شعار قسم مدونات

مقياس حريتنا هو مجرد قلم..

blogs كتابة

للقلم سحره الخاص، كان سببا في وقوع أزمات، نكبات وانتكاسات.. حتى إنه كان خلف أغلب الثورات. كذلك هو سبب رقي حضارات إلى العلى. هو من تجليات حرية الأفراد فكريا داخل الجماعات. كل من يسعى إلى قمعه يحاول السير بنا عكس تيار التقدم، بل ويحاول إرجاعنا عقودا إلى الوراء. فالكتابات بجميع أنواعها هي عملية يستحضر خلالها الكتاب أنفسهم وأفكارهم ليعرضوها على القراء. لهذا يجب احترام هذه الأفكار وإن تعارضت مع معتقداتنا.

 
في غالب الأحيان يأتي التضيق من طرف الحكومات الديكتاتورية، التي تحاول بشتى الطرق قمع هذا السلاح الذي هو في الحقيقة سلاح من لا سلاح له. هنا يأتي الدور على الدرس الذي فشلت جميع الأنظمة الظالمة على مر التاريخ في فهمه.. إنه يمكنك قمع الأقلام والأصوات الحرة على سواء، لكنك لن تنجح أبدا في إجهاض ذلك الفكر المتنور الثوري الذي ينتشر داخل الجماعات كما تنتشر النار في الهشيم. لأنه بقمعك لتلك المجموعة منعت الذين لهم جرأة على الكلام فقط لكن الحقيقة لا زالت كما هي عليه والجميع على علم بها بل بتصرفك هذا أكدت الفرضيات ومحوت كل الشك، فلماذا كل هذا التضييق؟ نحن في حاجة إلى مثقفين ملتزمين، لهم ملكة النقد يدافعون عن قضايا الديمقراطية، قادرون على تخطي جميع الحواجز بينهم وبين القارئ. لكي تصل الفكرة كما هي عليه.

 

أثناء غزوها على العراق وأفغانستان استعملت أمريكا إجراءات للتخلص من الصحافيين الجادين المعروفين بالتزامهم بقضايا الجماهير، وكانت هذه الطريقة تستخدم في المؤتمرات الصحفية للرئيس حتى لا يتم إحراجه

وكي تتسم شهادتي بشيء من الإنصاف سأعرض عليكم مكامن الخطأ من الجهتين، نعم يا سادة فالحكومات ليست هي السبب الوحيد وراء هذا العبث. حتى مثقفونا نجدهم منهمكين في التفاهات فذاك الذي يكتب للأمة عن آلامها أحزانها ووصفة علاجها صار يكتب عن الحب يؤلف قصصا وروايات عن المراهقة التي هربت من بيتها.. بكل بساطة لأنه وجد أعين بني شعبه موجهة نحو التفاهة.. مثقفونا ونخبنا إلا من رحم الله ليسوا سوى إنعكاسا لحالنا نحن أيضا.
    
الآن صرنا أمام واقع أشبه بجرم بئيس، تركيبته جد معقدة يبقى الأمل الوحيد هو تشبث الأقلام الحرة بما بقي فيهم من نقاط قوة في انتظار اليوم الذي تستيقظ فيه الشعوب، التي يستحيل قهر إرادتها وعزيمتها. ما يزيد من تعقيد هذا الوضع وجود متطفلين في الصورة، وجود أقلام مأجورة احتكرت أغلب المنصات لسنوات بالنسبة إليها المستضعفون هم الأعداء، مسيرة من طرف لوبيات عملاقة تحارب كل من قال كلمة حق.

 

كمثال حتى لا نستمر في الحديث المشفر وكي تتيسر الصورة للقراء. في حربها على الإرهاب وغزوها لأفغانستان والعراق جندت الإدارة الأمريكية إمكانيات كبيرة لتجميل صورتها في العالم كما جندت عددا كبيرا من الصحفيين واستخدمت وسائل الإعلام كوسائط دعائية للحكومة. وبذلك جندت وكالة المخابرات المركزية عددا لا يستهان به من الصحافيين في عملية التضليل والتبرير والتلاعب الإعلامي من أجل كسب الرأي العام ومن جهة أخرى ومقابل التقرب وكسب ود الصحافيين، استعملت أمريكا إجراءات أخرى للتخلص من الصحافيين الجادين المعروفين بالتزامهم بقضايا الجماهير، وكانت هذه الطريقة تستخدم في المؤتمرات الصحفية للرئيس حتى لا يتم إحراجه بأسئلة جدية ومبنية على معطيات وحقائق من الميدان. ففشل أمريكا في حربها على الإرهاب بررته مؤسسات إعلامية كبيرة وقدمته للرأي العام سواء في أمريكا أو في العالم على أنه نجاح.

 
ختاما وكي لا أطيل، كلمة واحدة لخصت بالنسبة لي الوضع قالها بعض الأحرار "سنقاوم" يتجلى فيها قول ابن تيمية رحمه الله: "أنا جنتي في صدري أحملها معي أينما ذهبت فسجني خلوة وموتي شهادة ونفيي سياحة إفعلوا ما بدا لكم". فيا نخبة الاحتكار والتحكم نقول لكم افعلوا ما شئتم لن ترعبونا سَنُدَوِّن ونقول الحق حتى لو أدينا ارواحنا ثمنا لهذا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.