شعار قسم مدونات

"نوتيلا" اللذيذة.. ليست وحدها المتهمة

مدونات - نوتيلا

غالبا ما يبحث الناس عن الأصناف الغذائية ذات الأسعار المرتفعة والعلامات التجارية المعروفة والمرموقة، ذلك أنها قد تكون -من وجهة نظرهم- ذات جودة أعلى وعناصر غذائية أغنى، وقد يكون في هذا بعض الواقعية. أضف إلى ذلك شكل ونوع التغليف الذي يجذب المستهلكين. لكن كثيرا منا لا يكلفون أنفسهم عناء النظر بالـ "مكونات" المصنعة منها المادة الغذائية التي يشترونها ويدفعون ثمنها جل ما يملكون من نقودهم، فقط، لأنها تحمل الاسم التجاري هذا أو ذاك.

 

وعلى ذلك، هل يمكن أن يكون الغذاء الذي نتناوله سعيدين متلذذين به سببا في دمار صحتنا؟ هل يصدق المستهلكون حقيقة أن أصحاب العلامات التجارية ما كانوا ليكترثوا لهم، بل لمصالحهم ومرابحهم والهرم الذي يسعون كل السعي للوصول إلى قمته؟

 
أحد أبسط الحقائق، هي طريقة تصنيع الأغذية، خاصة المحلاة منها. ظلت الإعلانات التجارية على مدى سنوات وسنوات تعمل لحساب الإتجار بصحة المستهلك من خلال تصوير السمن النباتي والزبدة النباتية (مرجرين) على أنهما صحيان وأفضل من ذانك الحيوانيين، لكن هل نعي حجم الكذبة. الحق أن اعتقاد أن السمن والزبدة النباتيين أفضل صحياً هو خاطئ تماما، ففي كل منهما ضرر وقد يكون أكبر من ضرر الدهون الحيوانية، لأن السمن النباتي يحتوي على كمية عالية من الدهون غير المشبعة Trans Fat وهي تنتج من هدرجة الزيوت، وهذه الزيوت المهدرجة أثبتت دراسات عديدة تأثيرها السلبي على معدّل الكولسترول الضار في الدم وبالتالي زيادة المخاطر الصحية.

 

فيما يسأل السائل، أيهما تأثيره سلبيا أكثر من غيره على المنتج زيادة السكر وتقليل "الكاكاو" أم استبدال الزيت المهدرج بزيت آخر، تكون الإجابة في معرفة الهدف من وراء الإنتاج

الزيوت المهدرجة، هي زيوت نباتية وغالبا ما تكون من زيت النخيل، يتم التغيير من صفاتها من خلال عملية "الهدرجة" وهي تحويل الزيت النباتي السائل إلى مادة جامدة. وعملية الهدرجة تسهم في استقرار الزيوت التي تستخدم بتصنيع الأطعمة مثل المخبوزات، البسكويت، الشوكولاتة، الحلويات، الشيبس، بعض أطعمة الوجبات السريعة التحضير، …إلخ، لكونها تحفظ الأطعمة لفترة أطول، بالإضافة إلى أنها تحسن نكهتها وقوامها.
 
ببساطة، إن أحد ألد الأعداء للصحة هو هذا الزيت المهدرج، وغالبا ما يكون زيت النخيل. منظمات تعنى بالصحة عديدة في العالم وعلى رأسها منظمتا الصحة العالمية والأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) والهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية، تحدثت عن خطورة محتملة من استخدام زيت النخيل في صناعة المنتجات الغذائية وذكرت أنه قد يصيب من يتناوله بالسرطان. وفيما يحاول الناس السيطرة على مقدار السكر الذي يتناولونه ويحجمون عن بعض أصناف الحلويات درءًا للخطر، فإنهم قد يكونون عرضة لخطر أكبر من جراء تناول منتجات معروفة ومشهورة وذات جودة عالية. 


أزعم أن كل العالم يعرف "نوتيلا"، هذه الشوكولاته "معشوقة الملايين". المثير للحنق، أن حديث وغضب عشاقها ينصب حاليا على تغير طعمها بسبب إجراء تعديل على وصفتها. هذا التعديل تواردت الأنباء حوله لتبين أنه جرت إضافة المزيد من السكر وحليب البودرة إلى المنتج لتحقيق المزيد من الربح أو لتخفيف كلف الإنتاج. عشاقها لم يغضبوا لزيادة تأثير تناولها السلبي على الصحة بل لأن طعمها ولونها قد يحويان اختلافا من جراء تغيير الوصفة. فهل يعرفون ما هو أعظم؟

 

هل يدرك المستهلك حقيقة أن منتجا سعره بضعة قروش لا يختلف البته عن منتج سعره مئات القروش سوى من حيث الاسم ونوعية التغليف والمكان؟
هل يدرك المستهلك حقيقة أن منتجا سعره بضعة قروش لا يختلف البته عن منتج سعره مئات القروش سوى من حيث الاسم ونوعية التغليف والمكان؟
 

فيما دافعت "فيريرو" الإيطالية عن منتجها الرائج حول العالم، لم تذكر مخاطر السكر أو تلتفت إليها، لكنها التمست العذر من أنها لن تستطيع استبدال مكون "مضر جدا" هو زيت النخيل بمكون آخر بديل. هذا الأمر حدث العام 2017. الشركة أوضحت أنها لن تغيره بزيت آخر، لأن ذلك سيسفر عن منتج أقل في المستوى عن المنتج الحقيقي وسيكون ذلك خطوة للوراء، بحسب ما أكدت في أكثر من مناسبة.

 

وفيما يسأل السائل، أيهما تأثيره سلبيا أكثر من غيره على المنتج زيادة السكر وتقليل "الكاكاو" أم استبدال الزيت المهدرج بزيت آخر، تكون الإجابة في معرفة الهدف من وراء الإنتاج. وفي الحقيقة، إن جل المنتجات المحلاة التي تملأ الأسواق تحتوي على هذا الزيت الخطير، حتى تلك العلامات التجارية والأسماء الشهيرة جدا التي تربت عليها الأجيال، وإن العديد من المنتجات الأخرى سواء المحلاة في المخابز ومحالات الحلويات وتلك المالحة المقلية والمعلبة أيضا تحتوي في مكوناتها على واحد أو اكثر من الزيوت المهدرجة، ناهيك عن السكر الذي يدخل في صميم إنتاجها.

 
وفيما تبذل الشركات قصارى جهدها للبقاء راسخة في السوق، هل يدرك المستهلك حقيقة أن منتجا سعره بضعة قروش لا يختلف البته عن منتج سعره مئات القروش سوى من حيث الاسم والعلامة التجاريان ونوعية التغليف والمكان الذي يباع فيه؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.