شعار قسم مدونات

متى نستحق أن يكون لعدونا ثمانون راية؟!

BLOGS البشرية المسلمون

ما إن أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن انطلاق العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة في السابع من اب 2014 حتى بدأ تنظيم الدولة باستدعاء قوله صلى الله عليه وسلم لعوف بن مالك الاشجعي (اعدد ستاً بين يدي الساعة- فذكر منها- ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر- وهم الروم – فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية -أي راية- تحت كل غاية إثنا عشر ألفاً). كنا نراهم وقد اُثلجت صدورهم باستدعائهم هذا الحديث الشريف عند تأسيس التحالف الدولي ولسان حالهم يدعوا الله أن يزداد عدد الدول المشاركة فيه ليصل الثمانين راية؟! لا لشيء إلا ليثبتوا لأنفسهم أنهم هم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم.

عادة ما يُشغل أفراد الجماعات الاسلامية بقضايا قرب نهاية الزمان وكيف أن المسلمين سينتصرون في المعركة الأخيرة. لكن في المقابل لابد من تساؤل: هل المسلمين اليوم من القوة بمكان لكي يشعر الروم بالخطر ويبدؤوا بجمع هذه الرايات بعديدها وعدتها؟ إن واقع المسلمين اليوم لا يخفى على أحد، فهم يُقتّلون يومياً وأراضيهم مغتصبة منذ زمن وتهان كرامتهم ومقدساتهم بانتظام وليس بمقدورهم الرد إلا بالإدانة أو الاستنكار.

 

وبالرغم من كل ذلك نجد أن التنظيمات الإسلامية المتطرفة عادة ما تتبنى فكرة أننا على أبواب الساعة وأننا في أخر الزمان وعلى وشك طي صفحة الحياة الدنيا. وهنا يثار تساؤل أخر وهو هل من الإنصاف وهل من مصلحة المسلمين أن ينتهي العالم والمسلمين على ما هم عليه اليوم؟ أين دورهم كعمار للأرض، أين خلافة الله في الأرض إذن والمسلمون في ذيل الأمم في كل المجالات؟ إذا كان ذلك صحيحاً أي أننا في نهاية الزمان وأن التحالف الدولي هو الرايات الثمانون فإن ذلك سيصب في مصلحة غير المسلمين قطعاً حيث ستنتهي مدة الاختبار الدنيوية والمسلمين قد فشلوا في آداء واجبهم، وهذا يعني ضمناً صواب رأي الملائكة حين قالوا لرب العزة "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء" فالفاسدين والقتلة هم المتسيدون اليوم وهم قادة العالم.

على المخلصين في هذه الأمة أن يعملوا بجد لكي يرجحوا كفة هذا الميزان لصالح المسلمين في المجالات كافة بدل انتظار قيامة الساعة أو العمل على استعجال قيامها

إن ذلك يدفعنا إلى العودة إلى التحالف الدولي، ذلك التحالف الذي وصل عدد راياته إلى 62 في أحسن أحواله. إن قراءة سريعة لما كان عليه هذا التحالف سيتبين لنا إن الرايات الفاعلة فيه لم تتجاوز العشرين راية وهي عملياً منصاعة للإرادة الامريكية وان هذا العدد الكبير لم يكن الا لإضفاء الشرعية الدولية على ما تريده الولايات المتحدة في ظل القطبية الأحادية هذا من جانب، ومن جانب أخر نجد أن الروم اليوم متفوقون علينا في كل المجالات وميزان الخلافة وإعمار الأرض مائل لصالحهم.

ما يعني أن على المخلصين في هذه الأمة أن يعملوا بجد لكي يرجحوا كفة هذا الميزان لصالح المسلمين في المجالات كافة بدل انتظار قيامة الساعة أو العمل على استعجال قيامها، فإذا تساوينا من حيث المعطيات الدنيوية والسنن الكونية جاز لنا أن نقول "اللهُ مَولانَا وَلا مَولى لَكُم". خرج ثلاثة من كفار قريش يوم بدر يطلبون المبارزة، فأخرج الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الأنصار، فقالوا والله لا نطعن في أحسابهم ولا أنسابهم ولكن أخرج لنا أكفاءنا من قريش، فأخرج لهم النبي علياً وحمزة وأبا سفيان بن الحارث، فقتلوهم. هكذا هي سنة الحياة دوماً يحب الناس المكافأة في كل شيء وإن أفقدتهم أغلى ما لديهم.

إن القرشية اليوم تتمثل في الصروح العلمية والمجامع الأدبية والمعارض الفنية والمتاحف الأثارية والمؤسسات الصحافية والمعاهد السياسية والدور الوثائقية والشركات الصناعية والقاعات المصرفية فضلاً عن القدرات العسكرية، وعلى دعاة الإسلام اليوم أن ينطلقوا منها للمبارزة. فمتى ما أتقنا هذه الصنوف كنا أهلاً لأن يكون لعدونا ثمانون راية. إذ سنكون عندئذ من القوة بمكان وعندها سنسمح للدنيا أن تنتهي، يوم نكون أقوياء أعزاء نحكم بالعدل ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وهنا لابد من القول بأن هذا اليوم سيأتي، يوم نكون فيه مسلمون حقاً ونكون عمّاراً للأرض لا عالة عليها. عندها فقط تتحقق الغاية التي خلق الله لأجلها هذا الكون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.