شعار قسم مدونات

لا تتزوجيه إنْ لم يكن كأبيكِ

blogs الزواج

بطبيعة الحال لا شيء يبقى على حاله.. والحقيقة تقول كذلك.. مع مرور الأيام كل شيء سيتغير.. الناس.. التفكير.. المفاهيم.. والشعور.. ولكن هل للحب أن يتلاشى مثلا. فلو أعدنا الشريط الزمني إلى الوراء قليلا لوجدنا أن كل قصص الحب الحقيقي وتضحياته تنتمي للزمن القديم.. لماذا لا نسمع عن أساطير الحب في حداثة زمننا هذا.. فهل الحب بين كلا الجنسين مفهوم مصطنع وغير موجود أصلا.. وكل ما سمعناه كان مجرد خرافة؟ أم أننا نحن من نخوض علاقات مزيفة أو غير مؤكده للحد الذي دفعنا للشك في حقيقة الحب لا بإساءة فهمنا له.

لماذا أصبحنا نشهد الكثير من العلاقات الفاشلة سواء قبل الزواج أو بعده حتى أننا في الكثير منن الأحيان لا نستطيع أن نطلق النجاح والصحة التامة على بعض العلاقات التي تفتقر الحب رغم استمرارها.. فراقٌ بعد أول مطب واجَهَ كِلا الشريكين معاً.. نكرانُ عهود بعد أْن حانَ وقت التنفيذ الحقيقي لها.

عدة تساؤلات تجول في خاطري مما دفعني لكتابة هذا المقال.. ويسعني القول من وجهة نظري أن الحب حاجة ربانية لا يمكننا اكمال مسيرتنا الحياتية بسعادة دونه.. وأن كل ما يتخلل العلاقات من شوائب أننا نحب بمفهومنا لا بمفهوم الحب الحقيقي.. مما يدفعنا لاتباع معايير وضيعة لاختيار الشريك لا تعكس سوى سطحية الفهم للحب الحقيقي لا أكثر. غافلين عن حقيقة شعورنا اتجاهه.. متغاضين عن فكرة أهمية وجود الحب الحقيقي في علاقاتنا.

الحب سلامٌ وحرب في آنٍ واحد ستبقى محافظاً على ذلك السلام ما دُمتَ تحارب لأجله.. فأن تكتفي بمن تحب عَمّن سواه من الخَلق حرب.. وأن تُحبه على حاله بعيوبه وسيئاته حرب

لعل اختيار الشريك المناسب لك إحدى القرارات المصيرية الكفيلة بإحداث نقلة نوعية في حياتك كونه قرار ستعيش معه عمرك بأكمله.. فكل ما عليك أن تكون ذكي باختيارك وواع تماما لعدة أمور يجب عليك إدراكها قبل ذهابك في رحلة البحث عن شريك حياتك:

1- الحب أعمق من كلمةٍ تُقال فالنطق هَيّن.. وأسمى من مكالمة هاتفية دامت حتى الصباح.. وبريء من كل الأشياء التي يمكننا تلخيصها ماديا.. وأوسع من بحور القصائد التي تدونها لمن تحب على وسائل التواصل الاجتماعي أمام الملأ.. وأجمل من وردة تتلقاها كل صباح.. الحب مفهومٌ نبيل يحمل بين طيّاته شيئاً منَ العَظَمة.. الحب أن تخاف الله بمَن تُحب ويخافَه فيك.. أن تجده ُبجانبك وقت ضعفك قبل قوتك.. أن تخشى عليه من أي مكروه يمسّه أو أي ذنب يقع على عاتقه.. سيصونك وتصونه وسَتَتمنّع عن أي أمر يغضبه ويغضب ربه.. لأنه حتماً سيرفع منكَ دينياً وأخلاقياً ولا شك في ذلك.. سيلاحظ الجميع إشعاعك من احتضانك للحياة بكل سعادة.. سيرتفع معدل الدوبامين لديك يوماً تلوَ الآخر وكأنك عشقتَ للتو.. تجاعيد وجهك ستختصر الكثير من الحكايا الجميلة التي سيُخلّد عبيرها الى ما بعد الموت.. وبالمناسبة الأغنيات والكلام المنمق لا يصنعا الحب بل الحب يصنعهما.

2- عندما توشك على الوقوع في شباك الحب اصطحب عقلك معك صدقني سيكون لكَ خيرَ أنيس في الوقت الذي تكنْ فيه على خطى عمياء وراءَ قلبك.. فليس كل ما نشعر به حقيقة وليس كل ما نفكر فيه صائبا على الإطلاق.. فاعتدل بين عقلك وقلبك.. وامض به بكامل ثقلك عندما تكن مستعدا للموت من أجله وما غير ذلك.. ارجع خطوة للوراء وأكمل رحلة البحث.

3- الحب سلامٌ وحرب في آنٍ واحد ستبقى محافظاً على ذلك السلام ما دُمتَ تحارب لأجله.. فأن تكتفي بمن تحب عَمّن سواه من الخَلق حرب.. وأن تُحبه على حاله بعيوبه وسيئاته حرب وكل ما تفعله لتَعلو من شأنه عند ربك وصولاً به الى الجنة فتلكَ هي أكبر حرب.. وإن لم يكن كذلك فواللهِ هو ليس بحُباً إنما هي خدعة نصبها لكما الزمن لتجلسا على حافات الطريق وتتحسرا معاً باختصار لا تتزوجيه إنْ لم يكن كأبيكِ ولا تتخذها ابنة إنْ لم تبرك..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.