شعار قسم مدونات

شهر رمضان.. أزمة أم فرصة للتغيير؟!

blogs شهر رمضان

ظلت المنطقة التي أطلق عليها العالم الحديث الشرق الأوسط منطقة متخمة بأحداث عظيمة منذ قدم التاريخ أحداث تشمل الكل ويتم التعامل معها بصورة جماعية أحداثها يمتد تأثيرها إلى كل المناطق المحيطة وأكثر الكوارث التي كانت تضرب المنطقة أما كوارث بسبب الحروب أو الأمطار أو غيرها من المهلكات التي تجعلنا نفكر في سبل تعيننا على النجاة والمحافظة على الحياة في ظل ظروف قاسية وغير محتملة للإنسان العادي وهذا جعل إنسان هذه المناطق دائما ما يذهب بتفكيره إلى أن هناك أزمة لا محالة قادمة.

لذلك نجد أن شائعة قد لا يكون لها أساس من الصحة تحرك المجتمع كله ليتفاعل مع هذه الشائعة علي أنها أزمة قادمة توجب الاستعداد لها علي سبيل المثال إذا أشيع أن هناك أزمة في الوقود في دولة ما يقوم أغلب سكان هذه الدولة بالإسراع إلى محطات الوقود لملا علي الأقل خزانات سياراتهم هذا إن لم يقم الفرد منهم بتخزين إضافي يحمله علي سبيل الاحتياط مما يزيد من تفاقم الأزمة ويرفع وتيرتها ويطيل صفوف طالبي الخدمة أو علي سبيل المثال أيضا إذا كان هناك أزمة أو شح في الدقيق فتتحرك الناس جماعات ووحدانا لتخزين أكبر كمية منه مما يخلق أزمة حقيقة تتوالي من بعدها المصاعب وتختفي هنا المقولات مثل "حب لأخيك كما تحب لنفسك" و"لا ضرر ولا ضرار" وما شابه وتبرز عبارات ميكافيلية مثل أنا ومن بعدي الطوفان.

شهر رمضان تبقت له أيام ويحل علينا ضيف كريم مرحب به ولكن أيضا يتم التعامل معه كحدث يخافه الناس ويتعاملون معه كأنه أزمة يجب التفكير فيها وإيجاد معالجات لها بدء من الجو الحار انتهاء بما سوف يتم تناوله في اليوم الأول من رمضان فيذهب البعض إلى مناطق أقل حرا ويخاف الناس فيه من جوع النهار فينامون كل النهار ويسهرون كل الليل يأكلون حتي طلوع الفجر كل الوجبات التي حرموا منها بالنهار وبالزيادة بل لقد بدأ الاستعداد منذ الشهر الماضي في تخزين المواد الغذائية بكميات مهولة وشراء المكيفات وأجهزة التبريد وتم تجفيف ما يحتاج إلى تجفيفه من فواكه وتمور وشراء جوالات السكر وتخزينها ومليء قارورات الغاز الاحتياطي منها استعداد كامل شامل للسيد مطبخ والسيد غرف باردة هذا غير اختيار أماكن السهر للصباح في الخيم والفنادق.

علينا أن نساهم في تعديل ثقافة المجتمع ولنجعل رمضان لما شُرع له. رمضان يقترب فاستقبلوه بنظرة جديدة

لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الاستكثار من الطعام على وجه المدح أبدا بل قال ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه. يبقى لموسم رمضان ميزة خاصة في التغيير والانطلاق فموسم رمضان هو الطريقة الربانية للتغيير وكأن الله يقول لنا لمدة ثلاثون يومًا متواصلة سأفرض عليكم التغيير عليكم بالصيام وهو تغيير يتطلب الكثير من الإرادة مما يساعدنا على التغييرات الأخرى أي تغيير للأفضل ستؤجرون عليه أضعافًا مضاعفة، التغيير جماعي إذن فهو أسهل من أي وقت آخر في العام هل هناك رسالة أوضح من هذا ليخبرنا الله بأن رمضان هو شهر التغيير واكتساب العادات الجيدة ولكن الاستعداد له قبلًا يصنع فرقًا كبيرًا وما سنّ لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم سنّة الصيام في شعبان وما علّمنا الصحابة المواظبة على دعاء اللهم بلّغنا رمضان إلا ليفطّنونا لأهمية الاستعداد لرمضان قبل بدئه.

اعتزال رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وترك المباح في العشر الأواخر لدليل قوي لا يعتريه شك أن الأصل في رمضان حصول الروحانية والتجرد بخلاء البطن وصفاء الذهن لا الاستزادة على غير المألوف. إن السلف رحمهم الله كانوا ينصرفون عن كل العلوم النافعة ليتفرغوا للقرآن في شهر القرآن. يجب أن ندرب ونعلم أبنائنا على أنّ رمضان يحلو بغير تلك الموائد المتخمة.

علينا الإقلال من شراء أواني القهوة وأواني العصير والمستلزمات المادية الأخرى، يمكنك أن تجعل شهر رمضان فرصة لتقليل مأخوذك من السكر بأنواعه إذ توصي منظمة الصحة العالمية بألا يتجاوز مأخوذ الشخص من السكر خمسين غراما يوميا أي ما يعادل 122 ملعقة صغيرة ملعقة شاي كما تقول إنه يفضل تقليل هذه الكمية إلى النصف أيضا أي ست ملاعق. ويشمل ذلك أغذية عدة مثل السكر الأبيض بصورته النقية والسكر البني والغلوكوز والفركتوز والأغذية المصنعة والمشروبات عسل السكر والعصير وليس العكس في الشهر الكريم. علينا أن نساهم في تعديل ثقافة المجتمع ولنجعل رمضان لما شُرع له. رمضان يقترب فاستقبلوه بنظرة جديدة بلغنا الله وأياكم هذا الشهر وبارك الله لنا فيه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.