شعار قسم مدونات

حمص وحماة وجهة الأسد القادمة في التهجير والتدمير

مدونات - حمص
يبدو أن المخطط الروسي القاضي بإعادة تأهيل النظام السوري وإعادة بسط سطوته على البلاد مع حصر معارضيه في بقعة محددة من الأرض قد نجح بالفعل، فالنظام الذي كان لا يسيطر سوى على 13 بالمئة فقط من الأرض السورية عام 2014، عاد الآن ليصبح صاحب النفوذ الأكبر بعد أن عادت معظم الأراضي السورية إلى حكمه رغم تدميرها وقتل شعبها وتهجيره، فالمهم ضمن المخطط الذي رسمه الروس هو إبعاد معارضي النظام السوري أو أي شخص لا يقبل بحكمه إلى الشمال السوري، تلك البقعة من الأرض السورية التي باتت هي الأخرى مسرحاً لصراعات دموية تسيطر عليها أطراف داعمة ودول نافذة في الملف السوري.

القلمون الشرقي وقبله الغوطة الشرقية اللتين كانتا آخر ضحايا مسلسل النظام التهجيري والتدميري، لم يكونا قط حدوداً لهذا السيناريو الذي تم تطبيقه في غالبية الأراضي السورية انطلاقاً من "داريا وحلب والقصير والوعر والغوطة الغربية والقلمون الغربي" وغيره، فعلى ما يبدو أن الأسد وحليفته موسكو قد رسما مخططاً واضح النقاط لتحقيق الهدف المنشود ملخصه (لا معارضين خارج إدلب وريفي حماة وحلب) ليتجه الآن إلى الريفين الحموي والحمصي المحاصرين بدورهما أيضاً، وقد حقق سيناريو التهجير هدفاً آخر يعتمد على "ضرب القوى الكبرى والمؤثرة في المعارضة ببعضها" لاسيما في ظل الاختلاف الإيديولوجي لها وتعدد الداعمين واختلاف الاتجاهات والأهداف، ليحول ذلك مناطق الشمال السوري باستثناء مناطق سيطرة "درع الفرات" حيث النفوذ التركي في شمال وشرق حلب، لساحة حرب حقيقية ولكن بين أطراف سبق أن كانت ضمن خندق واحد ضد النظام السوري.

يقول القيادي العسكري في قاطع أحرار الشام بريف حماة محمد عبد الرحمن: إنه و"منذ أيام تشهد مناطق جنوب حماة المشمولة ضمن اتفاق خفض التصعيد الذي أقرته موسكو في آب/أغسطس الماضي، والذي تم بموجبه ضم ريف حماة الجنوبي لريف حمص الشمالي ضمن الاتفاقية، حديثاً عن طرح الروس لـ (تسوية) في المنطقة، وهذا ما خلق لدى المدنيين حالة من الخوف الكبير لا سيما وأن ما جرى أمامهم في الغوطة كان أكبر مثال على مصير المناطق التي خرجت عن حكم النظام السوري، أما فصائل المنطقة المتجسدة بأحرار الشام وفيلق الشام وفصائل أخرى فهي لم تحرك ساكناً واكتفى بعض القادة بالحديث عن رفض أية هدن مطروحة في المنطقة مهما كان الثمن.

 
إلا أنه وقبل يومين بدأت معلومات تتوارد عن لقاء شخصيات من بلدة (حربنفسه) مع ضباط روس على أطراف بلدة (خربة بزليا) في محيط بلدة الزارة بريف حماة وأنه تم خلال اللقاء تسليم (الشخصيات المجهولة) مذكرة تسوية تضمنت عدة بنود لا تختلف عن بنود التسويات في المحافظات الأخرى والتي كان أولها نقل مقاتلي الفصائل إلى الشمال السوري بسلاحهم الخفيف وتسليم الثقيل والمتوسط للنظام ونقل من يريد من المدنيين أيضاً معهم وغيرها من البود المعتادة، إلا أن الفصائل نفت قيامها بأمر كهذا محذرة أنها ستحاسب أي شخص سيفاوض الروس باعتباره سيجر ريف حماة وريف حمص المتصل به إلى (الهاوية) وفق تعبيرهم.

يضيف: "ما جعل من هذه المعلومات أكثر واقعية، هو إلقاء الطيران المروحي اليوم منشورات تدعو عناصر المعارضة لإلقاء السلاح والتوجه إلى (المعابر الآمنة) رغم أن الحديث عن المعابر الآمنة لا يتم إلا بعد تحديدها وهذا ما يطرح أيضاً آلاف التساؤلات عن (مذكرة الروس) وعن محتواها الذي فيما يبدو أنه تضمن أيضاً خريطة المعابر التي سيخرج منها المدنيين بما معناه أن التهجير قادم لا محالة".

بدوره القائد العسكري في غرفة عمليات ريف حمص الشمالي محمد الأحمد أكد أن اللجنة المفاوضة عن ريف حمص الشمالي وقعت في جدال مع الروس بسبب الخلاف على المكان الذي سيجري فيه الاجتماع القادم بين الطرفين حول مصير المنطقة الذي من المتوقع أن يكون مماثلاً لباقي المناطق، حيث اشترط الروس أن يكون الاجتماع على أحد حواجز النظام في محيط الريف المحاصر أو داخل مناطقه في حمص، الأمر الذي رفضته اللجنة التي أصرت ان يجري وفق ما كان مقرراً في معبر الدار الكبيرة الفاصل بين مناطق النظام ومناطق المعارضة شمال حمص.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.