شعار قسم مدونات

الضربة العسكرية الأمريكية.. تصريحات ومواقف وتساؤلات

blogs الضربة الثلاثية

صباح يوم السبت 27 رجب 1439هـ الموافق لـ 14 أبريل 2018 أعلن الرئيس الأمريكي ترمب من خلال صفحته على تويتر نجاح الضربات العسكرية الأمريكية الثلاث التي تمت بتحالف من بريطانيا وفرنسا وأردف ترمب قائلا أشكر فرنسا وبريطانيا على حكمتهما وقوة جيشيهما الممتازين.. وأضاف في آخر كلامه "تمت المهمة بنجاح".

وفي نفس السياق عجت القنوات التلفزيونية والمواقع الإعلامية بالحديث عن هذه الضربات الثلاث التي استهدفت ثلاث مناطق بسوريا بين مؤيد ومعارض وبين مكذب وشاك ومحايد.. سواء من الدول أو من الأحزاب والحركات والأفراد.. وهذا أمر طبيعي نظرا لتفاوت الأفهام واختلاف وجهات النظر والتحليلات والمصالح.

ومن الدول التي ثمنت هذه الضربات الثلاث هناك تركيا حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الضربة جاءت متأخرة وكان يجب أن تكون منذ مدة وأن تركيا ضد قتل الأبرياء في سوريا.. وكذلك ألمانيا حيث صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن حكومتها تدعم "هجوماً عسكرياً ضرورياً ومناسباً." كما أضافت ميركل:" ندعم خطوات حلفائنا الأمريكيين والفرنسيين والإنكليز حيث كان التدخل العسكري ضرورياً ومناسباً"..

نددت الخارجية الروسية بالضربة الأمريكية، وقالت في ظروف هذه الضربة أنه قد يتم توريد سوريا بمنظومات الدفاع الجوي الصاروخية" إس-300″

في حين نددت كل من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني وحماس بهذه الضربات واعتبروها عدوانا أمريكيا غاشما حيث صرح المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم في تصريح صحفي: إن العدوان يهدف إلى استباحة أراضيها وتدمير مقدراتها حفاظا على وجود الكيان الصهيوني وتمرير مخططاته. في حين اعتبر حزب الله في بيان له أن العدوان الثلاثي انتهاك صارخ للسيادة السورية وكرامة الشعب السوري وسائر شعوب المنطقة..

ونددت الخارجية الروسية بالضربة الأمريكية، وقالت في ظروف هذه الضربة أنه قد يتم توريد سوريا بمنظومات الدفاع الجوي الصاروخية" إس-300″، وأضافت روسيا أن 71 صاروخا من أصل 104 صاروخ منعت من السقوط على الأراضي السورية.

في ظل هذه المواقف والتصريحات المتضاربة نورد التساؤلات التالية:
* لماذا يا ترى ثمنت تركيا هذه الضربة في حين أن إيران وحزب الله وحماس نددوا بهذه الضربة واعتبروها عدوانا وتهديدا لسوريا؟
* هل هناك تهديد طال الشعب السوري أكثر من التهديد الروسي الإيراني الصفوي الذي دمر سوريا عن بكرة أبيها؟
* كيف يعقل أن تكون أمريكا وحلفاؤها قد انتهكوا السيادة السورية وإيران وروسيا من أكثر المتدخلين في الشؤون الداخلية لسوريا بقتالهم إلى جانب الجيش النظامي؟
* ما هي مصلحة حماس هذه المرة من التنديد بالضربة الأمريكية على مناطق الأسلحة الكيماوية ومختبرات إنتاجها ومخازنها؟
* هل يمكن القول أن هذه التصريحات تضليل وتدليس على المستهلك للإعلام والأخبار؟
* أم أن تصريح كل دولة وحزب أو حركة هو تصريح يعكس مصالح هذه الأخيرة من الصراع في المنطقة ككل؟

هذه كلها بضع أسئلة يطرحها المتأمل في السياسات الخارجية التي تنهجها دول العالم إزاء الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية المشتركة على سوريا، خصوصا وأن المواقف والتصريحات متضاربة ومختلفة إلى حد بعيد من دولة لأخرى ومن حزب وتيار لآخر، وهذا من مقتضيات السياسات المنافقة التي تنهجها الدول والأحزاب في عصرنا هذا فبين ليلة وضحاها لا يعرف العدو من الحليف..

 الضربة تمثل تهدئة للرأي العام العالمي بشأن مجزرة دوما الكيميائية.. ومن جهة أخرى تعطي بشكل ضمني الشرعية والضوء الأخضر للأسد في مواصلة تدمير ما تبقى من سوريا
 الضربة تمثل تهدئة للرأي العام العالمي بشأن مجزرة دوما الكيميائية.. ومن جهة أخرى تعطي بشكل ضمني الشرعية والضوء الأخضر للأسد في مواصلة تدمير ما تبقى من سوريا
 

وتبعا لكل ما سبق ذكره خرجنا باستنتاجات في نفس الموضوع:
أولا: المتأمل في التصريح الروسي والخرجة التي قام بها النظام السوري وكذلك احتفالات الموالين لنظام الأسد في الساحة السورية يجد أن حال الضربة الأمريكية على سوريا كحال قط شبعان يدغدغ فريسته..

ثانيا: ما أثارته هذه الضربة من ردود فعل إعلامية أكثر من الضربة نفسها بملايين المرات.. وهذا من التهويل الإعلامي والضخ في الأخبار أكثر مما تستحق يوحي إلى شيء مهم وهو محاولة التأثير على الرأي العام وتشويش وتدليس الحقيقة على ضعاف العقول والتفكير.

ثالثا: الضربة تمثل تهدئة للرأي العام العالمي بشأن مجزرة دوما الكيميائية.. ومن جهة أخرى تعطي بشكل ضمني الشرعية والضوء الأخضر للأسد في مواصلة تدمير ما تبقى من سوريا بحجة التهديد الغربي لبلاده ومحاربة الإرهاب المزعوم.

رابعا: وهذه أهم نقطة لمن يصفق للضربة باعتبار أن أمريكا وحلفاؤها لا يهمهم مصلحة الشعوب العربية الإسلامية ومن يعتقد العكس فهو مطالب بمراجعة إيمانه.. لأن الآية واضحة: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) البقرة: 120.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.