شعار قسم مدونات

رحلة مع رفعت إسماعيل!

مدونات - رفعت إسماعيل

فلنقل أن هذا المقال هو مزيجٌ من المقال والمُراجعة (ريڤيو) لأحد القراء المتواضعين في شكل مقال بسيط يحكي القليل عن الكثير -حياة رفعت إسماعيل-، أحكي عن الإنسان الذي يجب على الجميع أن يعرفوه على وجه السرعة لأنه رائع كما كان يقول عن نفسه..
 
أعتقد أن عامًا قد مضى منذ قرأت تلك الرواية المسماة "في ممر الفئران" للكاتب أحمد خالد توفيق لم أكن أعرف حينها أن تلك الرواية هي نسخة مُعدلة من "أسطورة الظلام"، تلك الرواية كانت بوابتي إلى عالم د. أحمد خالد توفيق ومن ثَمَ اقترح علىّ أحد زملاء الكتابة أن أقرأ قصة لنفس الكاتب تُدعى "أسطورة الجاثوم". عرفت يقينًا أنني لن أقرأها لكنني قررت في أحد الأيام أن أنفض عني الكسل لأبدأ بالقراءة التي لا تتوقف مع ذلك الاقتراح بقراءة السلسلة كاملة، سلسلة الأساطير -ما وراء الطبيعة- التي تتضمن (أسطورة الجاثوم) المقترح الأول، وقد كان.. بدأتُ الرحلة مع الكهل رفعت إسماعيل في اليوم السادس من شهر أغسطس بعام الفيّن وسبعة عشر.
 
على عكس الكثيرين الذين عايشوا د. رفعت إسماعيل، استمعوا له وانتظروه من عامٍ لآخر لمدة واحد وعشرون عام بدأتُ أنا رحلتي مع رفعت إسماعيل بعد وفاته بثلاثة أعوام كاملة فلم أعاصره حيًا أبدًا. الشيء الذي لم أختلف فيه مع من عاصروه في حياته هو أنني أحببته كما أحبه كل قراءه بلا استثناء.. دعوني لا أطيل أكثر ولأدخل إلى صلب الموضوع فأقول من هو رفعت إسماعيل ثم أحكي رحلتي الصغيرة نوعًا معه..

 

أحببت في رفعت إسماعيل أنه تعايش في ومع عالمه الخاص بعيدًا عن الجميع ودون أن يحتاج لوجود أحد، أحببت فيه حبه لماجي الذي لم يَزُل أبدًا رغم أن الأعوام والمسافات شكلت عائقًا أمامه

رفعت إسماعيل لمن لا يعرفه هو طبيب أمراض دم مصريّ بلغ من العمر أرذله، سيء الحظ، مطارد للأشباح ويتشمم كل ما هو خارق للطبيعة أو أتٍ من عالم ما وراء الطبيعة عن بُعد، بدأت رحلته مع الدكتور كامنجر في "أسطورة مصاص الدماء" حيث تبين أنه ضعيف القلب جبان. مرت الأعوام وازدادت خبراته يومًا عن يوم حتى صارت حياته لا تخلوا من عوالم ما وراء الطبيعة فصار لا يهاب أي شيء فيها إلا أن قلبه ظل يضعف وخذله في أوقاتٍ كثيرة. له أعداءٌ كُثُر على رأسهم بل وأبرزهم كان الدكتور لوسيفر الذي ظل يعاديه حتى مماته وأظنه يكرره حتى الآن..

 

عندما بدأت أقرأ حكايا رفعت إسماعيل في السادس من شهر أغسطس لعام الفيّن وسبعة عشر كما قلت سلفًا لم أكن أعرف حينها أن هناك يومين فقط يفصلان بين ذكراه الثالثة، أتعجب الآن من هذه المصادفة العجيبة، كيف أنني تعرفته في ذكراه الثالثة دون أن أعلم ذلك إلا في ذكراه الرابعة! أذكر جيدًا حالتي عندما كنت اقرأ (أسطورة رفعت)، رحت أسأل أمي تخيلي أن هناك من تحمل اسمك ذاته ولها أبوكِ ذاته ونفس الأبناء، هي أنتِ وأنتِ هي.. نظرت لي أمي حينها نظرةً تشي بأنني أغبى شخص في العالم ثم بدأت منذ ذاك الحين تنعتني بالجنون وبأن رفعت هذا سينهي أمري في المصحة العقلية لا محالة لكنني على الرغم من ذلك أحببته بشده وازداد تعلقي به كلما قرأت حكاياته أكثر.

 

بالنسبةِ لي -الكاتبة التي تكره القراءة وتبغضها أشد البغض- بدأتُ رحلتي مع رفعت إسماعيل في نهمٍ شديد لم أتوقعه وأظن أن كل محبيه كانوا مثلي منذ اللحظة الأولى، فهو شخصٌ يلفت الأنظار رغم كُهولته ومظهره الذي يشبه مكنسة صلعاء كما وصف نفسه على الدوام.. أحب الجميع سخريته اللاذعة من كل شيء وأحب الجميع دعاباته التي لم يكن يفهمها أحد غالبًا إلا ماجي حبيبته وصديقه عادل من ثَمَ نحن قراءه.

 

undefined

  

لم يكن رفعت إسماعيل مثالًا في حكي الرعب فقط لكنه كذلك أصبح عامل استفزاز بالنسبةِ لي كي أقرأ أكثر وأتعلم، لأكون إنسانًا مثقفًا يعرف حتى القليل عن كل شيء، كل بلد وكل لغة إلى جانب أنني تعلمت منه أن لا أخاف في الكتابة حيث يمكنني أن أعبّر عن كل ما يجول ببالي بكل حرية دون داعٍ للخوف من أراء الأخرين، المهم أن أدوّن كل ما أشأ تدوينه لأنني شئت ذلك. في الواقع منذ بدأت أنخرط في قراءة حكاياته شعرت أن خيالي اختلف كثيرًا وأن أسلوبي في الكتابة تبدل أشواطًا بشهادة عدد لا بأس به في نظري.

 
أعلم الآن جيدًا أنني لن أقرأ ثانيةً لفترة ليست بالقليلة، أنا بالفعل لم أستطع أن أقرأ رغم أنني أصبحت من محبي القراءة كما أعتقد إلا أن تأثري برفعت إسماعيل يمنعني من القراءة عن غيره. النقطة الغريبة هنا هي أنني لا أستطيع حتى أن أقرأ لبطلٍ أخر من أبطال د. أحمد خالد توفيق ويصعب علىّ أن أغيّر الكاتب تمامًا.. رفعت إسماعيل أثر فيّ كثيرًا ولن يذهب عن رأسي بسهولة كما توقعت!

 

الحقيقة أنني أحببت في رفعت إسماعيل أنه تعايش في ومع عالمه الخاص بعيدًا عن الجميع ودون أن يحتاج لوجود أحد، أحببت فيه حبه لماجي الذي لم يَزُل أبدًا رغم أن الأعوام والمسافات شكلت عائقًا أمامه، وأحببت في رفعت ثقته بنفسه رغم كونه أعزب غريب الأطوار في نظر الكثيرين واعتدت منه أن يقول "أعرف لأنني رائع!" هو بالفعل كذلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.