شعار قسم مدونات

صفات البكر التي لا تملكها الثيب

blogs زواج

من أجمل ما قيل في وصف الحور العين أنهن أبكار على الدوام، والبكارة حالة نفسية قبل أن تكون أي شيء آخر، فالحوراء تحتفظ على مدى الزمن -وفي الجنة لا زمن- بهذه الحالة المتفردة، فهي بالمصطلح الدارج "بنوتة" فتية، لا تتسربل أبدًا -مع رجلها- بغطاء الثيِّب الغليظ الذي يفيض كثيرًا حكمة مصطنعة -أو حقيقية- وعقلاً ورزانة موهومة -أو حقيقية أيضًا-، والذي كثيرًا ما يتعدى ذلك إلى التسلط والتبكيت وثِقَلِ الظل، فهي تتمتع بخفة ظل لا نظير لها، وحياء زائد ربما تفتقد الثيب جزءًا منه، وخفة ظل نسيتها الثيب في غمرة المسؤولية والأعباء ووصايا الغرباء بالسيطرة واقتناص الحقوق -زعموا-..

لحظات التعارف الأولى بين البكر ورجلها لحظات لا تكاد توصف، لحظات القلب الخليّ، لحظات العقل الفتيّ، لحظات اللمسة الأولى، والنظرة الأولى، والهمسة الأولى، لحظات البسمة غير المتكلفة، والنظرات الزاخرة بالمحبة، ومشاعر الاشتياق الملتهبة.. البكر خليّة البال إلا من حبيبها، البكر تذهب إلى جامعتها أو مدرستها وقلبها معلّق بشيء آخر، تعود لتقضي وقتها مستقصيةً الطرق التي تتقرب بها إلى رجلها، البكر -لصغر سنها وحداثة أسنانها وقلة تجاربها مع الرجال- تميل إلى اللعب والضحك والسمر وبث الأشواق وارتشاف رحيق المحبة والعشق.

البكر تشدو وتغرِّد لحبيبها وترفّه عنه وتزيل ما أهمّه وأغمّه، يجول لسانها بين أزقّة الشعر المرهف، والنثر الرائق، حتى يقع على بغيته من أهازيج الهوى ورفيف أغاني الخُلّة، فيتراقص في فمها مداعبًا ثناياها البيضاء، ولثتها الوردية الشفيفة، فينتشر هذا الصوت البديع في الأرجاء، فتتراقص لرقصه نياط القلب وأحبال الحنجرة الحائرة.. البكر كنسمات الفجر الرقيقة الباردة، تلطّف الأجواء، وتزيل الوحشة، وتؤنس الرفيق.. في البكر لهفة على رجلها لاستكشاف بواطن حالةٍ لم تعشها، فمجرد شعورها بالرغبة في استكشاف ذلك المجهول يمتعك ويرضيك غاية الرضا.

بيننا ثيباتٌ تحسبهن أبكارًا من فرط الذكاء، يَسْكُنُ في جوفهن عقل فتاة وقلب بنوتة يافعة، ليس عن سفاهة، بل عن حكمة ورزانة، يدرين كيف تحتل إحداهن قلب حليلها وتتربع فيه على عرش ذهبي مرصع بالجوهر النفيس

البكر لم تعتد رؤية وليفها -أيًا كان نوعه- لذا تجدها دائمة التفرس في طلعته البهية وتفاصيل طَلَّتِه السنية، فترتاح نفسه لهذا التفرس أيما راحة. عقل البكر لم يتلوث بمخططات السيطرة على رجلها، ومؤامرات قتل روح الفكاهة، ونظريات الحموات الفاتنات، فالبكر على سجيتها، بل أرقى من سجيتها، تترفع عن لحظات التبكيت في أوقات اللقاء المحدودة، تستدعي البسمة -على بعدها- لتملأ فراغ دقائق حبيبها المعدودة..

تزوج الصاحب جابر بن عبد الله وكان شابًا صغيرًا، فأول ما تبادر إلى ذهن صاحبه الملهم الأعظم صلى الله عليه وسلم أن سأله: «أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟»، فقال: بَلْ ثَيِّبًا، فقال: «فَهَلَّا بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ». تلاعبها وتلاعبك، تمازحها وتمازحك، تضاحكها وتضاحكك، تمرحان معًا، وتسرحانِ معًا، وتطوفان بين سحائب الخيال معًا، تلتقطان معًا نسائم الحب، وترتشفان معًا رحيق الحياة، وتزوران معًا أكشاك النغم والألحان. 

البكر أشد خجلاً وحياءً، فكأنها تُسقاهما مع كل نسمة هواء، تتنفس الحياء بين النَّفسَيْن، تدّهِن بغسوله، فتتشربه بشرتها بشراهة، حتى يظهر أثره على محياها فلا تكاد تخطئه عيناك، ولا تلتفت لغيره أذناك، ولا يستجيب لغيره ضميرك الرابض في عمق عمقك.. 

البكر ضحوك بسوم، لا تتكلف الابتسام لأنه سجية في خلقتها، فكأنّ ثغرها مشقوق على هيئة البشاشة، بشاشة مرئية ومسموعة ومحسوسة، تراها مغمضًا، وتسمعها أصمًّا، وتحسُّها رغم البُعد ونأي المكان.. تقتحم الروحُ الباسمة عليك يومك، فلا تدعك تحظى بلحظة حزن أو ساعة اكتئاب، فكرم ابتسامها يحركها نحوك، فيمنحك من فيض بسماته بسمة أو اثنتين، أو يظل بك حتى تدبدب على الأرض من فرط القهقهة.

إن عقل البكر بكر، وقلب البكر بكر، ولسان البكر بكر، ونظرة البكر بكر، وسمع البكر بكر، وبسمة البكر بكر، وانتظار البكر بكر، وحب البكر بكر، ولهفة البكر بكر، وشوق البكر بكر، ودمعة البكر بكر.. فهلاّ بكرًا.. هلاَّ بكرًا.. وللأمانة: بيننا ثيباتٌ تحسبهن أبكارًا من فرط الذكاء، يَسْكُنُ في جوفهن عقل فتاة وقلب بنوتة يافعة، ليس عن سفاهة، بل عن حكمة ورزانة، يدرين كيف تحتل إحداهن قلب حليلها وتتربع فيه على عرش ذهبي مرصع بالجوهر النفيس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.