شعار قسم مدونات

كتاب آخر عنوانه أنت

blogs قراءة

انشغلنا في قراءة الكثير من الكتب التي كتبها الكثير من الكاتبين، بحثنا عن التشويق في تلك القصص، بحثنا عن الغاية التي يريد أن يوصلها الكاتب للقارئ، بحثنا عن الرواية التي تتناسب مع حالتنا في كثير من اللحظات، فعند الحزن كنا نبحث عن الرواية التي نرمي كافة أحزاننا من خلالها، فأصبحنا كمن يضع كل أمور حياته على هاوية الطريق متمسكين فقط بتلك اللحظة، ورمينا كل لحظات الفرح التي عشناها في حياتنا متمسكين بلحظة الحزن تلك، كمن يبكي على حفنة ورود سقطت منه في مكان مجاور لبستان كبير من الورود.

هناك كثير من الأشخاص الذين مجرد أن بدءوا بقراءة رواية معينة، يتأثرون بقصة الرواية مما يدفعهم الشوق أن يقضوا ساعات طويلة من أجل أن ينهوها على حساب الكثير من أمور حياتهم. أنا لست ضد المطالعة ولكن ضد الاطلاع على كثير من الأمور التي لا تطور من الشخص كقصص الحب أو قصص الحزن، فبدل من قضاء الكثير من الوقت من أجل القراءة عن الحب دعونا نظهر مشاعر الحب، فهنالك الكثير الذين يخجلون من قول كلمة أحبك لأخته أو أخيه أو أمه وغيرهم، خوفا من الاستهزاء بهم، وهنالك الكثير من الأشخاص الذين تحدث معهم مشاكل في حياتهم، وأرادوا أن يحلوها بطريقة الروايات التي كان يقرئوها باعتقادهم أنها الحل الأمثل، فسارت الأمور عكس المتوقع ووجدوا أن الحياة ليست بهذه البساطة.

 

فالكاتب عندما يكتب رواية معينة يعلم أن من خلال كمية المشاعر في روايته سوف يحصل على عدد كبير من المبيعات، ولكن للأسف فأن الكثير يعتقدون أن هكذا هي الحياة فيسعون أن تكون حياتهم مثالية بالشكل الذي تظهره الروايات فينتهي بهم المطاف أمام كم كبير من المشاكل والحزن لعدم تقبلهم نمط حياتهم.

فلتكتب كتاب عنوانه أنت، كتاب تتعرف فيه على كثير من الأمور الغامضة التي تخبأها شخصيتك، كتاب يعلمك كيف تواجه كل الأمور الصعبة
فلتكتب كتاب عنوانه أنت، كتاب تتعرف فيه على كثير من الأمور الغامضة التي تخبأها شخصيتك، كتاب يعلمك كيف تواجه كل الأمور الصعبة
 

من أكثر الأمور المؤسفة عند كثير من الأشخاص الذين يقرئون الروايات باستمرار ويتأثرون فيها كثيرا، أنه هنالك الكثير منهم تصبح الرواية هي مهربهم عند المشاكل، فينعزلون عن العالم ويفرغون غضبهم أو حزنهم بقراءة تلك الروايات، إما من أجل أن يعيشوا تلك الحياة المثالية التي رسموها في مخيلتهم أو ليفرغوا حزنهم ببكائهم على قصة تلك الرواية، والتي تؤدي لاحقا إلى كثير من المشاكل النفسية عند الشخص نتيجة للتضارب بين الواقع والخيال، فيصبح شخصا بلا هدف وضعيف الشخصية كمن يهوي بنفسه من حافة الجبل.

المخيف بالموضوع هو أن تصبح الروايات هي بيتنا الصغير الذي نختبأ فيه خوفا من مواجهة عتمة الليل، فنتخلى عن مواجهة الأمور الصعبة التي تحدث بحياتنا ونستسلم عن أول مفرق طرق يواجهنا، نستسلم عن الأحلام التي بنيناها أمام أول مطب يواجهنا، ننسى الأيام والليالي التي تعبنا فيها من أجل أن نصل لأحلامنا وطموحاتنا التي بنيناها، فنستسلم فورا لكلمات المواساة التي نسمعها من الأخرين والتي يكون في بعضها تشجيعا على الاستسلام واليأس.

 

لذلك أقول كفى لكل تلك الكتب المغلقة وبداية كتابة كتاب عنوانه أنت، كتاب تتعرف فيه على كثير من الأمور الغامضة التي تخبأها شخصيتك، كتاب يعلمك كيف تواجه كل الأمور الصعبة، كتاب يعلمك الصبر والحكمة، كتاب يعلمك التحكم بأعصابك، كتاب يعلمك كمية الفرح التي تحتاجها نفسك لتكون سعيدا، كتاب يعرفك من أنت، ماذا تحب وماذا تكره، كتاب يعلمك أن تكون إنسانا قويا لا يستلم بسهولة مهما كانت الظروف، كتاب يعلمك عندما تحدث مصيبة لا تقول لماذا حظي هكذا، بل يعلمك أن تحمد الله وتعقل وتتوكل، كتاب يعلمك أن لا تبحث عن طرق لتكون ناجحا بحياتك فالنجاح موجود بين يديك.

 

فلا بأس لو كان بعض الحبر المستخدم بكتابة ذلك الكتاب هي دموعنا، تلك الدموع التي لطخها الكحل الأسود، ولا بأس عندما نفتح ذلك الكتاب أن نرى آثار تلك الدموع، فهذه الدموع سوف تكون نقطة قوتنا في يوم من الأيام، وسوف تكون أول خطوات نجاحنا، فبعزمنا وإرادتنا نستطيع تحدي كل الصعاب، فمهما تعرقلت ومهما حزنت فأعقل وتوكل واجعل الصبر أساس خطوات طريقك ونجاحك، وسوف ترى أن الله هو الوحيد الذي تهمه مصلحتك وسعادتك فالله لا ينسى عباده أبدا، وسينصرك ولو بعد حين. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.