شعار قسم مدونات

عادت الأيام والسنين وتكررت الأحداث ولم يعد العرب لفلسطين

مدونات - غزة ترمب بن سلمان

بعد مرور قرن من الزمن علي بداية تنامي الأطماع الصهيونية وسطوة الاستعمارات الغربية، متمثلة في صدور وعد بلفور المشؤوم لليهود بوطن قومي لهم علي أرض فلسطين التاريخية، والذي يعتبر عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وكان بداية لنكبة فلسطين ومعاناة الفلسطينيين من خذلان الأشقاء وتشفي وشماتة الأعداء وتنقلهم علي مدي قرن من الزمن من نكبة إلي نكبة ونكسة إلي نكسة وإبادة إلي إبادة ومن تغريبة إلي تغريبة، ولم تكتف البريطانية بإعطائها ما لا تملك لمن لا يستحق فحسب بل لم تدخر جهدا وبذلت قُصار جهدها في تحقيق هذ الهدف غير النبيل، وهو ما يجعلها صاحبة قضية جنائية بحق الشعب الفلسطيني وصاحبة مسؤولية تاريخية عن كل ما لحق بالشعب الفلسطيني من ويلات ومأساة وتنكيل وقتل وتهجير وتغريب وتشريد وتطهير.

 
وقد وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولي وعملت بريطانيا علي استجلاب المستوطنين اليهود إلى فلسطين وتشجيعهم علي الهجرة إليها، وعندما أدرك الفلسطينيون ما يدبر لهم من مكائد هبوا سنة 1920 مطالبين بإلغاء الانتداب البريطاني علي فلسطين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكن بريطانيا أصمت الآذان عن تلك المطالب واستمرت في انتدابها وغضت الطرف عن وجود عصابات إرهابية يهودية ارتكبت العديد من الأعمال العدوانية والتخريبية ضد الشعب الفلسطيني، فيما رد الفلسطينيون علي ذلك بالكفاح الذي بلغ ذروته سنة 1936 حيث أعلنوا الإضراب العام واتحدوا في إطار موحد يعرف بالجنة العربية العليا وسرعان ما تحول الإضراب إلي ثورة مسلحة انضم إليها متطوعون من البلدان العربية المجاورة وتعددت عمليات التدمير للمنشآت البريطانية، فأرادت بريطانيا وضع حد للاضطرابات بإعلان مشروع التقسيم سنة 1938.

 

بقي وحدهم الفلسطينيون صامدون وقلة من العرب الوطنيون يكابدون تقلبات الزمن وقسوة الحياة يستغيثون، تتقاذفهم أمواج سطوة الاحتلال وكيد المتصهينين

وخلال الحرب العالمية الثانية أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد تأسيس دولة يهودية في فلسطين، وعقب الحرب العالمية الثانية قامت بريطانيا بإحالة ملف القضية الفلسطينية إلي منظمة الأمم المتحدة التي قررت فيما بعد تقسيم أراضي فلسطين إلي دويْلتين عربية وصهيونية، وإثر انسحاب بريطانيا من فلسطين يوم: 14/05/1948 أعلت العصابات الصهيونية المدعومة بريطانيا وأمريكيا قيام دولة إسرائيل، الأمر الذي رفضه العرب بل ورفضوا مشروع التقسيم ككل، فاشتعلت الحرب التي انتهت بانتكاسة العرب وأدت إلي توسع الكيان الصهيوني علي حساب الأراضي العربية المجاورة لدولة فلسطين.

 
وبينما العرب منشغلون عن فلسطين وقضيتها، في ثورات التسلح والعسكرة والاستبداد والإجهاز علي ثورات الربيع العربي واستئصال أحلام الشعوب العربية في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والحشد لحصار دولة عربية شقيقة وتشكيل تحالفات دولية وإقليمية لحرب عالمية علي قناة تلفزيونية، أعاد التاريخ نفسه في "مئوية بلفور" وجاء بوعد جديد للرئيس الأمريكي دونالد ترمب هذه المرة لكن لا يقل خطورة عن سابقه وعد بلفور المشؤوم، وتماما كما سبق انتكس العرب أو الأنظمة الرسمية العربية، في إيقافه ورفضه وأخفقوا في التصدي له بل إنهم استداروا نحو إسرائيل متسابقين لإرضائها وكسب ودها متجاهلين فلسطين وقضيتها متكالبين علي حركة حماس التي تقاومها وتمطرها بالصواريخ، والتي تعتبر هي القوة العربية الوحيدة التي تؤرق إسرائيل وتقض مضجعها، وتعد شوكة في حلقها، متجاهلين تاريخا طويلا من الدم المسفوك علي يد عدو واحد هو إسرائيل، بل أكثر من ذلك يعكفون الآن علي صناعة نكبة جديدة لفلسطين في الذكري السبعين لنكبة فلسطين تسمي "صفقة القرن" أو صفعة القرن بالأحرى لوأد حلم دولة فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية بمبادرة أمريكية صهيونية (مصرية) ورعاية وتبني من دول خليجية عبرية الهوي عربية الهوية.

 
فيما بقي وحدهم الفلسطينيون صامدون وقلة من العرب الوطنيون يكابدون تقلبات الزمن وقسوة الحياة يستغيثون، تتقاذفهم أمواج سطوة الاحتلال وكيد المتصهينين، متمسكون بحقهم في الاستقلال والعودة إلي فلسطين، مرابطون علي أرضهم، مثبتون للعالم عكس ما توهم أعداؤهم من أنهم "سيموت كبارهم وينسي صغارهم" وأنهم لم يمت كبارهم حتي وإن ماتت بعيدة عن الوطن أجسادهم ولم ولن ينس صغارهم حتي وإن عانوا ويلات اللجوء وخذلان الأشقاء وتكالب الأعداء، وأن فلسطين الحبيبة تسكن أرواحهم وعقولهم ووجدانهم وأنهم باقون ما بقي الزيتون في أرضهم، ومهما فعلت عصابة إسرائيل من سرقة للأرض وبناء للمستوطنات وجلب للمستوطنين سيعودون إلي أرضهم المقدسة التاريخية فلسطين، ولو بعد حين سواء طالت أو قصرت السنين

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.