شعار قسم مدونات

جهادا مسيرا لا مخير

مدونات - داعش تنظيم الدولة
نعم قد استمدت التنظيمات الإسلامية قوتها من القاعدة الشعبية الداخلية والخارجية حتى أصبحت دولية في عدة محاور، بدايتها بتشكيل تنظيم القاعدة في حرب الأفغان الأولى ضد الغزو السوفييتي وقد أفتى علماء المسلمين على رأسهم أبن عثيمين الجهاد ضد الغزو فأُرسل أسامة بن لادن إلى باكستان بعد سبعة عشرة يوماً من بدء الغزو وأصبح هو الرجل البطل الذي سينقد المسلمين على وسائل الاعلام العديدة وبتنسيق مع أئمة المساجد وبدأ يتردد بين جدة وباكستان لتأجيج شعور الشباب نحو الجهاد.

 

وفي عام 1984 تأسس مكتب الخدمات لتنظيم المشاركة العربية في الجهاد الأفغاني على يد ابن لادن، انطلقت هنا لأول مرة في تاريخ الإسلام عصبة الجهاد وأقصد بالعصبة هي القوات التي تنظم نفسها بنفسها دون العودة لدولة أو لفتوة أو لحاكم ينظمها إنما هي قوات متفرقة تتكاثر وتقاتل من إرادة نفسها، وفي هذه الحالة استطاع المجتمع الحاكم وضع كل الأشخاص المتشددين ضمن الدائرة الأفغانية في ظل الكبت الشعبي المفروض من الأنظمة آنذاك وقد وجد الشباب في الجهاد سبيلاً لإشباع غريزة التدين ولا ننسى البطالة لدى المجتمع حينها التي جعلت من الالتحاق لصفوف التنظيم وسيلة تملئ الفراغ الحاصل لا نتكلم هنا عن منطقة محددة بل بشكل عام في كل الشرق الأوسط أصبحت الدعوة للجهاد أمر غاية في الأهمية.

 

كان تفكير الشاب كصفحة بيضاء فارغة تحتاج قلماً يكتب فيها ما يشاء، وهنا تأتي التنظيمات المتطرفة وتستغل الفرصة وقد امتلكت فن في قيادة عقول الشباب. فكان طريقهم للتنظيم سهلاً

هذا في حرب السوفييت لأفغانستان أما في حرب العراق نذكر محمد قول آغاسي (أبو القعقاع) إمام مسجد في محافظة حلب السورية الذي أعلن صرخة على منبره للجهاد ضد الغزو الأمريكي على العراق وجد توافد كبير له من الشبان من عدة محافظات في زمن الحكم الجبري الذي حرّم ممارسة الشعائر الدينية كالصلاة لمن يخدم في الجيش أو حتى مراقبة من يدخل للصلاة في كل المدن السورية وعلى مر عقود وبعد المجازر التي ارتكبت بحق من أعلن انتمائه للإخوان المسلمين.

 

في هذه الظروف جاء من يُعلن الجهاد ويحرض عليه، وقد أُرسِل على يد أبو القعقاع العديد من الشبان إلى العراق بشكلٍ مرِّن سهل ميسر للجميع فكان للتنظيمات الإسلامية المسلحة أكبر حصة من هؤلاء الشباب وعندما انتهت المعركة دُفِن من قتل وسجن من عاد وهذا كان حال جميع الشباب من كافة البلدان العربية والعالمية وقد التقيت مع العديد من المعتقلين في سجون الأسد الذين عادوا من المعركة في العراق إلى السجن والنظام السوري هو من مهّدَ لهم الطريق عن طريق إمام مسجد يدعو الشباب للجهاد السؤال هنا لما يعتقلهم إذ أنه لم يمنعهم القتال.
   
في كِلا الحالتين الأفغانية والعراقية نجد نفس الأسلوب في التعامل من الأنظمة المجاورة، عندها يكون لنا واقعنا مثالاً أكبر، في الربيع العربي وانفلات في الأنظمة الحاكمة وسهولة إمكانية التواصل في شبكات الإنترنت الحرة سمحت للشباب قراءة كتب لقادة في التنظيمات وتحريض من التنظيمات للشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي فرصة في التعرف بشكل أكبر عليهم وتم عن طريقهم تكريس فكرة أن الأنظمة الحاكمة كافرة والسكوت عنها اكثر كفراً وأن تنظيم داعش هو من يمثل الإسلام بعيداً عن جهل الشباب في أمور السياسة والدين او الراديكالية والجهل كان بيت شعرٍ لابد من قصه في كل الدول العربية.

 

بتنا نسمع أن العالم يرى الإسلام بعين تنظيم الدولة وبأن الإسلام هو دين القتل والذبح بل الحرق أيضاً
بتنا نسمع أن العالم يرى الإسلام بعين تنظيم الدولة وبأن الإسلام هو دين القتل والذبح بل الحرق أيضاً
 

كان تفكير الشاب كصفحة بيضاء فارغة تحتاج قلماً يكتب فيها ما يشاء، وهنا تأتي التنظيمات المتطرفة وتستغل الفرصة وقد امتلكت فن في قيادة عقول الشباب. فكان طريقهم للتنظيم سهلاً والانضمام لصفوفه لا يحتاج إلا شاب عاش مجتمع ملتزم دينيا ونظاما علمانيا وعلماء إن لم يكونوا متخلفين أو خائفين من نشر الوعي بين الناس فهم علماء سلاطين كانوا أدوات للحكام بينما بقينا نحن مجتمع منغلق يعيش ضمن هالة من السيرة النبوية وقصص الأنبياء وكيفية الصيام والصلاة ، لكن المختلف في المسألة السورية أنه كان دوراً إقليمياً في الالتحاق كالألمان والبريطانيين وقد وصفت صحيفة االتايمز مدينة منبج الواقعة بريف حلب بأنها لندن مصغرة لكثرة المهاجرين اليها بعد سيطرة تنظيم داعش عليها.

 
وبتنا نسمع أن العالم يرى الإسلام بعين تنظيم الدولة وبأن الإسلام هو دين القتل والذبح بل الحرق أيضاً غير أن كل الدول تتخلص رويداً من الشباب الذين حملوا فكر التطرف ، وبهذه الحالة بات التنظيم السبب الأول بتشويه صورة الإسلام بل وأن الدول الإقليمية أكثر استفادة من التنظيمات الإسلامية على كافة الصعد، وجدنا أصابع إتهام بتمويل دول عربية وعالمية لهذه التنظيمات وكانت حصة تركية الأكبر بفتح حدودها للدخول وإغلاقها للخروج من مناطق التنظيم. وجدنا دعماً بشكل غير مباشر يتم لتلك التنظيمات لأن وجودها لم يكن خطراً بل كانت إيجابياتها أكثر من سلبياتها بالنسبة للأنظمة التي تحكم العالم.
 
وهنا كانت سياسات الدول وضع الشباب في بؤرة يسهل التخلص منها والتنظيمات في بعض الأوقات ورقة رابحة لوضع قواعد والسيطرة استراتيجياً كما حصل في كل المناطق التي سيطرت عليها التنظيمات المتطرفة وآخرها كانت سوريا أكثر من عشر قواعد عسكرية لدول مختلفة بعد محاربة تنظيم داعش، ها قد قطع رأس تنظيم الدولة داعش بعد أن سمح له بالتمدد من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب، لكنه انتهى بعد رسم صورة الإسلام المتطرف في رأس جيل كامل، انتهى بعد تدمير مدن بكاملها، انتهى بعد أن تخلصت دول العالم من كل المتطرفين من أراضيها لسوريا،انتهى واخذت ارضه لوجوه احتلال وبناء قواعد وفرض إتاوات من أقطاب تحكم العالم على دولة بسيطة كسوريا.

 

انتهى ووقفت سوريا على طابور التقسيم
ونكرر باتت أمريكا تملك فن في قيادة العقول الإسلامية المتطرفة

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.