شعار قسم مدونات

سقطة الأسرة والمجتمع!

مدونات - قناع تعجب سؤال استغراب

هناك أناس في المجتمع كنا نعدهم من الأخيار نموذج في المثل العليا وأمثلة صالحة يحتذي بها اعتبرهم المجتمع المرجعية في القضايا الاجتماعية والسياسية كانوا الوجهة والقبلة التي إليها الناس يتجهون وبها يأنسون ويشعرون بالاطمئنان وارتياح النفس فهؤلاء كانوا في نظر المجتمع قادة الخير أصحاب أفكار ثاقبة ولسان ناطق بالرأي السديد يكشف عن عورات الأمور فيتفحصها ويدقق فيها حتى تتجلى الأمور ويصبح المجتمع في مأمن من المصائب والشرور المنطوية تحت خفايا الأمور كان المجتمع يتشبث بهم كطوق نجاه ويعتبرهم الأصل الأصيل والحصن الحصين والحبل المتين في كل القضايا.

 

لكن في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة العربية والأزمات السياسية والحرب الضروس الطاحنة التي تدور رحاها في بعض دول المنطقة،انكشف الغطاء وسقطت الأقنعة عن بعض الوجوه التي كان المجتمع يعدها هالة تضيء الدرب للمجتمع وتسعى جادة في انتشال المجتمع من مستنقع الظلم والجهل وتطهيره من الوضاعة الثقافية والأخلاقية.

 

لم نعلم أنهم من خلف الكواليس بائعو فكر فاسد وعلامة قيمهم مزيفة ليس لها سجل أخلاقي في المجتمع يطمسون الحقيقة ويزيفونها ويضللون الناس بآرائهم البعيدة كل البعد عن الحق، فيخلطون الحق بالباطل والحابل بالنابل لا وجود للمصداقية في قاموسهم وليست عنوان شرف بارز وظاهر على جباههم ووجوههم يقومون بالتحريف والتدليس ويتكلفون الفصحى في كلامهم ليستميلوا قلوب الناس من أجل حفنة مال أو منصب باعوا آخرتهم بدنياهم.

 

أي إنسان يعظم الدينار والدرهم عنده فهو إنما يعظم عنده النفاق والطمع والكذب والعداوة والقسوة وهيبة الإنسان تكمن في عزة النفس لا بالمال وفي بذل الحياة لا في الحرص عليها

فنار الحقد والكراهية والنرجسية التي يحيونها ويعيشونها في حدود مطالبهم الخاصة جعلت منهم خناجر مسمومة يطعنون به خاصرة المجتمع فتشل حركته وتزلزل كيانه وتهدم بنيانه وتقطع أنسجته وشريانه فيتصدع البنيان الاجتماعي. فشجرة مبادئهم وقيمهم ذابلة وأوراقها باهته وان نمت في ارض خصبة ورويت فجذورها ميتة لم تعد خضراء كما كنا نراها وما إن لفحتها حرارة نار الثورات حتى تحولت هيئتها وتبدل شكلها وتغير لونها وأصيبت بمرض اصفرار المشاعر والأحاسيس.

 

فعديمي الفائدة أقزام المجتمع وحثالته المتنكرين تحت عباءة حب الوطن والمواطن تجدهم دائماَ يعانون من تشوهات فكرية ينعكس سلباَ على أسلوب حياتهم فألسنتهم حادة سلطة على الضعفاء والمساكين والمظلومين ورقيقة وذليلة أمام فراعنة الحكم وأصواتهم زاجرة و متوعدة المجتمع بقطع رؤوسهم وحقيرة وهينة وخافته أمام ولاة الأمر الدكتاتورين المستبدين لماذا هي حقيرة وهينة لأن صاحبها مسلوب القرار والإرادة لا قيمة لأصواتهم ولا لجاههم ولا لأموالهم التي يتحصلونها من أسيادهم.

  
يقول مصطفى صادق الرافعي رحمه الله:
أي إنسان يعظم الدينار والدرهم عنده فهو إنما يعظم عنده النفاق والطمع والكذب والعداوة والقسوة وهيبة الإنسان تكمن في عزة النفس لا بالمال وفي بذل الحياة لا في الحرص عليها وفي أخلاق الروح لا في أخلاق اليد وفي إزالة النقائص من الطباع لا في إقامتها جعل أول الثروة العقل والإرادة لا الذهب والفضة.

 

فهؤلاء منحصرين في جسمهم ودواعي جسمهم تخضعهم المادة وتغرهم الدنيا فهؤلاء عبيد لأهوائهم يعيشون لأجل أنفسهم فقط فحبهم للقمه والعظمة جعلهم يحبون أنفسهم فقط فهؤلاء مثل الحيوانات يأكلون ويشربون فقط أهوائهم وغرائزهم ليست إنسانية بل حيوانية بحته يعيشون في حدود تفكيرهم فقط ولا يخرجون من القوقعة إلى الفضاء الاجتماعي ليعيشوا للناس ولأجل الناس، ومتى احتكم الإنسان لأهوائه فإنه سيعيش حياة تناقضيه لذة وألم ألم ولذة حتى و إن نال ما يشتهيه فإن شهيته تنضب وتتلاشى ويحيا حياة ملئها الشقاء والتعاسة ويعيش في دوامة الخوف والقلق وليست له راحة يعاني من اكتئاب نفسي شديد كسيح الذات فاقد للمناعة الاجتماعية والشعبية.

 
ألا يخجل هؤلاء من أبنائهم ألا يعلمون أنهم بهذه الصورة السوداوية يلطخون مستقبل أبنائهم بالعار والخزي والخيبة من فعال آبائهم ألا يعلمون أن ما يفعلونه سيدون في ذاكرة الأجيال القادمة وسيكتب في صفحات التاريخ أن فلاناً من أسرة فلان التابعة للقبيلة الفلانية كان كذا وكذا وتصبح أنت سقطة الأسرة التي ليس لها ذنب إلا أنها أنجبتك.
 
هؤلاء لا يعلمون أن خدمة المجتمع عمر ثاني وهم بأفعالهم تلك يكتبون في صفحات أسرهم ذكرى كريهة نتنة سيئة يتوارى منها من هو خلفه ومن نسله فالذكرى السيئة كالمرأة السيئة لا يلحقها العار هي فقط وإنما يلحق أيضا نسلها وجميع سلالتها فالإنسان تاريخ للأسرة والمجتمع أيضاً .
وأقول لهؤلاء كما قال الشاعر شوقي رحمه الله:

 
دقات قلب المرءِ قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.