شعار قسم مدونات

قطر.. الرقم الصعب في الشرق الأوسط

blogs قطر و ترمب

في مشاهدة بسيطة قد رآها القاصي والداني على وسائل الإعلام العربي والأجنبي حول نتائج زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة والتي ما زالت تتداعى عواقبها كل يوم حيث يبدو فشله في إقناع أمريكا تسليمه زمام القرار في الشرق الأوسط سببا في خيبة أمله ليظهر على وسائل الإعلام مترددا في الحديث والدبلوماسية.

 

فتراه مرة يقول الأسد لن يرحل ثم تراه مرة أخرى وفي مقابلة تلفزيونية أخرى يقرر أن يقف بجانب أمريكا لضرب الأسد ولا ننسى تصريحه عندما قال ليس لديه مشكلة في السلام مع إسرائيل ضاربا القضية الفلسطينية عرض الحائط ناهيك عن الشيك المفتوح في صفقات السلاح الأمريكية التي لم تمنع على الأقل صواريخ الحوثي من السقوط فوق الرياض مما اضطرهم لاحقا إلى إبعاد مؤتمر القمة العربية إلى مدينة الظهران ليأمنوا عدم وصول تلك الصواريخ، وفوق كل هذا يريد أخذ موقع القوات الأمريكية في سوريا والدخول في تجربة يمنية جديدة في سورية ولا أعرف هنا إن كان يريد من بقية دول الخليج الرضوخ لأمره ودفع الفاتورة للأمريكان أم لا؟ 

طبعا المقالة ليست ناتجة عن حقد بسبب الحصار على دولة قطر وإنما الشيء بالشيء يذكر وبالأخص عندما نجد أنفسنا مطالبين بأن نثق بشاب مترنح مثل ولي العهد السعودي لا يفقه بالسياسة شيئاً ويريد قيادة المنطقة الى الهاوية، وبالمقابل نرى سياسة بلدنا حكيمة ونحن واثقون تماما من سياستنا الخارجية وندين لها بالامتنان لما قدمته في سبيل الحفاظ على سيادة دولة قطر فنحن نتعامل مع جميع الدول على مبدأ الند للند واحترام سيادة الجميع مع التأكيد على أننا لسنا اتباع أحد ونتصرف كما تقتضيه مصالح بلدنا الوطنية.

 

الطريقة الدبلوماسية المحترفة التي رد بها الشيخ تميم  أثناء لقاءه بترمب كانت بمثابة تعبير عن سياسة قطر الخارجية
الطريقة الدبلوماسية المحترفة التي رد بها الشيخ تميم  أثناء لقاءه بترمب كانت بمثابة تعبير عن سياسة قطر الخارجية
 

وقد رأى الجميع كيفية تعامل الرئيس الأمريكي أثناء زيارة الشيخ تميم الماضية للولايات المتحدة في حديثه مع الأمير كان يسعى لحماية مصالحه مع دولة قطر من خلال استخدام دبلوماسية عالية المستوى وحديث متزن بعيد عن الابتزاز لأن السيد ترمب يعي تماما قدرات قطر السياسية والدبلوماسية ويعي أنه لو تكلم بطريقة خارجة عن حدود البروتوكول الدولي كما يتحدث مع بن سلمان فإنه سيفقد الكثير من المصالح مع دولة قطر والمنطقة.

 

أما الطريقة الدبلوماسية المحترفة التي رد بها الشيخ تميم أثناء لقاءه بترمب كانت بمثابة تعبير عن سياسة قطر الخارجية ولا أخفيكم شعرت عندها كمواطن قطري أنني أملك الكرامة والعزة والثقة التامة بسياسة حكومتي ودبلوماسيتها العظيمة وفي العودة إلى زيارة ولي العهد السعودي ولقاءه مع ترمب كنت أظن نفسي أمام تاجر في سوق الغنم يبيعون ويشترون بضاعته أمام الإعلام ويستعرضون قدراته المالية لكن الحقيقة العارية غير ذلك فالسياسة الأمريكية مبنية على المصالح.

 

فقد كان السيد ترمب في خطابه مع ولي العهد السعودي يحاول الفوز بأي مشروع يدر أموالاً على أمريكا حتى أنه لا يتوانى عن طلب الأموال من السعودية بمناسبة وبغير مناسبة وبالأخص تصريحاته الأخيرة ليس لها سوى معنى واحد هو التهديد والوعيد عندما يقول بما معناه "في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بواشنطن أكد ترمب أن على الدول الغنية في المنطقة أن تنشر قواتها في سوريا، ولكنه لم يذكر دولا معينة بالاسم". طالبا المدد بالأموال، ليظهر علينا بالأمس وزير خارجية السعودية حسبته عندما سمعته أنه الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض متفيقهاً بترجمة كلام ترمب بطريقة وقحة تبعث على الغرابة والاشمئزاز عندما قال "على قطر أن تدفع ثمن وجود القوات الأمريكية في سورية".

 

نحن لسنا مطية لأحد ولسنا قاصر حتى لا نعرف كيف ندافع عن سيادتنا كما تقتضيه المصلحة الوطنية كما أن الخيارات أمام قطر أكثر بكثير مما يتخيله الجبير وغيره من المهرولين نحو الهاوية لكل من لا يقرأون التاريخ جيدا نقول سوف تبقى قطر الحصن المنيع أمام أي هجمة عدوانية والمدافع عن الحق وعن المظلومين في كل مكان ولن تتأثر سيادة وطننا أو علاقاتنا الدولية بأي شكل من أشكال الحصار المبني على الحقد والكراهية واعترف هنا أن الحصار كان مفيدا لي حتى أعرف أن عظمة قطر في أبناءها وحكمتهم في تجاوز الصعاب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.