شعار قسم مدونات

مستقبل العدالة والتنمية والنهضة التركية

مدونات - أردوغان

ربما لم يحظ حزب سياسي باهتمام ومتابعة إعلامية وجماهيرية في الشرق الأوسط وربما في العالم بما حضي ويحظى به حزب العدالة والتنمية التركي منذ تأسيه عام 2001 من قبل أعضاء كانوا بارزين في حزب الفضيلة الذي حلته المحكمة الدستورية التركية قبل تأسيس الحزب الجديد وكانت المجموعة المؤسسة للحزب تسمى بمجموعة المجددين في حزب الفضيلة وفي الوقت الذي يصنف فيه متابعون للشأن التركي بأن مؤسسي حزب العدالة والتنمية أنشقوا عن حزب الفضيلة أو عن معلمهم أربكان أبو الإسلام السياسي في تركيا إلا أنني لي رأي آخر ملخصه أن مؤسسي العدالة والتنمية ليسوا منشقين عن أي حزب آخر فحزب الفضيلة حل بقرار قضائي ولم يخرجوا منه وهو قائم وعلى العموم هذه ليست قضيتنا هنا.
 
ما أن تأسس حزب العدالة والتنمية في تركيا إلا وبدء نجمه باللمعان عبر تحقيق إنجازات انتخابية بارزة تلت التأسيس بمدة وجيزة ومنذ ذلك الحين والحزب يتصدر المشهد السياسي في تركيا عبر صناديق الاقتراح المدعومة بإنجازات عظيمة لمس أثرها المواطن والمراقب ولم تقتصر هذه الإنجازات على الجانب الاقتصادي فحسب كخفض معدلات التضخم التي وصلت إلى أرقام غير مسبوقة في البلاد قبيل صعود الحزب الوليد إلى سدة السلطة ناهيك عن تحسين دخل الفرد ونصيبه من الدخل القومي وتناقص معدلات الفقر والبطالة بصورة مضطردة، وتقليص المديونية بصورة مستمرة، ولم تتوقف إنجازات الحزب عند الجانب الاقتصادي بل شهدت السياسة الخارجية ايضًا تغيرات كبيرة فانتهجت البلاد سياسة خارجية منفتحة على الصعيدين الإقليمي والدولي وأخذت الدولة التركية تصنع سياستها الخارجية بناءً على مصالحها وليس بناء على علاقاتها بالآخرين كما كان الأمر سابقًا. ووضع الحزب أُطر عمل واضحة على كافة الصعد عرفت برؤية عام 2023 شملت هذه الرؤية الأهداف والبرامج الكفيلة بتحقيقها وقد قطع شوطًا كبيرًا بتحقيق هذه الأهداف في موعدها.
 

يتعين على كل أعضاء حزب العدالة والتنمية من مختلف المستويات التنظيمية والعمرية أن يقدموا مصلحة البلاد على المصالح الذاتية الضيقة فتركيا أكبر من كل الرموز والقادة

إن وضوح الأهداف والرؤية لدى حزب العدالة والتنمية ساعده على اجتذاب كفاءات وطنية في مختلف المجالات والتخصصات إلى عضويته مما منحه زخمًا إضافيًا وقوةً متراكمة انعكست ايجابيًا على الأداء العام، ومضى الحزب يقود تركيا نحو تبوء مكانةً مرموقةً في الساحتين الإقليمية والدولية عنوانها النمو الاقتصادي واستقلال القرار السياسي وتعزيز الحقوق والحريات العامة وتحسين القوانين والتشريعات بما فيها التعديلات الدستورية المتكررة والتي كان آخرها تحول البلاد إلى النظام الرئاسي بدل البرلماني والإنجازات التي حققها الحزب كبيرة ومتعددة يعرفها المواطنون الأتراك ويعرفها العالم.
 
ولما كانت هذه الإنجازات قد تحققت باصطفاف أبناء الشعب التركي خلف الحزب عبر منحه ثقتهم منن خلال صناديق الاقتراع في جميع الانتخابات التي خاضها منذ تأسيسه، وكذلك عبر التصدي بقوة وحزم للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت في شهر تموز من العام 2016 فإن ذلك يحتم على الجميع الحفاظ على هذه الإنجازات والمكتسبات المتراكمة عبر ما يقرب من عقدين من الزمان وأهم وسيلة للحفاظ عليها تماسك الحزب ووحدته خلف قيادته وعدم الانجرار وراء الأصوات التي تشكك بالحزب وأهدافه ومنجزاته لأن الخبرة والتجربة العملية هي التي تفند مزاعم تلك الأصوات وتكذبها.
 
كما يتعين على كل أعضاء الحزب من مختلف المستويات التنظيمية والعمرية أن يقدموا مصلحة البلاد على المصالح الذاتية الضيقة فتركيا أكبر من كل الرموز والقادة وتحقيق مزيد من الإنجازات يحتاج إلى الوحدة واللحمة لان معالجة أي خطأ أو تقصير لا يكون بتشتيت الجهود وشق الصف بل بالحوار المستمر والاستماع للجميع دون استثناء، وخاصةً مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكّرة التي يتعين على الحزب أن يخوضها موحدًا بقوة، ولعلي لا أبالغ إذا قلت بأن حزب العدالة والتنمية في تركيا ليس محط آمال وتطلعات الشعب التركي فحسب بل أصبح محط آمال الشعوب الإسلامية ولعل هذا واضح من إطلاق أسماء مماثلة على الأحزاب في دول إسلامية عدة.
 
ولعلي أقرأ ما يتردد عن نية المعارضة التركية ترشيح الرئيس السابق عبد الله غول العضو المؤسس في العدالة والتنمية للانتخابات الرئاسية محاولة لشق صفوف الحزب المتصدر للمشهد السياسي في البلاد منذ عقد ونصف ولكن على كل أبناء الشعبي التركي وخاصة أعضاء الحزب التنبه والالتفات في عاقبة هذا الأمر وفي مصلحة من يصب وأهداف من يخدم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.