شعار قسم مدونات

هل خسرنا ذلك الإدراك؟!

مدونات - رجل يفكر

تريد أن تصبح سعيدا؟ تريد أن تتخلص من الأرق؟ 5 خطوات لتصبح ناجحا أو تعلم اللغة الإنجليزية في اسبوع فقط وغيرها من العناوين البراقة التي تسرق شغف الوصول بالأحلام فتطير بنا إلى قمة الإنجاز فننتشي بالنتائج الوهمية ومن ثم نعود إلى الواقع لكي نجد الطريق أطول مما كنا ننتظر أن يكون. أتساءل لماذا؟ هل هي طبيعتنا البشرية أم الظروف من حولنا؟ لست متأكدة من أن المانع الحقيقي لخوض ذلك الطريق هو طوله وإنما الشك في حتمية النتائج المرجوة منه. ربما يكون منبع هذا الشك شك في قدراتنا ولكنني أؤمن بأن الفؤوس التي كرست نفسها لتحطيم كل برعم من العمل هي العقبة الأكبر أمامنا. هذه الفؤوس والبراعم ليست تصنيفات ثابتة نصنف تحتها منذ الولادة فلربما نكون برعما في الحين الذي نكون فيه فأسا لنجاح آخر.

 

ولكن ربما نكون من البراعم المحظوظة بتغاضي تلك الفؤوس عنها إلا أننا لا نزال ضحية ذلك الحلم الذي يتقوقع داخلنا ويكبر حتى يكون سببا في إنهاكنا قبل البداية. ليست الغاية من كلامي قمع الحلم ولكن أن يتحول هذا الحلم لمعركة تستخدم فيها جميع أسلحتك وتستنفذ فيها أخر الذخائر هذا يحتاج منك وقفة مع استراتيجيات التخطيط لديك.

 

سواء طول الطريق أو الشك في حتمية النتائج أو الفؤوس المحطمة من حولنا أو افتقارنا للفرص الغير منطقية أو جميعها معا ليست مبررا لتعطيل إدراكنا لأهمية العمل والتوكل

لماذا لا تستهدف لذة النجاح بالوهم طفلا في الثالثة من عمره يريد أن يحصل على كرته التي تدحرجت تحت السرير ووصلت إلى نقطة لا تقوى يده الصغيرة الناعمة على قهرها. لماذا يحاول الطفل مرارا ثم يبكي. فالطفل يثور على ضعفه بالمحاولة ويثور على محاولته الفاشلة بالبكاء ولكنه لا يتذوق طعم نجاح لم يكن. الطفل في هذا العمر لديه من الإدراك ما يكفي ليعمل. فهل خسرنا ذلك الإدراك أم نسينا كيف نديره؟ وما أعنيه بذلك الإدراك هو إدراك الإرادة المتبوع بإدراك لأهمية العمل والتوكل. الجميع يريد ويدرك أنه يريد ما يريد ولكن البعض منا يحد إدراكه ويوقفه هنا.

 
و على الرغم من أن خوض المعركة في الحلم أو الوهم أصعب بكثير من خوضه على أرض الواقع لأننا في الأحلام نلزم العقل أن يكون المدافع والخصم في الوقت ذاته ونجبره على ارتداء زي المحارب وعلى النضال أمام نفسه في معركة فوز أي طرف فيها خسارة إلا أننا دائما على استعداد لنحارب في الخيال فكما ذكرت سابقا ليس طول الطريق ما يمنعنا من العمل ويحثنا على الحلم لأن الحلم أيضا يكون طويلا يعج بالصعاب أحيانا ولكن لا حدود للفرص فيه فما إن شعرنا بأننا على حافة الفشل حتى انتشلتنا فرصة غير منطقية ووضعتنا على الطريق من جديد وهكذا.

 
في بعض الأحيان نتبع إدراكنا لإرادة ما بإدراك للعمل ومن ثم بالعمل ذاته ولكننا نوضع على محكك الفشل فنقف محاربين لهذا الإحباط حالمين بتلك الفرصة الغير منطقية ولكن لماذا نقف ونحن نملك هذه الفرصة؟ نعم بالدعاء نملك هذه الفرصة فتقديرنا لها بأنها غير منطقية تقدير بشري ولكن الغير منطقي يتحقق في الواقع كما في الأحلام بالدعاء. ومن هنا أتساءل أيضا من أين أتت ثقتنا بالأحلام هذه؟! وإلى أين ذهبت ثقتنا بالدعاء لنحلم؟!

 
لا أعتقد أن أيا منا يفضل أن يتذوق طعم نجاح مغمس بالوهم وسواء طول الطريق أو الشك في حتمية النتائج أو الفؤوس المحطمة من حولنا أو افتقارنا للفرص الغير منطقية أو جميعها معا ليست مبررا لتعطيل إدراكنا لأهمية العمل والتوكل. بالتأكيد الوصول للنجاح في الحلم أسهل وأسرع ولكن المحاربة فيه أصعب بكثير من المحاربة على أرض الواقع فنحن نحلم لنعمل ولكن ما ان حولنا الحلم إلى أرض معركة ستنتهي المعركة قبل أن تبدأ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.