شعار قسم مدونات

المغرب والجزائر.. جداريات من التقارب والعلاقات التاريخية

blogs المغرب و الجزائر

بين المغرب والجزائر جداريات من التقارب بألوان من الأخوة وأواصر العلاقات التاريخية المشتركة، ليس في الإمكان أبدع مما هتفت به الجماهير المغربية "وان تو ثري فيف لا لجيري on two threee viva lalgerie" وهي تروي بحناجيرها بساتين الأخوة بعدما وافقت الجزائر رئاسة حكومة وشعبا البلد الشقيق مساندتها في ترشحه لتنظيم نهائيات كأس العالم 2026 ولم تتأخر مثيلتها في الملاعب الجزائرية لتبادلها التحية ملء حناجرها كلنا خاوة حنا قاع خاوة لمغاربة خاوة انها أحاسيس مرهفة لا يعزوها وصف دقيق سوى الحنين للماضي والاشتياق بعودة المياه إلى مجاريها كما يرجى للسكة رجوعها إلى مسارها الصحيح.

بين البلدين شرايين من أواصر الصداقة المتينة والعادات والتقاليد والتاريخ المشترك وأوردة من علاقات الود الذي غذًته روابط الامتدادات العائلية وتمازج الفنون والثقافة واللهجات المتشابهة فقلما تجد عائلة من تلمسان أو بشار لا يكون لها امتداد عاطفي برائحة القرابة والمصاهرة في وجدة أو فقيق. تتحدث الأرقام الرسمية أن عدد العائلات المصاهرة بين البلدين تتجاوز 15 ألف عائلة.

بين الجارتين اللتان تشكلان بجغرافيتهما 60 في المائة من جغرافية المغرب العربي و80 بالمائة منن مجموع الساكنة و 75 بالمائة من الاقتصاد الإجمالي للمنطقة مسافات متجذرة من التجانس المعروف العريق الضارب في أطناب رحم التاريخ بعيدة وقريبة فلقد شكل الأمازيغ لونا سامقا من الهوية المشتركة تمتد رحاها من الريف المغربي وجبال الأطلسي ووادي سوس إلى جبال جرجة فالأوراس الأشم فالجنوب الجزائري وليس ببعيد سجل الأندلس بحقباته المختلفة خلال الثماني قرون نوافذ خلفية جميلة حافظت للمغاربة معدنهم الصافي وتلابيب حكمهم وسلطتهم ضمن كيان مشترك ورغم ما أردفها من حقب مظلمة فلقد أعاد المرابطون والموحدون والرستميون والزيانيون والأدارسة للمنطقة ولو بعناوين مختلفة السؤدد لأرض واحدة قبل أن تتسمي بمسمياتهما الحالية.

التاريخ الذي رسم بألوانه الزاهية جداريات من التضامن والوحدة يقتضي أن فيضانات الأخوة والتقارب والروابط المتينة هي من ستفضي بالشعبين الشقيقين للتغلب على عنجهية وأنياب الساسة الحادة

نسارع الخطى لنقف على لون آخر من ألوان التجانس الديني المؤدي إلى الحفاظ على القيم الروحية الأصيلة للبلديين إبان وبعد الاستعمار الفرنسي مكمنه عين ماض في الأغواط وحومة الدرداس بفاس حيث الموروث الصوفي المشترك الذي أنشاه شيخ الصوفيين سيدي أحمد التيجاني المولود في بوسمغون ولاية البيض سنة 1782 فكان لهم بفضل الله ثم بعزيمة الأجيال شرف احتضان مجمع بشري ناهز أتباعه قرابة 320 مليون مريد في إفريقيا والعالم أجمع لا يقف الأمر عند التيجانية بل ينصرف أيضا للطريقة الطيبية والزيانية والعلاوية والشيخية وغيرهم كثير.

بين الشقيقتين تلة ناصعة من العمل الجهادي المشترك ضد المستدمر الفرنسي الغاشم تبدأ بقوافل المقاومة الشعبية الباسلة من مثل مقاومة الأمير عبد القادر وأحمد باي وبوعمامة في الجزائر ومقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي في المغرب لتصل إلى أريج ملايين الشهداء الذكية أرواحهم حيث ثورتي الملك والشعب سنة 1953 في المغرب وثورة أول نوفمبر سنة 1954 في الجزائر لتتعمق أكثر روابط الدم والكفاح المشترك بتشكيل أول نواة لفكرة الاتحاد المغاربي في مدينة طنجة سنة 1958 حيث حزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري التونسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية ليصبح هذا اللقاء مع قمة زرالدة جوان 1988 ثم مراكش 1989 بداية تجسيد فعلي لعمل اتحادي مشترك سيكون بشارة خير على الشعبيين بل على الشعوب المغاربية قاطبة.

في لحظة ما مثل لحظتنا الآنية تبدوا الحواجز السياسية سميكة متشابكة ومرتبكة غير مريحة وهي بالكاد تمثل لحظة فارقة لم تكن في يوما ما هي الاصل غير أن التاريخ الذي رسم بألوانه الزاهية جداريات من التضامن والوحدة يقتضي أن فيضانات الأخوة والتقارب والروابط المتينة هي من ستفضي بالشعبين الشقيقين للتغلب على عنجهية وأنياب الساسة الحادة يكفي أنه حتى في حالات التشنج والخلافات المزمنة فأن يدا ممدودة بقت دوما مبسوطة كما القنوات الدبلوماسية لم توصد بالكامل ليعبر هذا عن مستوى مرموق من درجات التكافل المعهودة في الملمات وزمن الأوقات العصيبة والأليمة التي تقتضيها أخلاق حسن الجوار وتعاليم ديننا الإسلامي السمحة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.