شعار قسم مدونات

قلق من العنوسة!

مدونات - العنوسة
الزواج ظاهرة كونية شجعت عليها كل الأديان السماوية وحظيت بدعم من المجتمعات والأعراف الإنسانية وهو فعل يقوم به الأفراد رغبة وطواعية ويترتب عليه الكثير من التبعات منها السياسي والاقتصادي والزراعي، وينشأ وفق لتلك التجمعات السكانية من الأزواج الأسواق والحدائق وأماكن الترفيه والعبادة كل شيء يعتمد ويدور حول فردين فكرا في إنشاء عائلة.
 
ترصد العديد من الدراسات الإحصائية حركة المجتمعات والتغيرات الديموغرافية والجغرافية والتغيرات التي تطرأ علي الخارطة السكانية وما إلى ذلك من دراسات وخلاصة ونتائج هذه الدراسات يستفاد منها في كثير من التطبيقات العملية ويتم عبرها تغيير مفاهيم اقتصادية واجتماعية أو سياسية، حتى القارة العجوز أوروبا عمرا وسكانا أصدر المهتمون بالسكان فيها إحصائيات بينت أن عدد الشباب في تناقص كبيرا مما حدا بالقائمين علي ذلك البحث عن حلول ومعالجات لهذه المفارقة وإيجاد المعالجات المناسبة من ضمنها تحفيز الشباب علي الزواج المبكر وإنجاب أكثر من طفل مثلما هو سائد.
 
دعت إلى ذلك أحد البلدات الإسكندنافية وجعلت لكل مولود جديد خمسة كيلو جراما من الذهب الخالص بجانب إجراء احترازي آخر هو استيراد شباب من الخارج أن صحت العبارة للانصهار في المجتمعات المحلية لتلك البلدان فيما يسمي بالمهاجرين وذلك بتوفير فرص العمل ومنحهم العديد من الامتيازات والزواج من فتيات تلك البلدان بسبب قلة الشباب في سن الزواج. وإذا قمنا بالنزول قليلا لسكان القارات الشابة وسكانها الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر فيها 60 في المئة من مجموع السكان وعلى ما يبدو أن هذه الدول الشابة في طريقها الي التشابه مع دول الشمال تلك في المعاناة من مشكلة الأحجام عن الزواج وتناقض نسبة المواليد فيها مع تباين الظروف بينهما وقد عبرت عن قلقها كثير من الجهات التي تهتم بذلك.
 

يحتاج الأمر من الناس العودة إلى فهم مقاصد الزواج كما ورد في النصوص القرآنية وإلى ما درجت عليه السنة ففي ذلك النجاة وصلاح المجتمعات وما تعارف عليه المجتمع من عادات وتقاليد حسنة

وكما قلنا إن الزواج والإنجاب أحد الحركات الديناميكية المهمة في حياة أي مجتمع وتترتب عليها عدة تبعات وعواقب في حال تعطلها أو الإقلال منها خاصة وأن أغلب دولنا يشكل الدين محور أساسي في حياة أفراده الخاصة والعامة وأغلب هذه الديانات تدعو للإحصان والتعفف والارتباط بميثاق متعارف عليه مجتمعيا ومبارك دينيا وقد كان تأخر سن الزواج أحد الأسباب التي دعت مجلس تشريعي ولاية الخرطوم علي لسان عضو المجلس عكاشة زكريا التعبير عن قلقه من هذه الظاهرة والعوامل التي تجعل الشباب يحجم عن الزواج ودعا الي معالجة هذا الأمر وإعادة الاضطرابات في البنيات الاجتماعية وأشار إلي أن المجتمع بنفسه هو الذي يساهم في إيجاد حلول ناجحة.
 
فعلي المجتمع السوداني أن ينظر الي داخله عميقا ويبحث عن الذي جعل مجتمعا محافظا ومتدينا مثل المجتمع السوداني يتزوج أبنائه بعد الثلاثين من العمر ومن الذي زرع تلك المخاوف والأوهام في عقلية الشباب عن الزواج وجعلهم يكتفون بالعلاقات وما شابه من المسميات المستهجنة والمرفوضة اجتماعيا ودينيا وإذا أقدم أحد ما على الزواج يتم تكبيله بمراسم وطقوس تعجيزية تجعل من يفكر في الإقدام على هذه الخطوة مجرد حالم.
 
والمتتبع لهذه المراسم يجد أنها تفاخرية ومستوردة وما ظاهرة إقامة مراسم الزواج في الصالات إلا واحدة منهم وايجار أحد الصالات يكلف ما قيمته سيارة أو قسط لبيت كامل بمساحة معتبرة قد تتجاوز الاربعمائة مترا وهناك من يقوم بتاجير الاثنين والثلاثة من ادخل تلك الثقافات الغريبة لمفاهيم أعراسنا البسيطة المباركة التي كانت تتم بقراءة الفاتحة وتوزيع التمر والعصائر المحلاة على الحضور ومن سمح بذلك بداية.
 
يحتاج الأمر من الناس العودة إلى فهم مقاصد الزواج كما ورد في النصوص القرآنية وإلى ما درجت عليه السنة ففي ذلك النجاة وصلاح المجتمعات وما تعارف عليه المجتمع من عادات وتقاليد حسنة تواترت من جيل إلى جيل بشأن عقد راسين في الحلال من غير تعقيدات مادية أو مظاهر تفاخرية لا تفيد أحدا. ثم ثالثا وأخيرا يجب أن يراعي المقبلون على الزواج حال غيرهم ممن ينوي الإقبال عليه بقدر المستطاع من أتباع البساطة والابتعاد عن المبالغة في هذا الفعل المقدس والمحترم من قبل شعوب العالم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.