شعار قسم مدونات

يريدونك جاهلاً.. الأمية حصن الطغاة

مدونات - انتخابات السيسي
إذا حالفك الحظ يوماً وصرت جالساً على عرش دولة ما هل ستحارب لأجل هدم مكونات وأركان هذا العرش هل ستقوم بهدم دعائم حكمك حتماً ستكون إجابتك بلا، هذا المفروض أن يتبادر إلى ذهن الشعوب وبالأخص مصر عندما يتم طرح أي حل للنهوض بالتعليم من قبل طاغيه. يجب أن يعلموا أن "الحِدائة لا تُلقي بالكتاكيت" وهذا مثل مصري شعبي معناه أن الحدائة -وهي طائر مثل الصقر- يسطو على سطوح المنازل ويأخذ الكتاكيت الخاص بهم ولا يلقي لهم شيء لا بد أن تكون هذه ردة فعلهم عند سماعهم لنظام التعليم الجديد الذي طرحه وزير التعليم المصري في دولة يحكمها طاغية ويعلموا أنها ما هي إلا بروباغندا رخيصه لتحسين صورة النظام بإنجازات وهمية وليس هذا تجني ولكنه الموروث القديم من التدمير والتشريد والقتل. ويطبق فيه المثل القائل "كيف أعاودك وهذا أثر فأسك".

 

نعم كيف أصدقك وهذا أثر كذبك وتضليلك كيف أصدقك وهنا أثر قمعك للحريات ومنعك للرأي الآخر كي أصدقك وأنت لا تستطيع تحمل مناقشتك في قراراتك، فلا تتمني من ديكتاتور ظالم أن ينهض بالتعليم ويُبخس الجهل والأميه الذي مَلك بهما رقاب الناس.

 

– الجهل هذا الذي أجلس العسكريين على حكم مصر أكثر من سته عقود وإلى الآن.
– الأميه تلك التي أمنت طريق الحكم للطاغوت الأكبر وزبانيته من الضباط الأحرار.

– الأمية هذه التي أخرجت المصريين يتوسلون إلى الفاشل عبد الناصر بأن لا يرحل بعد نكساتة المتوالية في حروبة وفشله في إداة أمور الدولة.

– الأمية تلك التي تسببت في مقتل أنور السادات.

 

كنت أتعجب لماذا لا يحدث انقلابات في أمريكا والدول المتقدمة؟ لماذا دائماً نحن من نُصدر الانقلابات ونؤسسها؟ الإجابة أنهم قد ودعوا الأُمية من زمن طويل ونحن ما زلنا غارقين في وحلها

– الأمية التي أجلست مبارك ثلاثة عقود على رقاب الناس يسوقهم أشد العذاب.

– الأمية التي حاربت ثورات الربيع العربي وثورة 25 يناير المجيدة.

– الأمية التي أزالت أول رئيس منتخب شرعي حكم البلاد.

– الأمية التي أجلست ديكتاتور أخرق مثل السيسي على حكم مصر.

– فالأُمية حِصن الطغاة والظالمين.

– الأُمية إذا اندثرت وتلاشت سيبدأ يتلاشى معها حكم الطغاة والظالمين الذين يعتمدون على جهل الناس وقلة معرفتهم في تثبيت أركان عروشهم.

 

انظروا إلى التعليم في الأمم الديكتاتورية كيف كان وسترون العجب العجاب أنظروا إلى ألمانيا النازية في عهد هتلر الذي كان يسيطر فيها الحزب النازي على كل شيء في البلاد وكان يُجند الأطفال الصغار والشباب ويهتم دائماً بالتربية البدنية لهم تاركاً التربية العلمية والثقافية في سبيل تحقيق نظريته التي لا تطيق الضعف والمرض. وروسيا الشيوعية في عهد ستالين أنظروا كيف كان التعليم في إيطاليا موسوليني. إذا وضعت إصبعك اليوم على أي مكان في خريطة صراعات العالم ستجد أنها تتمركز في أجهل الدول والتي لديها نسبة مرتفعة من الأُمية. أغلب الانقلابات تجدها في مناطق السواد الأعظم فيها تحكمه الأمية.

 

كنت أتعجب لماذا لا يحدث انقلابات في أمريكا والدول المتقدمة؟ لماذا دائماً نحن من نُصدر الانقلابات ونؤسسها؟ الإجابة أنهم قد ودعوا الأُمية من زمن طويل ونحن ما زلنا غارقين في وحلها وروثها بفعل حاكم مستبد يطمع في حكم مصر، فالشيء الذي يحمي الطغاة هيا الأمية والجهل والأميين والجهلة. الأمية هذه ساعد في تكوينها أشياء كثيرة من ضمنها الإعلام الذي قال عنه وزير الدعاية لهتلر اعطني إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعي. تنتظر من طاغية أن يهدم أركان عرشه بيده بأن يلوح بإمكانية إصلاح التعليم وتطوير نُظمه؟! هو يريدك جاهلا حتي تقيده أكثر. هو يريد زيادة في نسبة الأُمية. فكلما ازددت جهلا ازداد هو تجبراً واستبدادا.

وبعد كل هذا كيف يريد أحدهم أن يُطور التعليم مرة واحده داخل دولة غارقة في العشوائية والجهل؟ كأنك تعاتب سمكه على أنها قد خسرت في سباق الجري. أو أن تعاقب فيل على عدم تسلقه الشجرة لا بد أن تعطي لكل شيء ميدانه ومقامه. فلا بد من خلخلة هذه العشوائية مرة بعد مرة حتي يستطيع التنظيم أن يتسرب إليها بسلاسة ويسر، فتطبيق النظام كله مره واحده في بلد عشوائية قِمة العشوائية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.