شعار قسم مدونات

أجساد مستباحة لنساء بلا وطن.. سوريا يا وجع القصيدة!

blogs المرأة السورية

ونحن على أبواب اليوم العالمي للمرأة لا يسعني إلا أن أحني قبعتي لأجمل نساء الشرق لتلك التي ما غيرت رياح الهمجية من إشراقة وجهها الجميل، هي من تشد إليه الرحال من عهد الحاكمة زنوبيا إلى اليوم، تلك التي قال فيهن شاعر المرأة: من لم يتزوجن شامية مات أعزب وقال أيضا:  

 

حبيبتي أنت فاستلقي كأغنيةٍ         على ذراعي ولا تستوضحي السببا

أنت النساء جميعاً ما من امرأةٍ          أحببتُ بعدك إلا خلتها كذبا

يا شام إنّ جراحي لا ضفاف لها         فمسّحي عن جبيني الحزن والتعبا

 

وإني أجزم قطعا أن صدى تلك الأبيات جعل من نساء سوريا حضارة مطمعا لحاكم ظالم وداعشي مرتزق وسارق يدعي العمل الإنساني وقواد استغل الفقر ليجني الأرباح من أجسادهن.

 

"جنس مقابل الغذاء" عنوان لتقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية مفاده أن السوريات في مخيمات اللاجئين يتعرضن للاستغلال الجنسي من قبل الرجال الذين يقدمون المعونة بالنيابة عن الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية وفي نفس السياق أضافت قناة أورو نيوز أن العديد من السوريات مجبرات على تقديم خدمات جنسية وقبول عروض زواج غير ملائمة لهن في سبيل الحصول على القليل من المساعدات التي تقيهم برد الشتاء وتسد رمق أطفال لا معيل لهم إلا أمهاتهم.

 

صراحة، لم أستغرب ما جاء في هذا التقرير بل كنت أتوقع هذا السيناريو المقرف لأن المرأة العربية تنتهك حقوقها في زمن السلم فما بالك بزمن الحرب والفوضى مثل الذي تشهدها سوريا منذ سنوات؟ وأنا كمرأة رحالة أتيحت لي الفرصة أن أتابع انتهاك كرامة نساء ذلك البلد في العديد من المناسبات، مرة بمدينة طرابلس بليبيا حيث استوقفتني امرأة لتطلب مني بعض المال لمساعدة عائلة من سورية حينها انتابني الخجل ولم أعرف كيف أرد على سؤالها لقد لمست الكثير من والتواضع والبؤس على وجه تلك الأم الأربعينية التي هاجرت بلادها لتضطرها الظروف لتسول المال من الآخرين.

 

 كيف للعالم أن يصمت عن حاكم تغتصب النساء في سجونه عديد المرات من غرفة التحقيق إلى الزنزانة وثم تلاحق أمنيا وتمنع من السفر؟!
 كيف للعالم أن يصمت عن حاكم تغتصب النساء في سجونه عديد المرات من غرفة التحقيق إلى الزنزانة وثم تلاحق أمنيا وتمنع من السفر؟!
 

القاهرة وعمان والخرطوم وبيروت وحتى أديس أبابا بالقرن الافريقي كل تلك المدن يشهدن بمظالم ذاقت مرارها حفيدات زنوبيا ولا سيما الحبشة حيث التقيت فيها بامرأة سورية جعلت منها ظروف الحرب القاسية واللجوء السياسي بلبنان راقصة بمطعم للعرب لأحد رجال الأعمال اللبنانيين المقيمين بأثيوبيا.  

 

حكايات تدمي الأرواح قبل الأعين وقصص خطها التاريخ بقلم مغمس بالدماء والنحيب فكلما اعترضتني فتاة سورية أسال نفسي كيف للعرب أن تشارك بشار مثل هذه المظالم؟ كيف للعالم أن يصمت عن حاكم تغتصب النساء في سجونه عديد المرات من غرفة التحقيق الى الزنزانة وثم تلاحق أمنيا وتمنع من السفر وينتهي بها المطاف على الحدود تبحث عن قطعة حطب لتوقد بها بعض النار تحت خيمة مهترئة؟

 

ومن الناحية الأخرى، خارج المخيمات في باريس الشرق بيروت يتم استغلال الوضع الإنساني للسوريات الهاربات من أحكام نظام بشار الظالمة والناجيات من مليشيات تنظيم الدولة الإسلامية في العمل في مجال البغاء أو العمالة في البيوت وفي ألطف الأحوال التسول في شوارع بيروت. وبين الخرطوم والقاهرة تهاطلت الفتاوى والدعوات لستر للاجئات السوريات بالزواج بهن وكأن المساعدات وأداء الواجب تجاه السوريات لا يتم إلا عبر التزاوج. علما أن مثل هذه الحملات لم نسمع عنها حين تعرضت النساء في الصومال العربية للتهجير وقدم عدد كبير منهن للقاهرة.

 

علاوة على ذلك توجد طرق أخرى للتضامن كدعم التعليم وبناء المدارس وبناء مراكز لرعاية المعنفات وتوفير الحيطة الاجتماعية لهن وإصدار فتاوى حول الفساد الاقتصادي والدكتاتورية والظلم وغياب العدالة والملاحقات الأمنية للمدافعات عن حقوق الانسان في المنطقة العربية وإخبار زعيم البعث العربي بأننا أصبحنا أضحوكة العالم: دكتاتور يقتل شعبه وإخوة يتسارعون للفوز بجميلات الشام!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.