شعار قسم مدونات

الجانب النفسي للحجاب وأثره على المرأة المسلمة

BLOGS حجاب

لكل فعل إنساني ظاهر وباطن يبدو الظاهر في السلوك الخارجي أما الباطن فهو الجانب النفسي، وبالنسبة للحجاب فإن الجانب الظاهر فيه شديد البساطة والوضوح، ملابس فضفاضة وغطاء الرأس، والالتزام به لا شك أمرا محمود وقرار سهل، أما الجانب النفسي فيحتاج مجاهدة كبيرة وتربية ويعطي بعدا إيمانيا وعمقا إنسانيا للحجاب. الحجاب هو أن تخرج المرأة أو الفتاة للحياة كإنسانة وليس كأنثى، وبالتالي فإن الإصرار على ارتداء الملابس ذات الألوان اللافتة اللامعة الضيقة واستخدام أدوات الزينة ووسائلها المتعددة هو فعل يتنافى تماما مع الغرض من ارتداء الحجاب ويدل على تناقض داخلي يحتاج حلا.

إذا تجاوزنا الشكل فإن سلوك المحجبة يكون أكثر أهمية في الدلالة على اطمئنان قلبها وفهمها لدورها كمسلمة، كثيرا ما تلفت أنظارنا فتاة محجبة تقف في وسط زميلاتها وتكون هي الأعلى صوتا والأكثر صخبا ومزاحا وحركة، هل تريد أن تقول إنها رغم حجابها فإنها فتاة عصرية متفتحة؟ أم تريد أن تنفي عن نفسها تهمة الانغلاق والتزمت؟ أم تتصور أنها فعلت ما عليها وهي حرة بعد ذلك في سلوكها؟ أعتقد أن الفتاة التي يتسم سلوكها بالطيش والنزق مع تمسكها بالهدى الظاهر للحجاب هي في الحقيقة تريد القول بأنها محجبة مع المحجبات ومهرجة مع المهرجات، تسعى لنيل الزميلات ورضا الناس عنها، وهي للأسف تعطي انطباعا سيئا جدا عن نفسها وتخسر الطرفين إذ لا يمكن أن يعتبرها أحدهما نموذجا.

الحجاب في معناه الحقيقي، امرأة مسلمة راقية السلوك مطمئنة النفس تعرف هدفها وطريقها وتسعى جاهدة في الحياة لكل ما فيه خير ونفع لنفسها وبيتها ومجتمعها وهي تزين ذلك كله بحجابها

قد تكون الرغبة في لفت أنظار الشباب والخوف المرضي من العنوسة هي السبب في خفة بعض الفتيات والمبالغة في المزاح والتساهل مع الغير، للأسف ستخسر هنا أيضا، لأن سلوكها يدل على فقدان الثقة بالنفس ويدل على عدم تمتعها بشخصية قوية مستقلة، والأهم أنه سلوك لا يبعث الاحترام.

فتاتي العزيزة لا تشغلي إلا بأمرين:

الأول هو السؤال الأرقى في الحياة (لماذا أحيا؟) لا نحيا لنتزوج أو نتجمل أو نعجب الآخرين، ولكن لنرضي ربنا ونتبع أمره ونهيه ونتوكل عليه تماما، وبالتالي نستلزم بالهدى الظاهر والباطن للحجاب ونمارس الحياة كإماء لله سبحانه وتعالى لا نبغي إلا رضاه.

أما الأمر الثاني الذي يجب أن يشغلك فهو يمكنك الارتقاء بنفسك وتنمية شخصيتك ومحاولة العثور على أجوبة لأسئلة الحياة. حين تفعلين سيستقر اليقين بداخلك وتمتلأ نفسك ثراء وخصوبة وتزداد شخصيتك قوة وجاذبية واحتراما، ووقتها سيحبك الناس ويلتفون حولك وسيتمناك الشاب الصالح زوجة وشريكة للحياة وأما للأبناء، لأنك جديرة بالثقة وناجعة وباعثة على الاطمئنان، وسينعكس جمال نفسك وسكينة روحك على صفحة وجهك فلا تحتاجين مساحيق الزينة ولا وسائل التجميل الخارجي.

الحجاب في معناه الحقيقي، امرأة مسلمة راقية السلوك مطمئنة النفس تعرف هدفها وطريقها وتسعى جاهدة في الحياة لكل ما فيه خير ونفع لنفسها وبيتها ومجتمعها وهي تزين ذلك كله بحجابها وسترها لأنوثتها التي تحتفظ بها لزوجها فقط، إنها منظومة من العفاف والعطاء والتقوى ولوحة متكاملة لأفضل صورة ممكنة للمرأة، والحجاب هو إطار الصورة التي يبرزها ويحافظ عليها. وهناك من يدعي أن حجاب المرأة أو الفتاة أنه تقييد لها ولحريتها وأنه عادة قديمة، وأنه السبب في تخلف المرأة وعدم نجاحها في الحياة، وأنه استبعاد لها وعزل لها عن العالم وأن الإسلام جاء ليقيد المرأة من حقوقها والحقيقة كلها عكس ذلك تماما ،لأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي جاء ليحرر المرأة من العبودية ومن النظرة الدونية.

وإذا كان البعض يدعي أن الحجاب سبب تخلف المرأة المسلمة فالسؤال هنا: هل كان خروج المرأة في الغرب ولباسها الفاضح سببا في تطورها وحصولها على براءات اختراع واكتشاف وتطور للأمم؟ أم أن أغلب من اشتهرت منهن هن من المغنيات والممثلات وعارضة أزياء ليس إلا. فهل هذا هو الرقي الذي تطمح اليه المرأة المسلمة إن الفطرة السليمة تنفر من انكشاف سوءاتها الجسدية والنفسية، وتحرص على سترها ومواراتها، فالذين يحاولون التسويق لخلع الحجاب او كشف العورات وإظهار المفاتن لجسد المرأة أمام الرجال انما يحاولون نزع فطرة الإنسان. قال تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ".

المقصود من الحجاب هو التزام المرأة شروط اللباس الشرعي أما هذه الصورة الممسوخة له كما هو لدى بعض الفتيات المسلمات فهي مرفوضة شرعا
المقصود من الحجاب هو التزام المرأة شروط اللباس الشرعي أما هذه الصورة الممسوخة له كما هو لدى بعض الفتيات المسلمات فهي مرفوضة شرعا
 

فهناك تلازم بين أمر الله تعالى في ستر العورات وبين التقوى وما يرضى الله تعالى، فكلاهما لباس. فالتقوى تستر عورات القلب واللباس يستر عورات الجسد ويساعد على النقاء والوصول الى مرحلة الإيمان والتقوى من الله خالق البشر فإن لم تستحي من الله تعالى فلن يهمك التعري أمام أحد! وقد قال أحد حكماء بني صهيون: علينا أن نخلع الحجاب عن رأس المسلمة ونغطي به القرآن، لضرب هدفين معا: هدم المرأة وأسس الدستور الإسلامي والصلة بالله.

والحجاب ليس موجودا في الإسلام فقط، بل هو موجود بكل الشرائع السماوية بما في ذلك التوراة والإنجيل ثم إن الحجاب لم يكن مانعا النساء والفتيات في بلاد المسلمين أن يتفوقن في كثير من مجالات تخصصهن، وإن لكن حائلا من مشاركة المرأة في الحياة العامة مع التزامها بحجابها. غير أن من المأسوف عليه أيضا ما وصلت إليه الحال مع بعض بنات المسلمين اللائي يدعين ارتداء الحجاب، فقد أضحى الحجاب عندهن وضع شيء على الرأس، وإنما المقصود من الحجاب هو التزام المرأة شروط اللباس الشرعي أما هذه الصورة الممسوخة له كما هو لدى بعض الفتيات المسلمات فهي مرفوضة شرعا. والأنكى من ذلك أن ترى مثل هذه المظاهر في بيوت بعض الفضلاء الدعاة والصالحين بدعوى الانفتاح على العالم وعدم الانغلاق.

فالله سبحانه وتعالى أعلى من شأن المرأة وحررها من أغلال الجاهلية، فأعطاها الحق في الحياة وزادها شرفا وطهرا بعد أن كانت عارا. تورث ولادتها المذلة والمهانة وصدمة من هولها يعجز والدها عن الكلام ولا يستطيع مواجهة الناس. قال تعالى: "إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ(58) يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.