شعار قسم مدونات

عالم الفيزياء هوكينج.. بماذا سيخبر الله؟

blogsستيفن هوكينج

لمجرد الإعلان عن انتهاء حياة العالم الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينج، لم أتعرض لتفاصيل حياته كثيراً التي عرفنا أبرزها منذ زمن، ولا إلى أبحاثه العلمية التي أنتجها بعد رحلات من البحث الطويل والتي درسنا بعضا منها في المدرسة ونحن في المراحل الأساسية.

لكن.. وبعد قطع مسافة لا بأس بها من هذا العمر الذي قضاه باحثا ومستكشفاً ومستنتجاً لكثير من الحقائق الكونية التي سبق بها رفاقه في ذات المجال، لمَ لم يؤمن بوجود الله وخلقه لهذا الكون البديع، أم أن الاعتراف بهذه الحقيقة ستقلل من شأنه كأحد أعظم العلماء عبقرة على وجه الكوكب؟، أو أن اعترافه سيقلل من شأنه عالماً فيزيائيا، وينضم بذلك إلى عموم الناس الذين آمنوا بوجود الله؟ أم أن اعتقاده المبني على الفلسفة والتفكير خارج صندوق المنطق دفعه لخلط الأوراق بعدم وجود الزمان وأن الله وُجد بعد وجود الزمان وقت خلق الكون، وهو الذي خلق الزمان والمكان ورفع السماوات وبسط الأرض ووضع فيها الجبال الرواسي وفجر فيها الأنهار والبحار، وأطلق الطير والدواب واستخلف فيها الإنسان؟

بعد دراسات الفلسفة الكونية في التفاصيل الدقيقة لحيثيات الكون ومفرداته، لم يؤمن ستيفن بوجود الله وأعلن أن هذه الأرض تراهن على بقاء الأقوى والأصلح، أما الضعيف فله الهلاك، وأن هذه الحياة ليس بعدها آخرة ولا حساب ولا جنة ولا نار، وعند رحلة الهلاك -الموت- تنتهي صورة الحياة بأكملها، ولا علاقة للأقدار بالتحكم بمصائر البشر.

إذن بعد حزمة المعتقدات التي يؤمن بها ستيفن والتي دونها في دراساته وكتبه وأبحاثه العلمية، وبعد أن انتهت حياته الأولى التي كانت مسجلة آنفاً في اللوح المحفوظ منذ ولادته، وعند لقائه الأول بملائكة العذاب وملائكة الجنة، بماذا سيجيب عن الأسئلة التي نحفظها ونلقنها لكل من آمن بالموت والحياة الأخرى بعد الموت؟ بماذا سيجيب الملكين مُنكر ونكير الذين سيبدأن معه بالسؤال الأول، من ربك؟ بماذا سيجيب عليهم، هل سيتلو عليهم أبحاثه ودراسته ومعتقداته التي توصل إليها، أم أنه سيبقى مشدوها إلى أقصى درجات التشنج والاندهاش والصدمة والخوف والارتجاف من هول ما يسمع ويرى. كيف لهم الانتقال إلى سؤالهم الثاني إذا كانت إجابة السؤال الأول لم تتلى عليهم بعد؟، كيف لهم أن يسألوه ما هو دينك الذي آمنت به؟، ومن هو نبيك المرسل؟، أتعرفون أن الموتى لا فرق بينهم إذا ما غادروا الحياة؟، فالأسئلة هي ذاتها تطرح على أصحابها سواء كانوا مسلمين أو كافرين!

نحن كبشر لا نقدر مصائر الموتى، ولكن عالم عبقري صاحب عقل خارق كستيفن كان عليه أن يبقى بحدود المنطق والعقلانية في رحلات البحث عن وجود الله
نحن كبشر لا نقدر مصائر الموتى، ولكن عالم عبقري صاحب عقل خارق كستيفن كان عليه أن يبقى بحدود المنطق والعقلانية في رحلات البحث عن وجود الله
 

وحين ينتهي ولن ينتهي من مرحلة السؤال، كيف سيقف أمام الله؟ وبماذا سيخبره أخيراً؟ هل سيخبره بكل ما توصل إليه؟ أم أنه سيكتفي بـ..، لا أدري كيف العمل يكون في هذا الموقف العظيم، وكيف سيكون شكل الحوار الذي سيكون بين (الله) وبين عالم كبير سلك درباً في البحث العلمي إلى آخر لحظة في حياته؟

نحن كبشر لا نحتم ولا نقدر مصائر الموتى حتى وإن كانوا لا يؤمنون بالله، ولكن عالم شهير وعبقري صاحب عقل خارق كستيفن كان عليه أن يبقى في حدود المنطق والعقلانية في رحلات البحث عن وجود الله. فليس من إنسان عاقل يتصل بعالم خارجي عملاق له أن يؤمن بأن الكون قد وجد عن طريق الصدفة، وأن الكون تشكل بموجب قواعد الفيزياء التي تتشكل وتتكون وتتفرق بفعل انفجارات ومكونات ليس لها علاقة سوى بقواعد الفيزياء الكونية ولا يد لخالق عظيم خلفها.

نحن كَ عالم الفيزياء، لم نرى الله وإيماننا بوجوده هو إيمان فطري عميق، وتكتمل هذه الفطرة بوجود القرآن الكريم الذي لا زال العلماء يكتشف منه الحقائق والمعلومات التي تكتشف في هذا القرن على أنها اكتشافات حديثة، وكذلك تكتمل باتباع السنة النبوية ذلك الإرث الإسلامي الذي لا غنى عنه وعن تعاليمه الحقيقية والمكملة لتفاسير القرآن الكريم. الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، والحمد لله الذي جعلنا من أمة محمد، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنتهتدي لولا أن هدانا الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.