شعار قسم مدونات

ألَمْ يحن الوقت بعد لترتاح سيدي الرئيس؟

مدونات - بوتفليقة

سيدي الرئيس.. المنطق يقول أنّ شخصاً في مثل سنك بغض النظر عن منصبه لا بد وأن يركن إلى الراحة ويهتم بصحته ونفسه لا أن نراه يمارس عمل ما فكلما كبر الشخص نقصت قدراته الصحية والعقلية وهذه سنة الحياة، فما بالك ونحن نتحدث عن شخص في الثمانين من عمره حكم الجزائر لقرابة 20 سنة ويطمح لعهدة رئاسية جديدة أي إذا صحت فنحن نتحدث عن 25 سنة من الحكم.

سيدي الرئيس ظروفك الصحية لا تسمح لك بتاتا في إكمال عهدتك الحالية وأتعجب للأصوات التي تدعوك للترشح لعهدة رئاسية جديدة. سيدي الرئيس إنّ الأصوات التي تطالبك بالترشح لعهدة رئاسية خامسة والتي رشحتك سابقاً للعهدة الحالية لا تحب لك الخير ولا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية مستعملين في ذلك خطاب الشعبوية والوطنية والمتجارة بدماء الشهداء وجلهم من ضحايا التسرب المدرسي لذلك سيطلبون منك الترشح لعهدة رئاسية جديدة لأنهم لا يستطعيون تخيل أنفسهم بعيدين عن المزايا التي منحت لهم في فترة حكمك مظهرين لك الطاعة العمياء مقابل الاستفادة من الريع البترولي. تذكر جيدا سيدي الرئيس أن الأصوات التي طالبتك بالترشح للعهدة الحالية والعهدة الخامسة ستكون ذاتها الأصوات التي ستنقلب عليك بعد تركك لمنصبك، الأمر ليس غريبا لأن ضحايا التسرب المدرسي ليست لديهم ذرة أخلاق وبوصلتهم في خياراتهم هي بوصلة المصالح.

سيدي الرئيس أتذكر جيدا خطابك الشهير بسطيف سنة 2012 وكان عمري وقتها 18 سنة أتذكر بأنك أقررت بعزمك على ترك الساحة للشباب بعبارتك الشهيرة "أنا جيلي طاب جنانه"، كان خطابا جريئا منك وقتها ولو جُسد لكان أروع، لا أعلم ما الذي دفعك للترشح لعهدة رابعة وخامسة ولا نفهم كيف عدلت الدستور وفتحت فيه باب العهدات الرئاسية التي أصبحت غير محدودة ومن ثم وعدت وجعلت العهدة الرئاسية تقتصر على عهدتين فقط!

 

سيدي الرئيس إن نخب شباب بلدك الذين قلت لهم في وقت سابق في خطاب سطيف أنه حان الوقت ليتسلموا زمام المسؤولية والمبادرة، ها هم اليوم يتعرضون للعنف والتهميش والتخوين من قبل محيطك

لكن لا علينا لست مخولا بمحاسبتك ولست هنا أكتب من أجل تقييمك وإنما أكتب هذه الأسطر لتذكيرك بما قلته سابقاً في خطابك الأخير للشعب الذي من وقته لم نعد نرى ونسمع عنك شيئا سوى صور أرشيفية لك في نشرات الأخبار، صور تجافي الواقع وكأن القائمين على مؤسسة التلفزيون الجزائري مازالوا يعيشون في حقب سنوات 2002 و2003، دون أن ننسى أنه ومنذ مرضك أصبح من هب ودب يتحدث باسمك ونحن في حالنا نتساءل أفعلاً الرئيس هو من يسير البلد لماذا يجري محادثات هاتفية مع رؤساء العالم كما يزعم محيطه ولا يتحدث مع شعبه؟ لماذا يستقبل رؤساء دول ولا يزور ولايات بلده؟ الشعب يريد رؤية الرئيس لا سماعه انشغالاته وتطلعاته؟ الجزائر ليست بوتفليقة! الجزائر التي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد ليست هي جزائر اليوم التي كان يطمح لرؤيتها شهداء الأمس!

 

في الدول التي تحترم نفسها، المسؤولية تكليف وليست تشريف إلا عندنا نحن محيط الرئيس يعتبر أننا مدينون للرئيس بما قام به من معجزات في نظرهم ويمنون علينا ذلك في وقت تقول المعطيات أن ما تملكه الجزائر لا تستحق أن تكون على ما هي عليه الآن! 20 سنة من الحكم بركات فلولا جغمة النفط التي غطت على فشلكم لما تجرأتم وتحدثتم عن انجازات هي بمثابة حقوق وأمور بديهية عند البلدان التي تحترم نفسها وشعبها.

سيدي الرئيس لا أحد ينكر أنك قمت بأمور تحسبك لك لكن محيطك يريد تشويه وتكسير كل ما بنيته بعزمهم على ترشيحك لعهدة رئاسية جديدة محبة في مصالحهم لا محبة فيك، وان حدث تم ترشيحك لعهدة رئاسية خامسة فاني أعلن استقالتي من مهنة المواطن إلى اشعار آخر ان أردت الترشح لعهدة رئاسية خامسة فأخرج وتحدث لشعبك وقل لهم ذلك وليس عبر محيطك الذي يتفنن في تخوين كل من ينتقد منظومة الحكم الحالية.

سيدي الرئيس أجزم أنك لو كنت على علم بما يمارسه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني من تهريج لما ترددت في تنحيته ومحاسبته وأجزم أنك لو كنت على دراية بما يمارسه البعض من تطبيل لك والتحدث بلسانك رغم أنك لم تلتق أحدا منهم كأمثال ضحية التسرب المدرسي المدعو بهاء الدين طليبة الذي لم نكن نسمع به سابقا الا حينما أصابتك الوعكة الصحية وكذا المحامي فاروق قسنطيني… متأكد أنك كنت ستؤدبهم لو كنت على دراية بما يفعلونه لكن سنك ومرضك سيدي الرئيس لا يسمحان لك حتى بمتابعة عائلة أسرية واحدة فما بالك بتسيير بلد وأمة!

سيدي الرئيس أدرك جيدا أن محيطك لا يخبرك سوى بأن البلد بخير والأمور تجري على ما يرام وكنت أتمنى لو رأيت ما تفعله وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط بالمدرسة الجزائرية ومشروع الغبرطة يطبخ على نار هادئة لو كنت على دراية بذلك لما سمحت لها بالمكوث في منصبها مدة يوم واحد لكنك للأسف لا تعلم!

سيدي الرئيس إن نخب شباب بلدك الذين قلت لهم في وقت سابق في خطاب سطيف أنه حان الوقت ليتسلموا زمام المسؤولية والمبادرة، ها هم اليوم يتعرضون للعنف والتهميش والتخوين من قبل محيطك وصناع القرار في البلد والذين أغلبهم من ضحايا التسرب المدرسي نحن نتحدث عن أطباء، وطلبة مدارس عليا تكمم أفواههم ويتم التشكيك في وطنيتهم من قبل ضحايا التسرب المدرسي لا لشيء سوى لأنهم طالبوا بحقوقهم، أدري جيدا أنك لو كنت على دراية بهذه الأحداث لما فكرت في الترشح للعهدة الحالية فما بالك بالعهدة الخامسة!

سيدي الرئيس كنا نتمنى منك في عهدتك الحالية زيارة ولايات الوطن لتتابع أوضاع شعبك وتحاسب المقصرين ممن وضعت فيهم الثقة وخانوا المسؤولية في خدمة الشعب والبلد لكن كما قلت لك سنك وظروفك الصحية لا تسمح لك بذلك بتاتا كيف لا وأصغر رقعة في منظومة حكمك أي رئيس البلدية يكتنز ويحصد الملايير نظير منصبه فلا رقيب ولا حسيب له والمتضرر في كل هذا هو المواطن فما بالك بالوالي والوزير وما خفي كان أعظم.

 مرضك وكبرك في السن أثرا بشكل كبير على البلد ولا ينكر ذلك الاّ جاحد ومنافق فأصبح من هب ودب يتحدث باسمك
 مرضك وكبرك في السن أثرا بشكل كبير على البلد ولا ينكر ذلك الاّ جاحد ومنافق فأصبح من هب ودب يتحدث باسمك
 

سيدي الرئيس ان عبارة برنامج فخامة رئيس الجمهورية هي شماعة يتشدق ويتفنن بذكرها ضحايا التسرب المدرسي ممن عنتهم للإشراف على خدمة الشعب فعند أي تعيين لهم أو فشل أو تصريح يصدعون رؤوسنا بعبارات نحن هنا لإتمام برنامج فخامة رئيس الجمهورية فلهذا البرنامج معروف ومطبوع ولا اطاره الزماني معلوم بل اني أجزم أن أغلب من يتشدقون بهكذا عبارات لا يعرفون في الأصل فحوى عبارة برنامج فخامة رئيس الجمهورية التي ظهرت في الأصل بعد مرضك وغيابك عن الظهور. مقتنع تمام القناعة أنّ عددا من وزراء الحكومة الحالية والسابقة لا تعرفهم في الأصل ومدرك جيدا أنه كان سيكون لك موقف آخر لما يحدث للبلد حاليا في ظل عجزك ومرضك لو كنت بصحة جيدة.

انّ مرضك وكبرك في السن أثرا بشكل كبير على البلد ولا ينكر ذلك الاّ جاحد ومنافق فأصبح من هب ودب يتحدث باسمك وطفح للعيان شخصيات جديدة من ضحايا التسرب المدرسي لم نكن لنعرفها لولا تقدمك في السن ومرضك الذي ألّم بك مؤخراً، فأصبحت النخب والطبقة المثقفة تهان وأصبح ضحايا التسرب المدرسي لهم صوت وكلمة وشأن في تسيير شؤون البلد.

جزائر العزة والكرامة التي يرى فيها ضحايا التسرب المدرسي أن منحة الـ 4000 دج لإخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة تكفيهم، جزائر العزة والكرامة التي تستورد ما تأكله في وقت من المفروض أننا نحن هم من نصدر. جزائر العزة والكرامة التي ما زالت إلى اليوم فيها وزارة لا توجد في أي حكومة في العالم وزارة المجاهدين التي تسخر لها ميزانيات ضخمة كان يا حبذا لو سخرت على قطاعات أخرى.

 

ففي جزائر العزة والكرامة يصنع ضحايا التسرب المدرسي الاستثناء كون أن عدد المجاهدين المسجلين في قوائم وزارة المجاهدين في ازدياد الأمر الذي يعني استمرارا في استنزاف الأموال ولولا جغمة البترول لكان ظهر منذ مدة فشل القائمين على برنامج فخامته ممن يتشدقون بحكايات أن الجزائر أفضل من السويد والولايات المتحدة الأمريكية لكن كما يقال للرداءة أهلها.

أخيراً وليس آخراً وهذا الكلام موجه لمن يهمه الأمر من شباب بلدي أن خيار الهجرة وترك الساحة والمجال لضحايا التسرب المدرسي لن يزيد الطينة إلا بلة تذكر جيدا أنك ساهمت بشكل غير مباشر في اتاحة المجال لهذه الكمشة التي لم ولن يثنيها عن رداءتها وتخريبها للبلد سوى النخب والطبقة المثقفة، سياسة تفريغ البلد من نخبه آتت أكلها للأسف في أعقاب فترة مرض الرئيس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.