شعار قسم مدونات

مارتن غريفيث وعملية السلام اليمنية

مدونات - مارتن غريفيث
يبدو أن المبعوث الدولي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث يحاول أن يحدث اختراقا في الأزمة اليمنية والوصول إلى حل سياسي يرتكز على المرجعيات الثلاث والتي هي مخرجات الحوار الوطني ومبادرة دول الخليج والقرار الدولي رقم 2216. يعرف المجتمع الدولي والتحالف العربي والحكومة الشرعية اليمنية أن جماعة الحوثي ليس لديها استعداد للتخلي عن السلاح وحل مليشياتها المسلحة والانسحاب من المدن التي تسيطر عليها. إذا كان المجتمع الدولي يعرف أن هذه المليشيات لا تؤمن بلغة السلام والتعايش والاعتراف بالآخر، فلماذا يضحكون على البسطاء في هذا البلد الذي انهكته الحروب والصراعات، أم أن المجتمع الدولي يحاول أن يجعل اليمن لبنان أخرى، وأن يجرى تقسيم اليمن على أسس طائفية.

 

لا نعرف ما الذي دار بين المبعوث الدولي والمليشيات الانقلابية في صنعاء. مكث المبعوث الدولي لأكثر من أسبوع والتقى بقيادات المليشيات الانقلابية وهناك أنباء تقول أنه التقى بزعيم جماعة الحوثي، عبد الملك الحوثي عبر دوائر تلفزيونية مغلقة. السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة، هل تلقى المبعوث الدولي إشارات من جماعة الحوثي بأنها ستقبل بعملية سلام وستتخلى عن السلاح وستشكل حزب سياسي وتنخرط في أي عملية سياسية مستقبلية، وعلى ضوء ذلك تحرك المبعوث الدولي وبدأ متفائلا بل ومصمما على إحراز تقدم في العملية السياسية. هناك معلومات تقول أن سلطنة عمان ستلعب دورا في العملية السياسية المستقبلية لكن، بشرط أن تخرج الإمارات من اليمن. نعرف أن سلطنة عمان لديها علاقات جيدة بجماعة الحوثي وأيضا ببعض الشخصيات السياسية التابعة لحزب المؤتمر الشعبي العام الذين يعيشون في مسقط.

 

تعلمنا من الجولات السابقة أن جماعة الحوثي لا تمانع أن يكون هناك حلا سياسيا لكن بشرط أن تبقى هذه الجماعة مسيطرة على الأسلحة التي نهبتها من معسكرات الجيش اليمني إبان انقلابها على الدولة اليمنية في عام 2014. كان يتوصل المبعوث الدولي السابق إلى مسودة للتوقيع عليها ويصطدم بعراقيل من قبل جماعة الحوثي حين ترفض التوقيع على الملحق الأمني، وقد صرح المبعوث ولد الشيخ أحمد في آخر إحاطته لمجلس الأمن أن جماعة الحوثي هي من أفشلت حوار الكويت ورفضت التوقيع على الملحق الأمني.

   

 مارتن غريفيث (الأوروبية)
 مارتن غريفيث (الأوروبية)

  

لا نعتقد أن جماعة الحوثي سترضخ لأي عملية سياسية مستقبلية الا بشرط أن تحافظ على مليشياتها المسلحة والسلاح الثقيل وهذا غير مقبول من قبل الحكومة الشرعية، لأنه إذا بقي السلاح بيد جماعة الحوثي فسوف تنقلب على أي عملية سياسية مستقبلية بقوة السلاح وقد رأينا في العام 2014 حين انقلبت هذه العصابة على اتفاق السلم والشراكة.

 

علاوة على ذلك، إن أي عملية سياسية مستقبلية لا تنتزع السلاح من يد مليشيات الحوثي ومليشيات الانفصال المدعومة من دولة الإمارات معنى ذلك الدخول عمليا في حرب عصابات واغتيالات وفوضى عارمة. وفوق هذا وذاك، أي عملية سياسية مع مليشيات الحوثي المؤدلجة، معنى ذلك ان يضفي المجتمع الدولي شرعية لهذه المليشيات الطائفية في الوقت الذ عجزت ان تنتزع شرعيتها بقوة الحديد والنار، وبالتالي سيكون لها حصة في أي حكومة مستقبلية على أسس طائفية مما يعني تحول اليمن إلى لبنان أخرى، وهذا ما نخشاه.

 

نقولها وفي حلوقنا مرارة أن المشهد السياسي اليمني خرج من يد أبناء اليمن وأصبح بيد دول إقليمية ودولية. لذلك، مستقبل العملية السياسية اليمنية مرهون بالإرادة الدولية والاقليمية. هناك أطراف دولية تحاول أن تنجز عملية سياسية ولو هشة من أجل تنفيذ مشاريع أكبر خطورة ليس على اليمن فحسب ولكن على دول الإقليم. كما أن هناك دول عظمى تريد أن تبقى المليشيات الطائفية ورقة بيدها كي تبتز دول الإقليم وهذه هي سياسة أمريكا الحالية في المنطقة. مما يزيد الطين بلة هو أن بعض الدول المشاركة في التحالف العربي لا تركز على جماعة الحوثي ولا تعتبرها عدوا لها وإنما على أطراف في الشرعية اليمنية. للأسف تريد هذه الأنظمة تصفية الشرعية اليمنية قبل أن تصفي جماعة الحوثي. ولكن، سينقلب السحر على الساحر وسيندم كل من فرط في اليمن، والأيام ستثبت ذلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.