شعار قسم مدونات

بلاك بانثر في السعودية.. هل ستحذف القبلة؟

مدونات - بلاك بانثر
أول فيلم يعرض في السينمات السعودية يكتسب أهمية خاصة بمعزل عن مضمونه، خلال أيام سيشاهد الجمهور السعودي الذي ظل محروما من السينما لعقود فيلم "بلاك بانثر"، وهو مميز في مضمونه الذي يرتبط بقضايا تهم المشاهد السعودي. الفيلم من أفلام "المارفل" (الأبطال الخارقين) التي تميزت بالمؤثرات البصرية ومشاهد القتال المبهرة وهو ما كان جليًا في الفيلم الذي حفل باللقطات الساحرة.
 

أما ما كان مختلفًا في هذا الفيلم فهو تحديه الصورة النمطية للأبطال ليس فقط لأن البطل أسود (ويظهر بوضوح احتفال الفيلم بالثقافة الإفريقية بتفاصيل ملابس الشخصيات والتسريحات الجميلة التي حرصوا على أن تكون كتسريحات الأفارقة لا شعرا أملسا) وفي الفيلم نرى ضعف البطل في أوقات، ودعم نساء الفيلم له. وقصة حبه لأحد بطلات الفيلم كانت مختلفة فهي لم تنتظر منه أن ينقذها أو أن يظفر بحبها كأنها في النهاية جائزة له! كانت المرأة في الفيلم مخترعة ومحاربة. وهي صورة تتحدى وضع المرأة في السعودية التي كانت قيادتها للسيارة حدثا كبيرا، والواقع أن المرأة السعودية هي المحاربة والعالمة وإنجازاتها تتكلم عنها، وليست قطعة حلوى يتجادلون حولها إذا ما كانت ستغطى أم تكشف.
 
شاهدت الفيلم في قطر منذ مدة قصيرة وهم عادة يحذفون مشاهد "القبلات"، فراودني الفضول هل ستعرض أم ستحذف في السعودية؟ ما هو أهم كيف سينظر الشاب السعودي إلى الفيلم، فمضمونه ثوري يتحدى كثيرا من القيم السائدة في المجتمع السعودي، وليس مجرد فيلم خيالي فـ "واكاندا" دولة عمادها التقدم التقني ويسكنها السود المختبئين من العالم ليحافظوا على معدن يمتلكونه غير موجود في الواقع هو "فايبرانيوم" (معدن عنده مميزات مرعبة في مجال العلاج والصناعة والتكنولوجيا).
  

 
كل مجتمع يشاهد الفيلم بعيونه، رؤيتنا كعرب لهذا الفيلم ستختلف عن رؤية من لا يمر بالمرحلة التي نمر بها. وجدت أن نظرة الأمريكيين للفيلم تركزت حول السود والعنصرية وهو أمر متوقع وربما تكون هي الفكرة الأصلية. زاوية أخرى قد ينظر منها الأميركيون وأجد تشابه بين "واكاندا" والولايات المتحدة، عام ٢٠١٣ تحدث أوباما عن فكرة تدخل عسكري في سوريا بِعد استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية. ووصف مدى سلبية الفكرة بالنسبة لأعضاء الكونجرس وهم في خضم الانسحاب من العراق ثم استطرد عن أهمية "خدمتنا لأمريكا" "بعض أعضاء الكونجرس قالوا: "ليس علينا أن نكون شرطي العالم" وبالفعل لا تدخل حتى الآن. وجاءت ضربة ترمب الأخيرة من باب الحد الأدنى الذي يبعد أميركا عن الصرع المكلف، فواكاندا تختبئ من العالم وراء غابة مطرية هائلة ويمتلكون معدن مذهل يساعد في العلاج والطاقة والتكنولوجيا وفِي الفيلم ننتظر ما إذا كانوا سيساعدون العالم أم لا.

 

ماذا على أي دولة عظمى أو غنية أو كلاهما أن تفعل؟ فهل نهب الناس حقوقهم عبر تسليحهم ضد أعدائهم؟ في الفيلم يريد إيرك أحد الأبطال تسليح السود فقد تعرضوا للظلم والعبودية (وهي مشكلة لها تاريخ طويل في الغرب فيرى الأمريكيون من أصول أفريقية ماضيهم في هذه الشخصيات.) واعتبر أنهم جزء من "واكاندا" للون بشرتهم. ونحن كعرب نريد الأمان لمن يشبهنا من مسلمين وعرب. قد يجعلنا بعد القضية مكانيا أقل تأثرًا فنحن لم نكن جزءًا من حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة. قد لا نرى في بلاك بانثر مارتن لوثر كينغ، كما لم يرو في عهد "wonder woman" (المرأة الخارقة).
  
لكل مجتمع أبطاله ونساؤه الخارقات، أتمنى أن يكون افتتاح السينمات فال خير على المخرجات السعوديات. وألا تقتصر عروض السينما على الأفلام العالمية التي تحقق إيرادات عالية كفيلم بلاك بانثر. والتغيير الحقيقي ليس فقط بعرض الأفلام بل بصنعها، فهل نرى أفلاما تعرض لمخرجات سعوديات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.