شعار قسم مدونات

من آمال الياسمين إلى دموع المقهورين

مدونات - الغوطة - epa06633246 A handout photo made available by the official Syrian Arab News Agency (SANA) shows Syrian civilians leave the Douma area of rebel-held Eastern Ghouta via a humanitarian corridor leading to al-Wafideen camp, Damascus, Syria, 27 March 2018. According to SANA’s correspondent hundreds of civilians who had been held by terrorist organizations in the Douma area of Eastern Ghouta exited the area via the humanitarian corridor leading to al-Wafideen Camp in Damascus Countryside. EPA-EFE/SANA HANDOUT HANDOUT EDITORIAL USE ONLY/NO SALES

لوحوا بأحذيتكم للمقهورين الذين أخرجتموهم عنوة، وَاسْكُنُوا في بيوت كانت شاهدة على أحياء، فصارت أثرًا بعد عين، شردوا واشتتوا واقتلوا لكن الأيام دول والزمان يدور والتاريخ لن يرحم تخاذلكم وفظائعكم التي اقترفتها أياديكم الملطخة بدماء الأبرياء، ارفعوا بساطيركم العسكرية أمام العالم حتى يشهد صنيعكم، مزقوا جثث رحلت أرواحها إلى السماء، مهما دستم ببساطيركم العسكرية أرض الياسمين سيزهر الياسمين وسنعود؛ قسمًا سنعود، وستشرق شمس الحق يومًا حتى وإن دستم تراب الغوطة وظننتم حقاً أنكم انتصرتم فغوطتنا وطن، وحب الوطن لن تطاله يد الغي، ولن يداس في قلوبنا والنصر آتٍ لا محالة.
 
أيها الكائنات الهمجية سترحلون وسيزهر اللوز في كف المكلومة سوريا، أملنا بالله حتى وإن انقطع النفس، سيحمل أنفاسنا الثائرة الأحفاد ولن يطول ليل الظالمين.

 

خرج الأهالي من مساكنهم، وذكرياتهم تسكن في قلوبهم، الدموع المنهمرة هي المشهد الحاضر؛ وداعًا يا أرضًا عشت بنا وعشنا بها، وداعًا يا أمانينا المسكونة بالحنين إلى العودة لهذه الديار، وداعًا يا بيوتًا شهدت ضحكات الصبية في وضح النهار، وداعًا أيتها الأرض المباركة المجبولة برفات الشهداء، وداعًا يا أرواحًا تركنها وخرجنا عزلاً بأجسادنا التي أعياها ظلم ذوي القربى وداعًا وأي وداع..!!

 

أي ألم بعد هذا الموت الذي يسكن في كل أركان الغوطة، تقول إحدى الحرائر لم نعد بوسعنا التحمل، نرى أولادنا يموتون تحت القصف، أنتظر ابني حتى يفارق الحياة يلفظ أنفاسه أمام الكاميرات

آهٍ أيها العالم المترع بكأس الموت لَمِ لَمْ تمهل أماً أعدت الشطائر لأولادها صباحاً حتى أصبحوا أثرًا بعد عين في المساء..!! لم نعد نسمع أصوات الصبية في أوج موسم اللوز وهن يتشاطرن على وضع أكاليل الورد على أعناقهن، ذهب الذين كنا نحبهم، ضحكات الأطفال الشقر، ووجه الغوطة الجميل، وأطايب الطعام من آياد النسوة المزروعات كجمال هذه الأرض، لم نسمع سوى استغاثات من تبقى من أرواح تحت الانقاض، وصرخات تستنجد من فم الأيامى والمكلومات والشيوخ والأطفال هل بالفعل صنعت الأمة كتلك القطة التي أكلت أولادها!..

 

الكل مدان الحجر والشجر وكل من دب على هذه الأرض إرهابي، الإرهابية تلكم الملامح الطفولية التي تسترق قبلة من أمها قبل النوم، هم الأطفال الذين يختبؤون في حضون أمهاتهم، فكيف لهم أن يناموا بسلام..! الإرهابيون يتنقلون في مدارسهم تنعى أسماؤهم في مكبرات المساجد، الإرهابيون يقصفون دون رحمة ولا شفقة ألا تبت أياديكم أيها العالم المجنون..!

 

في مشهد طفولي والسماء ملبدة بالغيوم السوداء، تمطر بالدماء على وجنتي تلك الطفلة، نامت وفي عينيها يسكن ما تبقى من مخيلتها لأمها في آخر ابتسامة وهي تودعها قبل النوم، نامت وعلى وجنتها دمعة تلعن صمتنا، نامت لكنها لم تنم على حكاية ما قبل النوم، نامت نومتها الأخيرة لكن عين الله لم تنم. "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ".

   undefined 

غصن الطفولة المكسور في سوريا يئن، والجراح تترى، وسكينة الأعداء أصابت مخ العظم، والمصاب جلل، والغوطة تحترق، والبيوت خرت على رؤوس ساكينيها كل هذا الموت لم يحرك دولة عربية واحدة كي يتوقف نزيف الدم، أيها السوريون لا تستنجدوا أحداً، فلقد ماتت فينا الحمية فلم يعد فينا غير الذل والهوان. 
 

أي ألم بعد هذا الموت الذي يسكن في كل أركان الغوطة، تقول إحدى الحرائر لم نعد بوسعنا التحمل، نرى أولادنا يموتون تحت القصف، أنتظر ابني حتى يفارق الحياة يلفظ أنفاسه أمام الكاميرات، والدموع لا تجف والقلب يحترق ألمًا، وابني يموت بين يدي، كنت أتمنى له أن يفارق الحياة حتى لا يتألم أكثر، كنت أحضر الطعام وإلا بسقف البيت ينهار على رؤوسنا، تتابع قولها بحرقة الأم المكلومة، أتمنى أن يذهب ابني إلى الجنة سيكمل طعامه هناك.
 
نعم هناك في الجنة لا ظلم ولا براميل متفجرة تمزقنا ولا سجون يدخل الإنسان منها باسم ليخرج منها رقماً و جثة مشوهة. لكنه الأمل بالله، لن نقنط والله مولانا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.