شعار قسم مدونات

يوم الأرض.. هلع إسرائيلي وإيغال في التطبيع العربي

blogs - palestine

يوم الأرض يوم يحييه الشعب الفلسطيني كلما حل 30 مارس من كل سنة تخليدا لذكرى يوم الانتفاضة العارمة التي تفجرت 30/03/1976 على شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية في جميع القرى والمدن والتجمعات العربية في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 احتجاجا على العسف الصهيوني وسياسة التمييز العنصري ومصادرة الأراضي التي تمارسها سطات الكيان الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني الصامدين على أرض الوطن منذ عام 1948، وتحاول السلطات الإسرائيلية اقتلاعهم من أراضيهم وتمزيقهم إلى مجموعات صغيرة منعزلة والتضيق عليهم بمختلف الوسائل والأساليب القمعية. والسبب المباشر لأحداث يوم الأرض كان إقدام السلطات الإسرائيلية يوم 29/02/1976 على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل الأوسط لتخصيصها وإقامة مزيد من المستعمرات الصهيونية في نطاق مخطط تهويد الجليل، ومحاولة إفراغه من سكانه العرب الذين يشكلون نحو نصف مجموع السكان هناك.

  
لكن هذه المرة يخلد الشعب الفلسطيني سبعين سنة من الاحتلال ولم تثنيه عن عقيدة المقاومة جيلا بعدد جيل في مواجهة عقيدة القتل والدمار الصهيونية الممنهج رغم سقوط الأقنعة العربية تلوى الأقنعة.

"سقط َ القناعُ عن القناع ِ عن القناع 
سقط َ القناعُ 
لا إخوة ٌ لك يا أخي، لا أصدقاءُ 
يا صديقي، لا قلاع 
لا الماءُ عندكَ، لا الدواءُ ولا السماءُ ولا الدماءُ ولا الشراع 
ولا الأمامُ ولا الوراءُ 
حاصِرْ حصَارَكَ… لا مفرُّ 
سقطتْ ذراعكَ فالتقطها 
واضرب عَدُوَّكَ… لا مفرُّ .
وسقطتُ قربك، فالتقطني 
واضرب عدوكَ بي… فأنت الآنَ حُرٌّ..
قتلاكَ، أو جرحاك فيك ذخيرة 
فاضربْ بها اضرب عدوَّكَ… لا مَفَرُّ" 

 

لقد كانت الخارجية الأمريكية تتحدث عن الشرق الأوسط الجديد واتضح ذلك جليا في دمار العراق وسوريا واليمن والشرق الأوسط الجديد يحتاج لإسلام جديد بتفسير صهيوني؛ حيث عزى أفخاي ادرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك قبل حين ذكرى يوم الأرض بأيام فتاوى علماء مسلمين تحرم التظاهر. وقال فيما يرتبط بحماس من دعوتها للنساء والأطفال بأن يكونوا في مقدمة "المشاغبين" فقد حرم هاته الأعمال بنص بالآية (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). ففيما يرتبط بعلماء الإسلام الذي أشار إليهم أفخاي فما هي إلا حيلة صهيونية تتجلى في ضرب الرموز خاصة وأن العلماء سئلوا في الأمور الأكثر جرأة من التظاهر؛ فقد سئل الشيخ العثيمين رحمه الله عن قتال الفلسطينيين لليهود هل هو جهاد شرعي فأجاب "يكون الجهاد في محله بأن يكون المجاهَد ممن أمر الله بجهاده وأن تكون نية المجاهِد خالصة لله تعالى، بحيث يريد بجهاده أن تكون كلمة الله هي العليا… فهذا هو الجهاد الشرعي.. كما سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان حول الذهاب إلى الجهاد في بلاد المسلمين فأجاب السائل بقوله "ما ذكرته من رغبتك في الجهاد وإعانة إخوانك المسلمين في صد عدوان الكفار على بلادهم هذا شيء طيب تؤجر عليه إن شاء الله".

 

لم يبق للشعب الفلسطيني إلا نفسه بعد سقوط الأقنعة هذا إن لم تأخذ غزة درساً في التخريب مرة أخرى مع بداية رمضان لهذا العام من طرف العدو الصهيوني

وكون الجهاد فرض إذا حاصر العدو بلاد المسلمين إنما ذلك في حق أهل البلد المحاصر أنفسهم ومن كان فيه من المسلمين، وأما القرآن الذي استشهد به المسمى أفخاي فقد تطرق بشكل مستفيض عن جبلة اليهود وكأمثلة على ذلك قوله تعالى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) هنا العصيان والاعتداء واللعنة، وفي قوله تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) العداوة للمؤمنين، و قوله تعالى (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44))، وهذه الآيات تتضمن خلق كتمان الحق وإلباس الحق بالباطل والمكابرة بالحق وتفضيل منافع الدنيا عليه، ووعظ الناس بالبر والبعد عليه وهذا ينسجم إلى حد كبير مع البروتوكول الثامن الذي جاء فيه استعمال الحقوق القانونية استعمالا غامضا وبلغة حمالة أوجهه.

 
وذكرى يوم الأرض هذه المرة تأتي بمرارة التطبيع، وهو انزلاق خطير من دولة لها اعتبار مادي ورمزي في نفسية المواطن العربي حيث اعترف الأمير بن سلمان، ولأوّل مَرّة مُنذ بِدء الصِّراع العَربي الإسرائيلي، بإيمانه بحَق اليَهود بإقامة دَولتِهم على "جُزء من أرض أجدادهم"، ووصف دينيس روس حامِل مَلف الصِّراع في عِدّة إدارات أمريكيّة والمُفاوضات التي جَرت بين العَرب والإسرائيليين أنّها المَرّة الأولى التي يَصدُر فيها مِثل هذا الاعتراف بالحُقوق التاريخيّة لليهود، فقد تَحدّث قادة عَرب مُعتَدلون في السَّابِق عن وجود إسرائيل كأمْر واقِع، ولكن لم يَحدُث مُطلقًا أن اخترق أي مِنهم هذا "الخَط الأحمر"، قال طرفة بن العبد في معلقته: "وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ".

 
وأعرب الأمير عن قلقه إزاء إعادة تجربة الزعيم الألماني هتلر وقصد خامنئي ترى ماذا يعرف الأمير عن هتلر الذي بعث ألمانيا من الرماد في زمن قياسي كما ينبعث طائر الفنيق من رماده، والأدهى والأمر أن طرح الأمير بن سلمان المتمثل بحَق اليَهود بإقامة دَولتِهم على "جُزء من أرضض أجدادهم" فهذا الحق هو من الحقوق الخرافية، والتي ليست حتى محل إجماع داخل اليهود أنفسهم "إذا كان هذا الوعد البدوي، الذي يهدف إلى توطين قبيلة من الرعاة لتوفير الإستقرار لهم، يرجع إلى فكرة مبكرة، فإن الأمر مختلف بالنسبة للوعد الأوسط ذي الأبعاد القومية، إذ إن قبائل الإسرائيليين لم تتوحد إلا بعد قدومها إلى فلسطين، ومن تم فإن إعادة تفسير الوعد ليصبح وعدا بالسيادة السياسية لم تحدث إلا في فترة لاحقة و على ذلك، فإن الوعد الوارد في سفر التكوين (21-18:15)، والذي يشير إلى سيادة شعب مختار على جميع المناطق الواقعة من نهر مصر إلى النهر الكبير نهار الفرات، وعلى جميع الشعوب التي تسكنها، لم يكن سوى نبوءة مستوحاة من غزوات داود وتعد الفقرة الواردة في سفر التكوين (12 :3 ب) من النصوص الأساسية التي تتيح فهم أعمال صاحب المصدر اليهودي. إذ تشير هذه الفقرة إلى أن البركة التي تحل بالإسرائيليين تقترن بمباركة جميع قبائل الأرض. والمقصود بهذه العبارة جميع الشعوب التي كانت تتقاسم مع الإسرائيليين أراضي فلسطين والضفة الغربية. وهكذا فليس بمقدورنا أن نحدد على وجه الدقة في أي لحظة تاريخية ظهر الرب لشخصية إبراهيم التوراتية، ولمنحه الحق الشرعي في الاستيلاء على بلاد كنعان.

 

أما من وجهة النظر القانونية، فليس بين أيدينا صك بهذه الهبة يحمل توقيع الله، بل إن لدينا حججا قوية تدعونا للاعتقاد بأن المشهد الوارد في سفر التكوين (12: 1-8؛ 13 : 14-18 على سبيل المثال) لا يعكس حادثه تاريخية حقيقية. فهل من الممكن إذن إضفاء طابع آني معاصر على الوعد الأبوي؟ ليس هذا ممكنا بالتأكيد، إذا كان إضفاء هذا الطابع يعني استخدام الوعد كصك للملكية أو استخدامه لتسويغ أي ادعاءات سياسية. فليس لأي نهج سياسي الحق في أن يدعي لنفسه أنه جدير بضمان هذا الوعد. ولا يمكن للمرء، بأي حال من الأحوال، أن ينضم إلى أولئك المسيحيين الذين يرون أن وعود العهد القديم تضفي الشرعية على ما تدعيه دولة إسرائيل في الوقت الراهن من حق في الأرض.

 
وبالتالي لم يبق للشعب الفلسطيني إلا نفسه بعد سقوط الأقنعة هذا إن لم تأخذ غزة درسا في التخريب مرة أخرى مع بداية رمضان لهذا العام من طرف العدو الصهيوني. وقد أوغل الأمير في تعميق الجرح حينما أقدم على زيارة آل بوش لنتذكر بغداد السقوط والخراب والدمار والشهداء. والله غالب على أمره.

سقط القناعُ 
عَرَبٌ أطاعوا رُومَهم 
عَرَبٌ وباعوا رُوْحَهُم 
عَرَبٌ… وضاعوا 
سقط َ القناعُ  

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.