شعار قسم مدونات

ذا فويس كيدز.. لم أستطع أن أداري قلبي

blogs ذا فويس كيدز

لٙمْ أسْتٙطِع أٙن أُدارِي قٙلبي ولا أٙن أتٙجٰاهٙل "كٙوم" الغُرْبٙة.. هناك آهاتٌ تُحفرُ فينا، إلى المٙدى الذي يغْرزُ فينا الآه، إلى الدّٙرجةِ التي لا تٙجِفُّ فيها دمُوعنا أبداً في كلِّ مٙرّة نذكرُ فيها جُرحنا ثمّٙ نستغربُ بُـكاءٙ الخاسرين في برامج المُسابقات الخاصة بالأطفال، خاصّة أولئِك الذين جاؤوا من بلادٍ مُحطّمة، تحطّم فيها الأمل، وانتشرت فيها الدّماء وسقٙطٙت فيها الجُثث.

 

ثمّ تسمعُ صوتا متهكِّما: "وااااال عم تبكي ونسيت تبكي عن كل الجثث اللي عم بتشوفها"، لا لن يٙنسى، ولٙم يٙنسى، لم يُتح له أمثالُك أن يٙنسى، لم يُتح له أصحابُك أن ينسى، لم يٙنسى هموم الأُمة، جاء ليجِدٙ حيزاً بسيطاً فيها، بسيطاً ضيّقاً جداً، ليمسٙحٙ الجُرحٙ عن قلبه، لو قليلاً جداً لا أحد يبكي على خسارتهم بأن خسروا هذا المنصب العظيم، نحنُ نٙبكي لأجل الذين خسروا لأننا نستذكرُ خيباتنا التي حصَدناها في شوارعنا، في عملنا، في أرواحنا، ونبكي لأجل الذين فازوا لأنّا اشتٙقْنا الفٙرح، اشتقناهُ أكثرٙ من شيءٍ آخر، اشتٙقنا النجاح حتى لأجل أمرٍ تافه، اشتٙقنا البسمٙة هكذا أمامٙ جمعٍ يفرحُ لنا.

 

لقد أخطأ الجٙمع أحياناً في تعريب برنامج أحلى صوتٍ للأطفال "The voice kids"، لأنهم جاؤوا ليفرحوا، دعوهم يفرحوا بعيداً عن الدّمار الذي تركوه، لن تٙخسروا شيئا، أٙعطوهم أملاً بعيداً عن الفوز والخسارة، هُم سِرِقوا حقّهم بالطفولة بالبسمة باللعب في شوارع أوطانهم، لا تُقصوهُم من هذه المسابقة، لن يُضرّكُم إن غيّرتُم قانون اللُّعبة، كل قوانين حياتِنا غُيّرت لأجل أهمية فُلان ومكانة آخر، كل حقوقِنا انتُهكت، دعُ فقط حق انتهاك حقوق اللعبة أن يحدث مرةً واحدة، ليس من الضّروري أن نلتزم بقانون برنامجٍ وضٙعتهُ أممٌ عرٙفت كيف توفّرُ حقوقٙ الراحة لأطفالها، عرفوا كيف يُبعدوهم عن الحروب، لا بأس أعطوا أطفالٙنا هذا الحق، أن لا يُقصٙوا من هذا البرنامج.

 

ارحموهم من نظراتكُم، ارحموهم من الاستخفاف بعوزهم وجوعهم وألمهم، ارحموهم أنهم اختاروا أحد الأمٙرّين، هم أطفالُ حرب، سوريون عراقيون يمنييون مِصريون فلسطينيون، جاؤوا يبحثون عن الفرح
ارحموهم من نظراتكُم، ارحموهم من الاستخفاف بعوزهم وجوعهم وألمهم، ارحموهم أنهم اختاروا أحد الأمٙرّين، هم أطفالُ حرب، سوريون عراقيون يمنييون مِصريون فلسطينيون، جاؤوا يبحثون عن الفرح
 

سمعتُك.. سمعتُ هٙمسك المتهكّم أيضاً، برفضك البرنامجٙ من أصله، أوجِد لنا آخر، أوجد لنا بديلاً، لم آتي للتحدُّث في حرمةٍ ما زالت الأمم تناقشها، جئت أقول ارحموا خيبات أملهم التي من المُمكِن تفاديها، ارحموا دموعهم التي كان من الممكن مٙسحُها، ارحموا قُلوبهم التي كان من الممكن أن تلتئم قليلاً قبل أن يُعاودوا استذكار أوطانهم، نعم جميعُنا يحملُ همّهُم، ألم تستمتع بخيراتِ بلادهم مراراً وتكراراً، ألم تزُرهم حين كانت تضيقُ بك البلاد، ألم تأخُذ من علمهِم عِندما لم تجِد مقعداً دراسياً في وطنك، ألٙم ؟ ألٙم؟

 

أرجوك لا تٙجعل جوابٙك لهم ألماً حقيقياً هم لا يذكروا عباراتهم ليستجدوا عٙطفك عليهم، ولا تاجروا بقضيةِ وطنهم، هم أطفال أرادوا أن يُهدوا أوطانٙهُم شيئاً ضمنٙ طاقاتهم وقدراتهم، اقرأ كيف نهضٙت البلدان بعد الحربِ العالميةِ الثانية، كُلٌّ أهدى وطنهُ فرحاً فازدٙهر، أنتم تسرقونٙ منهُم فرحاً جديداً، وتُهدونهم ألماً أكبر، لا لم يستغلوا حُزنهم، هم ذكروها لأنها أكثرُ ما يُؤلمُهم، لأنها غيّرتهم، لأنها سلبِتهم ضحكاتهم الخالية من الغُصص التي لم تعُد تُفارقهم، لأنهم لم ينسٙوا بأن الكُرسِيّ الذي تناقشُ الآخرين في أحقيّته التي تعودُ لك، ذات الكُرسي، يذكّره بالكرسي الذي اختبأ عزيزٌ على قٙلبه خلْفه يومٙ انهار البيت على رأسه.

 

ارحموهم من نظراتكُم، ارحموهم من الاستخفاف بعوزهم وجوعهم وألمهم، ارحموهم أنهم اختاروا أحد الأمٙرّين، هم أطفالُ حرب، سوريون عراقيون يمنييون مِصريون فلسطينيون، جاؤوا يبحثون عن الفرح، وآخرون جاؤوا يبحثون عن الأمل بأن لا يحدُث في بُلدانهم ما حدثٙ هُناك، لا تهبوهُم غُصّتين في آنٍ واحد، أفرحوهُم لو قليلا ً قليلاً، كم هو قاسٍ أن يُحرم شخصٌ الفرح، بعدما ظنّ امتلاكه. هل تظُن أنهم شاركوا لأنّهم سَلُو، هم هربوا، لم يفتح لهم أحدٌ بابَه، فقط أرادوا لمرةٍ واحدة أن يشعروا بالفرح تلك الكلمة التي صارت شيئا من الذكرى، وصارت صرحاً من خيالٍ فهوى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.