شعار قسم مدونات

الاتفاق النووي.. كيف تحصل على أموال الخليج بطرق مختلفة؟

مدونات - تمرب يعلن انسحابه من الاتفاق النووي

"الاتفاق يغلق السبل أمام طهران لامتلاك سلاح نووي ويجنب الشرق الأوسط سباق التسلح "هكذا كان رد الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما على قرار ترمب بإلغاء اتفاق لوزان النووي، فحديث أوباما الذي يرمي بأن الاتفاقية أوقفت سلاح التسلح في المنطقة يؤكد من جانب آخر إلى أن إلغاء الاتفاقية سيعيد سباق التسلح مرة أخرى للمنطقة كلها، فالمستفيد الأكبر من نقض هذه الاتفاقية هي مصانع الأسلحة الأمريكية والخاسر الأكبر هي دول الخليج بعد أن أعاد ترمب الفزاعة ابتزاز دول الخليج عن طريق تصعيد المخاوف أخرى بعد أن كان الاتفاق النووي قضي عليها.
   
ففي العام 2015 خاطب الرئيس الفرنسي السابق هولاند عندما حل ضيفا على القمة الخليجية التشاورية قائلا: "الخطر الحقيقي هو إيران وعليكم التسلح لمواجهته" وإليك تقرير موقع fortune الأمريكي الذي قال فيه: إن الحرب على الرغم من أنها كريهة لكنها في ذات الوقت مربحة لسوق السلاح. هذا التقرير تؤكد صحته الأرقام الضخمة التي تنفقها دول الخليج لشراء الأسلحة ففي العام 2016 وحده باعت أمريكا أسلحة بقيمة 33 مليار دولار لدول الخليج.

 

وليته كانت هذه الأسلحة أسلحة نوعية أو تحقق تكافئ في موازين القوى، ولكن أمريكا لا تسمح بأن تمتلك أي دولة عربية سلاحا نوعيا أو يتفوق على الترسانة الصهيونية الأمر الذي تعرفه هذه الدول جيدا، إسرائيل عقدت صفقة أسلحة مع أمريكا تم بموجبها إرسال طائرات F35 للكيان الصهيوني وهذا أمر غير مسموح به للدول العربية. وسياسة ترمب كانت واضحة منذ الدعاية الانتخابية التي وضح فيها نظرته تجاه الخليج بأنهم عبارة عن سلة من المال يريد الانقضاض عليها بأية وسيلة وهذا ما قاله بالضبط: "نريد إقامة منطقة آمنة في سوريا. سأذهب إلى دول الخليج التي لا تقوم بالكثير، صدقوني. دول الخليج لا تملك شيئاً غير الأموال. سأجعلهم يدفعون. لدينا دين عام يقدّر بـ 19 تريليون، ولن ندفع هذه الأموال. لن ندفع، هم من سيدفعون".

  undefined

 

وهذا ما حققه بعد أول زيارة له بعد فوزه بالانتخابات عندما غرد فور عودته من الجولة التي بدأها بالسعودية "عدت من الشرق الأوسط مئات مليارات الدولارات و هذا يعني وظائف، وظائف، وظائف" إلى آخر تصريحاته وتهديده بالانسحاب من سوريا ما لم تدفع له السعودي تكلفة هذا الوجود يقول "السعودية مهتمة جداً بقرارنا. حسنا، كما تعلمون فإذا كنتم تريدوننا أن نبقى فربما يتعين عليكم أن تدفعوا "وغير ذلك من التصريحات التي تؤكد نظرته الحقيقة لدول الخليج. وأمريكا قبل ذلك كله على علم بكل تفاصيل المفاعلات النووية الإيرانية ولن تسمح بأي خطر يهدد حليفتها المدللة (إسرائيل) فلماذا لم تقم بضرب هذه المفاعلات؟ أو تعطي إسرائيل الإذن بضربها؟ كما سمحت لها في العام 1981 بضرب المفاعل النووي "تموز" فيما عرف بعملية أوبرا.

 

كل هذه الأسئلة تؤكد أن سياسية أمريكا تجاه إيران أنها أكبر مصدر للحصول على الأموال الخليجية. ومن الجهة الأخرى أمريكا تخضع للوبي الصهيوني الذي يمثل أكبر اللوبيات المؤثرة على القرار السياسي للولايات المتحدة ومحددا سياستها الخارجية، هذا اللوبي الذي عبر منذ البداية عن امتعاضه الشديد من هذه الاتفاقية، واستهجنها رئيس الوزراء الإسرائيلي وأعتبرها تهديدا لأمن إسرائيل فعملت على إلغائها منذ اليوم الأول لها، فبنقض هذه الاتفاقية ستنتعش تجارة بيع السلاح مرة أخرى وسينتعش الاقتصاد الأمريكي بالأموال الخليجية مرة أخرى وبصورة أكبر، فالخاسر الأكبر من قرار الانسحاب من هذا الاتفاق هذه الدول التي ستعود مرة أخرى لعملية الابتزاز الأمريكي إعادة الفزاعة الكبرى لهم للعمل.

 

هذا من جانب ومن جانب فالاتفاق وإن كانت الدول الأوروبية ما تزال تصر عليه إلا أن مصيره الانهيار التام؛ أولا لأن إيران خضعت له من أجل رفع العقوبات التي شلت اقتصادها، فأمريكا ستعاقب أي شركة أوروبية تعمل في إيران بصورة مباشرة او غير مباشرة الأمر الذي يجعل الاتفاقية غير مجدية. وثانيا: أوروبا ستخضع لقرارات أمريكا وإن كانت تصريحات المسؤولين الأوروبيين تقول غير ذلك فالمسألة مسألة وقت وتعاد الفزاعة للعمل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.