شعار قسم مدونات

لماذا ترغب بعض بناتنا بخلع الحجاب؟

blogs النساء

كم منا شعر بالصدمة أو الذهول عندما سمع ابنته تقول "أنا غير مقتنعة بالحجاب" أو ابنه يقول "أنا غير مقتنع بالدين" أو عندما اكتشف أن أحد أبنائه على علاقة غير شرعية أو ربما شاذة، بالرغم من أن البيت والعائلة تسير على طريق مرضاة الله وتلتزم ما استطاعت بالمنهج القويم!

ما الذي يحدث حقيقة في أدمغة أبنائنا وبناتنا؟

ربما نقول أن الأصدقاء هم السبب.. ولكننا نتفاجأ أن أصدقاء أبنائنا وبناتنا هم من عائلات محافظة وحريصة على التربية الإيمانية والأخلاقية ولكنهم أيضاً يعيشون الأفكار السلبية ذاتها. فما الذي يحدث في أدمغتهم ويؤدي بهم إلى ممارسات خارجة عن التفكير المنطقي وعن البيئة التي نشأوا فيها؟  

هناك سبب رئيس يجعل أبناءنا وأصدقاءهم ينغمسون في واقع افتراضي يعيشون بداخله يجعل كل ما يحيط بهم في الواقع يشعرهم بغربة كبيرة عن الوهم الذي يعيشون به، وهو إدمانهم على كثير من حلقات اليوتيوب (أو التلفاز) المتتابعة سواء كانت من إنتاج هوليوود أو إنتاج اليابان أو كوريا أو تركيا أو غيرها.. الممتلئة بالأفكار المسممة التي تجعلهم يتنمرون على إخوتهم ويتواقحون مع أبويهم، ويتمنون ارتداء الملابس الكاشفة التي لا تستر شيئاً، وينفرون من الملابس المحتشمة والتي يرونها باتت تقليدية تضفي عليهم صبغة التخلف الحضاري.

 

ينبغي توعية الأبناء مسبقاً وباستمرار وكشف الستار عن السعادة الواهمة التي تزينها الشاشات من خلال إظهار الدراسات الإحصائية عن الغرب عن حالات الإدمان ومحاولات الانتحار

لأن الدول التي تنتج مثل ذلك الإعلام ينظر لها على أنها "متقدمة"، فيتعلق أبناؤنا وبناتنا – وأخص بالذكر بناتنا لأنهم أكثر عرضة لذلك بسبب مكوثهن في البيت لمدة أطول – بشخصية ما في هذا المسلسل قد تعيش الفتاة وحدها في مطلق الحرية، تتمتع بالعلاقات غير المشروعة وقد تكون شاذة أيضاً، فيحيون معها حياة وهمية افتراضية تجعلهم يشعرون بغربة كبيرة ونفور عن واقعهم ويدندنون باسم الحريات غير مدركين أنهم قد فقدوا حريتهم الفكرية وتم استعبادهم نفسياً وفكرياً من خلال تلك المسلسلات الممنهجة، والتي تبدأ وقد يعتريها بعض البراءة، ثم تتدرج بإدخال الرذيلة ليتم استيعابها بهدوء وتقبلها من قبل أبنائنا، ليعيشوا في النهاية تناقضاً كبيراً في أعماقهم يهز ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم يفقدون الهوية والبوصلة نحو أهداف واقعهم فيهبطون في منحدرات الأوهام.

ما يحصل في الواقع أننا لا نعلم حقيقة الكثير مما يشاهده أبناؤنا وبناتنا ولا يعلمون هم حقيقة تأثيره على أدمغتهم، ونعتقد معهم أن مثل تلك المسلسلات لا يمكن أن تؤدي بهم إلى الانزلاق فهُم من عائلات واعية، لكن الواقع يقول أن تأثير مثل تلك المسلسلات أكبر مما نتصوره أو يتصورونه، فهُم وإن لم ينحرفوا هنا أو هناك سيفقدون الثقة بأنفسهم وهويتهم ودينهم ويعيشون على الهامش في صراع نفسي.

فماذا نفعل إذن؟

* ينبغي أن نبتعد عن النقد واللوم والاتهامات وننشئ علاقة صداقة مع أبنائنا وبناتنا لنكسب ثقتهم فيصغون لنا، وكم منا قد دمر هذه العلاقة من أجل علامة مدرسية أو أسباب تافهة ثم انصدم عندما وجد ابنه أو ابنته على حافة الضياع وهو يطالبه في المثاليات، ولنعِ أنه كلما تدنى تقدير الذات عند ولدنا أصبح أكثر عرضة للخضوع لسيطرة مثل تلك المسلسلات على عقله أو للإدمان عليها بشكل عام.

* ينبغي توعيتهم مسبقاً وباستمرار وكشف الستار عن السعادة الواهمة التي تزينها الشاشات من خلال إظهار الدراسات الإحصائية عن الغرب عن حالات الإدمان ومحاولات الانتحار والمداومة على الحبوب المهدئة للتعايش مع ألم الواقع الذي يعيشون به بسبب ابتعادهم عن طريق الله وانغماسهم في عالم الشهوات.

* ينبغي توعيتهم مسبقاً ودائماً عن خطورة مثل تلك المسلسلات على الإيمان والسلوك والهوية والتوازن النفسي، وعن السيطرة الفكرية للحضارات الغالبة، ستجد قصصاً لا حصر لها عن المشكلات الكبيرة التي سببتها تلك المسلسلات أثناء بحثك على الانترنت، والتي وردتنا أيضاً من أطباء نفسيين، فهناك فتاة ألحت على والديها بالسفر للدراسة، لتعيش بالطريقة التي تؤديها بطلة المسلسل، وهناك فتاة انحرفت وأصبحت شاذة وهي تظهر أمام الناس بأنها الفتاة المثالية.

ينبغي منح الحرية والثقة لأبنائنا وبناتنا مع حرصنا على التربية الإيمانية، حتى لا نمنحهم حجة يستغلونها من أجل الانحراف
ينبغي منح الحرية والثقة لأبنائنا وبناتنا مع حرصنا على التربية الإيمانية، حتى لا نمنحهم حجة يستغلونها من أجل الانحراف
 

وهناك من أصبح لديها اضطراب نفسي بسبب أنها تعيش في واقع افتراضي لا تستطيع أن تحققه فأصيبت بالاكتئاب أو تمنت الانتحار، وهناك من حصرت كل تفكيرها وطموحاتها بانتظار الشاب الذي تعيش من خلاله الواقع الافتراضي الذي تحلم به، ثم باعت نفسها لأول ذئب يقترب ليجرها إلى عالم لا نهائي من الرذيلة والضياع، وهناك من خلعت الحجاب لتلقي عن كاهلها عبأ الرجعية والتخلف وهي تظن أنها أصبحت متحررة، وهناك.. وهناك.. قصص لا تعد ولا تحصى والسبب: هو عدم معرفتنا أو إدراكنا – أو إدراكهم- لعمق الروابط التي تحدث في أدمغة أبنائنا وبناتنا جراء تلك المشاهدات المتكررة وأخص بالذكر "المسلسلات".

* ينبغي أن نتحرى عن كل ما يشاهده أبناؤنا وبناتنا ونعلم حقيقة تأثيره عليهم – خاصة ما يشاهدونه على هواتفهم ونحن نظن أنهم يراسلون أصدقاءهم على الواتساب، ونمنع منعاً باتاً متابعة أي من تلك المسلسلات "من دون تهاون"، يجب أن نناقشهم ونقوم بعمل بحث معهم على تأثير تلك المسلسلات لإقناعهم ولكن لا تنسوا أن تعلقهم بتلك المشاهدات سيجعل الاستماع لكم أمراً صعباً أحياناً، بسبب الهوى الذي يغلب عليهم، لذا يجب أن تتم مناقشتهم ثم عدم السماح بتلك المشاهدات المتواصلة بغض النظر عن قناعاتهم التي قد لا تملكون مفاتيحها بداية، ولكن يجب توفير البدائل خاصة لبناتنا اللاتي يحتجن أكثر من أبنائنا لأنشطة رياضية وفكرية وفنية واجتماعية تفرغ العاطفة المتأججة التي تضطرم بداخلهن.

* ينبغي أن نهتم بإنشاء روابط إيجابية في أدمغتهم تحبب لهم كل ما يدعو إلى الصلاح، من خلال إبراز القدوات الصالحة، وجمال وروعة هذا الدين، وقصص المهتدين، والاهتمام بجمال لباس بناتنا الشرعي وأناقته، ليشعرن بالثقة في عالم تهاجم فيه الفتاة المحتشمة وينظر لها على أنها رجعية، ولا أدري كيف استمرأ هذا العالم التعري والفجور على  أنهما مظهران للتقدم، ولكن روابط الدماغ تصنع المعجزات!

* ينبغي منح الحرية والثقة لأبنائنا وبناتنا مع حرصنا على التربية الإيمانية، حتى لا نمنحهم حجة يستغلونها من أجل الانحراف. وأنا أرى أن بناتنا قد تعرضن فعلاً لقمع كثير من الحريات تحت مظلة العادات والتقاليد وخوفاً من كلام الناس والتي لا شأن للدين بها، فحرمن كثيرا من الفرص التي تبني ثقتهن بأنفسهن، وكأننا نفرش الطريق لبناتنا للتمرد على الطريق المستقيم وهن يخلطن بين ما أتى به الدين وما أتت به التقاليد فيتمردن عليهما معاً دون وعي.

* الدعاء لهم باستمرار "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.