شعار قسم مدونات

بين الوزير وعياش والزواري.. هكذا اغتال الموساد فادي البطش

blogs فادي البطش

هو المهندس فادي البطش ابنُ قطاع غزة الحاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية والذي تم اغتياله في العاصمة الماليزية كوالالمبور أثناء ذهابه لقيام صلاة الفجر في المسجد، حيث تم إطلاق 14 عشر رصاصة عليه اخترقت إحداها رأسه من الخلف بواسطة إثنين كانا يستقلان دراجة نارية لم يتم تحديد هويتهم بعد، حيثُ التقط الشهيد فادي أنفاسه الأخيرة لبضع دقائق قبل أن ينتقل إلى رحمته تعالى بعشرات من الأبحاث والإنجازات العلمية التي حصل عليها طوال مسيرته العلمية المكللة بالفخرِ والنجاح.

 

وفي هذا المقام سنحاولُ دراسة هذه العملية الغادرة التي نجحت بخطف جسد الشهيد فادي البطش وسرد بعض الوقائع المتعلقة بهذه الحادثة وربطها وتحليلها لإثبات تغلغل يد الموساد الإسرائيلي في هذه العملية، هذا الموساد الذي لطالما طالت يده كل الرموز الوطنية والثورية الفلسطينية والعربية وصولاً للنوابغ الفكرية والعلمية التي من شأنها رفع اسم بلادها عالياً بإنجازاتها والتخوف الإسرائيلي من استغلال الدول هذه العقول العربية ضدها في مفهومها.

اغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" عبر فرقة كوماندوز بالثمانينيات:

اعترف الجيش الإسرائيلي بإيعازه للموساد بتخطيط وتدبير عملية لاغتيال للرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية بعد ياسر عرفات "أبو عمار" وأحد مهندسي الانتفاضة الفلسطينية ألا وهو "أبو جهاد". والذي تمت تصفيته من خلال عملية نفذتها فرقة كوماندوز مدربة وخاصة إسرائيلية استمر التخطيط لها سنوات عديدة والتي نجحت في نهاية المطاف في اغتيال أبو جهاد في منزله بتونس عام 1988 بوابل من الرصاصات التي تناثرت في مختلف أنحاء جسده، ليتخلص بذلك الموساد من أحد أكثر الشخصيات تأثيراً على الساحة الفلسطينية.

اغتيال يحيى عياش صاحب البصمة الأولى ومؤرق الاحتلال عبر تفخيخ هاتفه بالتسعينيات:
فيما يبدو أن كلمة هندسة بكل ما تحمله من أفرع وأقسام تقلق الموساد كثيراً بل وتكاد تؤرقه الليل والنهار وهو أشبه بصراع ولكن من نوع خاص، ألا وهو صراع العقول والأدمغة

نشرت القناة الإسرائيلية الثانية تفاصيل جديدة لاغتيال يحيى عياش عبر فيديو موثق للعميل الإسرائيلي المدعو كمال حماد من قطاع غزة الذي أوكلت إليه عملية تسليم هاتف مفخخ ليحيى عياش الحاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والذي كان البصمة الأولى لكتائب القسام والذي وضعه الموساد في قائمة أهم المطلوبين بسبب العمليات النوعية التي أسفرت عن العديد من القتلى في صفوف الإسرائيليين والتي نجحت عملية اغتياله في بيت لاهيا شمال قطاع غزة عام 1996 من خلال تفجير هاتفه المفخخ والذي جهزه الموساد الإسرائيلي لتصفيته بعد نجاته وإفلاته أكثر من مرة من أيديهم.

اغتيال محمد الزواري صانع طائرات القسام بدون طيار عبر إطلاق النار عليه أواخر عام 2016:

محمد الزواري المهندس التونسي الذي نعته كتائب القسام وحملَّت الموساد مسؤولية اغتياله بعد عملية غادرة استهدفته وهو في سيارته بمدينة صفاقس أواخر عام 2016 لنتفاجأ بأنه صانع سلسلة طائرات الأبابيل بدون طيار التي استخدمتها كتائب القسام في حرب العصف المأكول عام 2014 والذي كان بمثابة إنجاز نوعي وتطور عسكري مهيب للقسام آن ذاك والذي دبَّ الرعب في قلوب الجيش الإسرائيلي والموساد حول كيفية قيام القسام بصناعة هكذا نوع من الطائرات بقطاع محاصر جواً وبحراً وبراً، الأمر الذي استدعي من الموساد البحث والتعمق أكثر في تفاصيل هذه الطائرات والذي نجح في نهاية المطاف إلى التوصل لصانعها التونسي محمد الزواري الذي زار قطاع غزة عدة مرات ونجح في تعليم الكتائب مهنة تصنيعها.

فادي البطش أبحاث ودراسات كافية لترك قفازات الموساد في مسرح الجريمة:

صرَّحت القنوات الإسرائيلية الثانية والعاشرة بأن المهندس فادي البطش كان على علاقة وثيقة ووطيدة مع المهندس التونسي محمد الزواري وبأن فادي البطش كان له سلسلة أبحاث علمية تتعلق بتطوير محركات الطائرات بدون طيار وأبحاث أخرى تتعلق بدراسة التحكم في موجات "FM" لتدعيم وموائمة هذه الموجات مع الطيارات بدون طيار لتصبح قيادتها أدق وأسهل وأصعب في فك شيفرتها، وأيضا اتهامه المباشر بتصحيح مسار ودقة صواريخ كتائب القسام وفقاً للمعطيات العلمية الصحيحة والتي كان من شأنها تطوير مدى الصاروخ ودقة إصابته للهدف.

حيث وبعد كل ما نشره الإعلام الإسرائيلي حول دراسات وأبحاث للشهيد فادي البطش وعلاقاته يمكننا الجزم بأن الموساد هو وراء عملية اغتياله إذا ما قارناها في حساسية الأبحاث واستراتيجيتها التي خاضها وانجزها المهندس قبل استشهاده. ولذلك سنجد أن الموساد هو المستفيد الحقيقي والوحيد لعملية نوعية كهذه كان هدفها واحد لا يختلف عليه اثنان ألا وهو حد وردع قدرات حركة حماس داخل غزة في مواكبتها للتطور بكافة أشكاله ومعايره.

المهنة هندسة والمكافأة اغتيال من قِبَلْ الموساد:
عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي البارز في كتائب القسام والذي نجح الموساد باغتياله داخل فندق في الإمارات عام 2010 في عملية من أعقد العمليات في تاريخ الموساد

فيما يبدو أن كلمة هندسة بكل ما تحمله من أفرع وأقسام تقلق الموساد كثيراً بل وتكاد تؤرقه الليل والنهار وهو أشبه بصراع ولكن من نوع خاص، ألا وهو صراع العقول والأدمغة. فما زال الموساد موضع اهتمامه متابعة العقول الفذة العربية ومراقبة نشاطاتها وفاعليتها وقدراتها في صناعة محتوى علمي أو تكنولوجي من شأنه المساهمة في تطوير أيٍ من الجوانب سواء بتطوير البنى التحتية أو بتطوير البنى العسكرية من خلال تدعيم الدراسات وتطبيقها على أرض الواقع للخروج بمحتوى يكون قادر على مواكبة الاحتلال من خلال تشكيل وعمل موازنة بين الكفة العربية والكفة الإسرائيلية.

فمن الهندسة العسكرية لأبو جهاد والهندسة الميكانيكية لمحمد الزواري وصولاً للهندسة الكهربائية ليحيى عياش وفادي البطش، كانت أصابعُ الموساد ترسم بدقة وصمت وجوههم وتعلقهم واحد تلو الأخر على خارطة المراد تصفيتهم، فكانت المكافأة العلمية لهم طوال هذه السنين الطويلة هي اغتيال ممنهج ومدروس نالوا فيه الشهادة الكبرى ألا وهي الشهادة في سبيل الله، هؤلاء الهمم والقامات العلمية والعسكرية الذين كانوا بمهاراتهم وذكائهم هدفاً لامعاً للموساد الإسرائيلي الذي طالت اغتيالاته العشرات من الأساتذة والعلماء والمفكرين والقادة العسكريين على مر التاريخ لإبادة وإذابة العقول العربية ودحضها ليبقى هو سيد المنطقة وآمناً على نفسه من أي تحدي أو تهديد. فيمكن القول بعد كل هذا "إن وجدّتَ اغتيالاً صامتاً وغامضاً لأحد العقول العربية الفذة في أي مكان بالعالم لا تبحث عن الحقائق والأدلة فقط ابحث عن الموساد".

جوازات السفر الأوروبية تضليل استراتيجي لإنكار تورط الموساد في أي اغتيال:

لعلَّ الموساد لم يغب عن ذهنه احتمال الفشل في أي عملية خطط لها وقد لاحظنا أن أغلب العمليات التي قام بها الموساد في أي دولة بالعالم كانت لأفراده أو لأفراد مجندين له بجنسيات أوروبية مختلفة لا يهم هل هي مزورة أم هي حقيقية فهي ليست موضع اهتمامنا ففي نهاية المطاف نجح الموساد بتحقيق أهدافه باستغلال الجنسيات المتعددة لتعقيد الملابسات الجنائية وعمليات البحث والتدقيق في الجناة، وأيضا تنوع الجنسيات لعب دوراً استراتيجيا في نهاية المطاف لإقفال القضية بواقع صفر من المعلومات لدى الأجهزة الأمنية المتابعة للقضية أو على الأقل تشتيتها وعدم تمكينها من حصر المتسببين الرئيسيين في هذه الجريمة أو أعدادهم الحقيقية، وحتى لو نجحوا في ذلك سيَحُول آن ذاك العائق " أي تعدد الجنسيات" إلى استحالة متابعة تلك القضية مع أكثر من دولة أوروبية والذي يعطي الموساد وقتاً كافياً لتنظيف مسرح الجريمة.

ومن أبرز هذه العمليات كانت عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي البارز في كتائب القسام والذي نجح الموساد باغتياله داخل فندق في الإمارات عام 2010 في عملية من أعقد العمليات في تاريخ الموساد في شبكة تورط فيها أكثر من 26 شخص بجنسيات مختلفة إيرلندية وألمانية وبريطانية واسترالية وفرنسية حسب ما كشفت عنه الشرطة في دبي، والذي يؤكد لنا وبطبيعة الحال أن الموساد لم ولن يتورط بإدخال أفراده بجوازاتهم الإسرائيلية الحقيقية لتظل الحقائق مخفية وغامضة وبحوزته فقط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

– ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
– الجزيرة نت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.