شعار قسم مدونات

في ذكرى النكبة الـ70.. الفلسطينيون متمسكون بحق العودة

blogs النكبة

يوافق يوم الإثنين الخامس عشر من شهر مايو من هذه السنة الذكرى السبعين لنكبة فلسطين، ففي مثل هذا اليوم أُعلِن عن تأسيس دولة إسرائيل سنة 1947، وقد كانت الولايات المتحدة من أولى الدول التي سارعت إلى الاعتراف بها، وهذا يفسر سبب انحيازها الكامل إليها وارتباطها اليوم بها كل هذا الارتباط، والذي يهمنا أن نعرفه بهذه المناسبة أن الولايات المتحدة ليست هي الدولة الوحيدة التي تؤيد إسرائيل وتحرص على بقائها، ولا هي وحدها التي ساهمت في وجودها، بل أن جل الدول الأوروبية شاركت في ذلك، والحروب الصليبية التي اندلعت في المنطقة شاهد على ذلك، حيث تورطت فيها كل الدول الأوروبية.

 

ولما تمكن المسلمون من تحرير فلسطين وانتزاعها من أيدي الصليبيين في عهد الدولة الأيّوبيّة على يد صلاح الدين، ظل الأوربيون يحلمون باسترجاعها والسيطرة عليها، وكان نابليون من أوائل من اقترح تشكيل كيان في فلسطين معاد لدول المنطقة، ثم جاء عهد الانتداب البريطاني عليها، بعد سقوط الخلافة العثمانية وتقاسم تركتها بين كل من بريطانيا وفرنسا، ومما يؤكد أنهم كانوا يحلمون بل ويخططون للعودة إليها أن الجنرال ألنبي القائد الإنجليزي لما دخل إلى القدس في 09′ ديسمبر سنة 1917 قال: (اليوم انتهت الحروب الصليبية).

 

وهذا الجنرال قورو الفرنسي لما دخل دمشق في 21 يونيو سنة 1920، توجه إلى قبر صلاح الدين الأيوبي ورفسه بقدمه وقال: ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين… ثم كان ما كان بعد ذلك من وعد بلفور لليهود بمنحهم فلسطين ليؤسسوا فيها دولة لهم في 02 نوفمبر1917 والذي تطلب إنجازه ووضعه موضع التنفيذ 30 سنة استغلت في تهيئة الظروف الملائمة، من تأسيس دول عميلة في المنطقة تتولى عرقلة ما يمكن أن يبذل من جهود لمنع قيام دولة إسرائيل، وإفراغ فلسطين من أهلها عن طريق شن الغارات المتواصلة عليهم والتي اتسمت بوحشية منقطعة النظير، وذلك لحملهم على الهجرة واللجوء إلى دول الجوار، حتى يمكن استقدام المزيد من اليهود بما يكفل للدولة الحصول على الخبرات واليد العاملة وتشكيل جيش ينهض بمهمة الدفاع عنها.

 

الفلسطينيون والمسلمون سيستعيدون فلسطين إذا استمروا على إصرارهم بمقاومة العدو على هذا النحو وبمختلف الأساليب والطرق، فسيحققون هدفهم
الفلسطينيون والمسلمون سيستعيدون فلسطين إذا استمروا على إصرارهم بمقاومة العدو على هذا النحو وبمختلف الأساليب والطرق، فسيحققون هدفهم
 

ويخطئ من يظن أن العرب أسلموا الفلسطينيين لمصيرهم، فقد تظافرت جهودهم لنصرة إخوانهم الفلسطينيين، وشاركوهم في الدفاع عن حمى بلادهم، وسارعوا إلى نجدتهم من كل حدب وصوب حتى أن بعض الجزائريين وأبناء المغرب العربي ذهبوا إلى فلسطين سيرا على الأقدام، ولم يثنهم بعد المسافة عن المسارعة على الانضمام إلى صفوف المقاتلين الفلسطينيين، ذلك لأنهم كانوا يرون أن الدفاع عن فلسطين واجب يقع على عاتق كل عربي ومسلم، وصحيح أن تلك الجهود لم تؤت أكلها، ولكن ذلك لا يرجع إلى قلة الجهد المبذول بقدر ما يرجع إلى تواطؤ وخيانات الأنظمة العربية التي كان معظمها واقع تحت هيمنة القوى الغربية.

وبعد أن استردت معظم البلاد العربية حريتها واستقلالها، توجهت بعض الجهود لاسترجاع فلسطين السليبة، وشكلت القضية الفلسطينية قضية مركزية للدول والشعوب العربية، وتأسست منظمة التحرير الفلسطينية وتلقت الدعم من الكثير من الدول العربية، وتشكلت فصائل للمقاومة المسلحة منها الجبهة الشعبية على سبيل التمثيل، ثم وقع الالتفاف على هذه القضية، وقد مهد لذلك خروج مصر من الصف العربي بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في عهد أنور السادات، مما سهل توقيع اتفاقيات أوسلو، التي وضعت حدا للمقاومة المسلحة، وهنا ظهرت حركات مناوئة لتوجه السلطة الفلسطينية التي انحازت إلى خيار ما يسمى بالمقاومة السلمية والمفاوضات السياسية على حساب الكفاح المسلح.

 

من تلك الحركات حركة حماس والجهاد الإسلامي فبذلت قصارى جهدها في إزعاج العدو لكن المناخ الدولي ومناوأة السلطنة الفلسطينية للعمل المسلح جعل تأثيرها محدودا، مما اضطرها بعد أن ضيق الخناق عليها إلى إطلاق انتفاضة يوم الأرض تحت شعار عائدون.. عائدون، وهي انتفاضة سلمية لإحراج العدو وفضحه أمام الرأي العام العالمي، وقد حققت هدفها إلى حد كبير، إذ تصدى العدو لتلك الانتفاضة بالرصاص الحي مما أودى بالكثير من الأرواح في صفوف الفلسطينيين العزل. ومن المؤكد أن الفلسطينيين والمسلمون سيستعيدون فلسطين إذا استمروا على إصرارهم في مقاومة العدو على هذا النحو وبمختلف الأساليب والطرق، فسيحققون هدفهم ويعودون إلى وطنهم طال الزمن أم قصر، وعلى جميع العرب والمسلمين أن يكونوا لهم ناصرا وظهيرا، فالفلسطينيين عائدون.. عائدون.. ولو بعد قرون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.