القلمون الشرقي وقبله الغوطة الشرقية اللتين كانتا آخر ضحايا مسلسل النظام التهجيري والتدميري، لم يكونا قط حدوداً لهذا السيناريو الذي تم تطبيقه في غالبية الأراضي السورية انطلاقاً من "داريا وحلب والقصير والوعر والغوطة الغربية والقلمون الغربي" وغيره، فعلى ما يبدو أن الأسد وحليفته موسكو قد رسما مخططاً واضح النقاط لتحقيق الهدف المنشود ملخصه (لا معارضين خارج إدلب وريفي حماة وحلب) ليتجه الآن إلى الريفين الحموي والحمصي المحاصرين بدورهما أيضاً، وقد حقق سيناريو التهجير هدفاً آخر يعتمد على "ضرب القوى الكبرى والمؤثرة في المعارضة ببعضها" لاسيما في ظل الاختلاف الإيديولوجي لها وتعدد الداعمين واختلاف الاتجاهات والأهداف، ليحول ذلك مناطق الشمال السوري باستثناء مناطق سيطرة "درع الفرات" حيث النفوذ التركي في شمال وشرق حلب، لساحة حرب حقيقية ولكن بين أطراف سبق أن كانت ضمن خندق واحد ضد النظام السوري.
يقول القيادي العسكري في قاطع أحرار الشام بريف حماة محمد عبد الرحمن: إنه و"منذ أيام تشهد مناطق جنوب حماة المشمولة ضمن اتفاق خفض التصعيد الذي أقرته موسكو في آب/أغسطس الماضي، والذي تم بموجبه ضم ريف حماة الجنوبي لريف حمص الشمالي ضمن الاتفاقية، حديثاً عن طرح الروس لـ (تسوية) في المنطقة، وهذا ما خلق لدى المدنيين حالة من الخوف الكبير لا سيما وأن ما جرى أمامهم في الغوطة كان أكبر مثال على مصير المناطق التي خرجت عن حكم النظام السوري، أما فصائل المنطقة المتجسدة بأحرار الشام وفيلق الشام وفصائل أخرى فهي لم تحرك ساكناً واكتفى بعض القادة بالحديث عن رفض أية هدن مطروحة في المنطقة مهما كان الثمن.
يضيف: "ما جعل من هذه المعلومات أكثر واقعية، هو إلقاء الطيران المروحي اليوم منشورات تدعو عناصر المعارضة لإلقاء السلاح والتوجه إلى (المعابر الآمنة) رغم أن الحديث عن المعابر الآمنة لا يتم إلا بعد تحديدها وهذا ما يطرح أيضاً آلاف التساؤلات عن (مذكرة الروس) وعن محتواها الذي فيما يبدو أنه تضمن أيضاً خريطة المعابر التي سيخرج منها المدنيين بما معناه أن التهجير قادم لا محالة".
بدوره القائد العسكري في غرفة عمليات ريف حمص الشمالي محمد الأحمد أكد أن اللجنة المفاوضة عن ريف حمص الشمالي وقعت في جدال مع الروس بسبب الخلاف على المكان الذي سيجري فيه الاجتماع القادم بين الطرفين حول مصير المنطقة الذي من المتوقع أن يكون مماثلاً لباقي المناطق، حيث اشترط الروس أن يكون الاجتماع على أحد حواجز النظام في محيط الريف المحاصر أو داخل مناطقه في حمص، الأمر الذي رفضته اللجنة التي أصرت ان يجري وفق ما كان مقرراً في معبر الدار الكبيرة الفاصل بين مناطق النظام ومناطق المعارضة شمال حمص.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.