأي تعديل دستوري. التفاتا إلى السينما فهي تبعث نفس الفكرة من خلال المسلسلات والأفلام وهي أن جميع دول العالم تستخدم القمع وجميعنا نقمع ليست مصر فقط فلا تحاول في تخيل عالم حر أبدا، ويشاركنا في هذه الرسالة الإعلام الروسي وبعض الدول القمعية لإقناع الشعوب بأن الجميع سواسية في القمع، ثم تمجد في صورة الجيش من خلال حرب أكتوبر متناسيا أن الهزيمة وضياع الأرض كانت بسبب فشله في حماية البلاد بعد أن تغلغل في السوق وأهتم بالسياسة والتجارة كما يحدث الآن.

 
الجيش المصري يسيطر على السوق وينهب ثروات البلاد، ثم يسخر الشباب للعمل لحسابه، يقتل الآلاف ويعتقل مئات الآلاف، ويعقد اتفاقيات تمس سيادة الدولة، أما عن الأرض فلقد اجتاز الجيش مرحلة العهر في التعامل معها، فهو لا يبيع فقط لمن يدفع أكثر، بل يبيع للكل مقابل المال أو الدعم أو من يساعده في البقاء في مقاليد الحكم. فما الفارق بينه وبين الاستعمار؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.