شعار قسم مدونات

زيلم وماليكا.. كيف يعيد الروس بسوريا تجربة تهجير الشيشانيين؟

BLOGS الشيشان

كما أنه كان هناك جاك وروز على متن سفينة تايتنك والقصة الواقعية المشهورة! فكان لا بُدَّ من وجود زيلم وماليكا على متن مقطورة من المقطورات المنفية إلى سيبيريا! وشتان ما بين القصتين طبعاً! زيلم في الخارج يُعدُّ الحطب ويُجهزه للبيت، فالشيشان وطقسها البارد معروف !لكن دماء شعبها على العكس من ذلك تماماً!

زيلم يلحظ مركبات روسية وجنود يدخلون قريته! دب الهلع في قلب زيلم! ماليكا لوحدها في البيت! تمسّك زيلم بالفأس الذي بيده وركض مسرعاً ناحية البيت، وجد جندياً روسياً على مشارف بيته يريد اقتحامه، فما كان من زيلم إلا أنه قتله بفأسه! زيلم يدخل البيت فيجد ماليكا بيدها سكين ترقب فتح الباب وهي خائفة! ينظر زيلم لماليكا ويطمئنها أنها بخير وأنه هنا لحمايتها.. ثم يخبرها أنه يجب عليهما أن يخرجا من البيت حالاً! قبل أن يرى أحدٌ الجثة أمام باب البيت!

يخرج زيلم وماليكا إلى بيت جارهما تُرْبُل ويطرقان الباب بقوة !يفتح تُرْبُل الباب ويرى عليهما آثار الخوف والفزع! لكن الغريب في الأمر أن تُرْبُل لم يستغرب من هلع وخوف زيلم وماليكا! تُرْبُل قائلاً لزيلم: قد أخذوا أكثر من في القرية ويجب أن نخرج قبل وصولهم! يخرج كُلٌّ من زيلم وماليكا وتُرْبُل وزوجته مريم إلى القرية فيُشاهدون أغلب أهل القرية يُرْموْن في المقطورات ويُحشرون فيها بأعداد هائلة ومن يأبى ذلك يُقتل فوراً!

الشيشان شعب بدينه وحبه لوطنه راسخٌ وشامخٌ في صفحات التاريخ بجَلَده وصموده وقوته.. واليوم الشام والغوطة تحديداً لا يزالون يعانون من ظلم وطغيان الروس الملاعين!

حينما رأى زيلم وتُرْبُل هذا المشهد قررا الهروب قبل أن يكون مصيرهما في مقطورة قطار لا يستطيعون حتى الجلوس فيها لكثرة الناس، ما إن التفت زيلم وتُرْبُل وإلا لاحظهم بعض الجنود! حاولوا الهرب ما استطاعوا.. لحقوا بهم!قاوم تُرْبُل شديداً حتى قتلوه هو ومريم أمام أعين زيلم وماليكا! فهكذا هم الروس الجبناء.. قتلة النساء! قاوم زيلم لكن خاف أن يصيب ماليكا شيء من هؤلاء الأرذال.. قاموا بأخذهم ودجّوا بهم في المقطورة!

ماليكا خائفة وزيلم خائف لكن ليس على نفسه إنما عليها.. اختلاط أصوات بكاء الأطفال وأنين الشيوخ وعويل النساء كان أمراً مهولاً! لكن الأعظم من ذلك على زيلم كان ما حصل لماليكا !بحكم جسدها الضعيف الذي ما عاد يقوى على الوقوف طويلا! ومع قلة الطعام والشراب وحتى الهواء.

ماليكا تُعاني وتتألم جسدياً ونفسياً! زيلم يُعاني أيضاً لكن لا يُظهر ذلك.. ماليكا تغمر نفسها في حضن زوجها زيلم وتسْكُن.. زيلم شعر بالراحة قليلاً حينما أحس أن ماليكا هادئة.. لكن.. لم يدوم ذلك طويلاً! خرّت قوى ماليكا ولم تعدّ محتضنةً زيلم وإن كان الظاهر الأمر كذلك من شدة الازدحام والتصاق الناس ببعضهم البعض! شعر زيلم بذلك..! يخاطب زيلم ماليكا لكن ماليكا لا تجيب! ضاقت على زيلم الأرض بما رحبت بل ضاقت عليه نفسه أيضا..!

هي في حضنه نعم.. لكن هل هي بخير؟ توقفت المقطورة.. خرج الناس.. ماليكا لا تتحرك! زيلم يخرجها من المقطورة وإذْ بهم بأرض باردة جداً كيدي ماليكا مؤخراً..! لم يُبالي زيلم أين هو..! لكن ماليكا.. أنزلها على الثلج البارد والتمس قلبها وإذا به لا ينبض! ماتت ماليكا..!

تألم زيلم ألماً شديداً وحزن حزناً كبيراً! فلم يفارق وطناً واحداً الآن! لا…! بل وطنان.. الشيشان وماليكا…! وبينما هو بجانبها يلتمس وجهها ويُناظر ملامح وجهها التي طالما كانت تُفرحه.. أتاه جندي روسي قام بضرب زيلم برجله آمراً زيلم بالنهوض! هنا صبّ زيلم ما فيه من غضب على هذا الجندي القذر! حتى ما إن رآه أحد الجنود من الخلف وقام بإطلاق النار على زيلم! سقط زيلم بجانب ماليكا ودماؤه لطخت الثلج الأبيض بلون دمه الأحمر! مات زيلم وماتت ماليكا..!

قُتلت زوجة وقُتل زوج…! كما قُتل أب وأُم…! كما قُتل أخ وأُخت…! كما قُتل أطفالاً وشيوخ…! بسبب هذا الحكم الروسي الجائر بنفي شعب كامل لأنه لم يرضخ ولم يستسلم لا عن دينه ولا عن وطنه…! الشيشان شعب بدينه وحبه لوطنه راسخٌ وشامخٌ في صفحات التاريخ بجَلَده وصموده وقوته.. واليوم الشام والغوطة تحديداً لا يزالون يعانون من ظلم وطغيان الروس الملاعين! فاللهم أرنا بهم عجائب قدرتك وأنصر من يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.