شعار قسم مدونات

اليمن بين مطرقة إيران وسندان عاصفة الحزم

blogs اليمن

يعيش اليمن واحدة من أصعب نتائج الربيع العربي منذ سبع سنوات للأسف. بعد استقالة علي عبدالله صالح وفشل تأسيس المجلس الانتقالي اليمني وارتفاع التوتر بين الحكومة الشرعية والحوثيين واستيلاء الحوثيين على السلطة أو انقلاب 21 سبتمبر، ردت الدول الخليجية على عملية عاصفة الحزم بطلب من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. فاندلعت حرب أهلية وحرب وكالة في اليمن مثل سوريا.

موضوع اليمن معقد جداً. وهناك أكثر من طرفين بما فيها قبائل ومذاهب ودول متدخلة وجماعات إرهابية. وبينما يتحول الصراع إلى حرب في اليمن، ظهرت خطتين لتحرير البلد من الاأخر ولعبة محصلتها صفر. فمن جهة هناك خطة الحوثيين المدعومة من إيران وروسيا ومن جهة أخرى هناك خطة السعودية والإمارات المدعومة من الولايات المتحدة. لتوضيح الخطتين، يجب أن نفهم الأطراف إلى جانب الأهداف والقوى.

في الواقع الحوثيون أصبحوا كياناً خاصاً منذ قرون بسبب عوامل متنوعة من ضمنها اتباعهم المذهب الزيدي وانتماؤهم للقبيلة الحوثية وتوليهم زعامة الزيدين. نشرت الزيدية في شمال اليمن خصوصاً في مدينة صعدة على يد الحوثين. كان الحوثيون قبيلة زعيمة من سنوات ولكنهم تحولوا وأصبحوا حركة دينية وسياسية مع بدر الدين الحوثي الذي أسس جماعة أنصار الله وبدأ يحارب ضد الحكومة الشرعية رغم أن علي عبدالله صالح كان زيدياً. حسب بعض المصادر تحول بعض قادة الحركة الى الإثني عشرية واقتدوا بجماعة حزب الله. هذه معلومات غير مؤكدة لكنّ العلاقات الودية الحوثية مع إيران وحزب الله وحتى روسيا واضحة.

يبدو أنّ أهداف الخليج في اليمن تشابه أهداف الحوثيين في أنهما يرغبان في إنقاذ البلد من بعضهما كما أنهما يستخدمان المليشيات للتوصل إلى أهدافهم إلى جانب أنهما يطبقان سياسات ضد الوحدة اليمنية

في وقت الربيع العربي كان هناك تعاون بين المعارضة اليمنية وجماعة الحوثيين ضد سلطة علي عبدالله صالح من أجل الثورة. نظراً لمشاكل وخلافات لتأسيس الحكومة الجديدة، اغتنم الحوثيون الفرصة لمصلحتهم ونجحوا في السيطرة على عاصمة اليمن صنعاء من 21 سبتمبر 2014 حتى الآن. بعد ذلك بقليل أقال الحوثيون الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه خالد محفوظ بحاح من وظيفتهم الأمر الذي أدى إلى أزمة سياسية في اليمن.

سيطرة الحوثيين على جنوب وشرق اليمن في 21 سبتمبر اُعْتُبِرتْ انقلابًا بحسب الحكومة الشرعية ومؤيّديها، ولكنها اُعْتُبِرتْ ثورة بحسب الحوثيين ومؤيّديهم. وفي ذلك الوقت تزعزعت وحدة اليمن وتعطلت إدارات الدولة خصوصاً الجيش وساءت ظروف الحياة الاجتماعية. وفوق هذا، يهدف الحوثيون ليس فقط للحكم في منطقتهم في شمال اليمن بل يخططون ويسعون للسيطرة على كل الأراضي التي يمكنهم السيطرة عليها.

فيما بعد بدأت عملية عاصفة الحزم على يد دول الخليج في السنة 2015 ولكن هذه العملية قتلت عدد من المدنيين بضربات جوية. وبالإضافة إلى ذلك ساءت الحالة الإنسانية بسبب إيقاف المساعدات الإنسانية وحصار دول الخليج. السعودية والإمارات كانتا قائدتي عملية عاصفة الحزم واعتبرتا الحوثيين تهديداً ضد أمن الجزيرة العربية لا جماعةً يمنيّة.

يبدو أنّ أهداف الخليج في اليمن تشابه أهداف الحوثيين في أنهما يرغبان في إنقاذ البلد من بعضهما كما أنهما يستخدمان المليشيات للتوصل إلى أهدافهم إلى جانب أنهما يطبقان سياسات ضد الوحدة اليمنية. ولهذا فإنّ دول الخليج تكافح ضد الوحدة الحكومة اليمنية أيضاً. فعندما أعلن المجلس الانتقالي الانفصال في الجنوب، دعمت الإمارات هذه الحركة لتستخدم سياسيين كعيدروس الزبيدي وهاني بن بريك لزعزعة وحدة اليمن.

بيد أنّهما يختلفان، فبينما الحوثيون لديهم الهوية السياسية الخاصة ويحاربون لأجل الحكم الذاتي، فانّ جهود الخليج جزء من خطة كبيرة خارج الإقليم وفي ظل هذه الظروف تحاول دول الخليج أن تسيطر على الموانئ والمناطق الاستراتيجية المهمة لهم. من أجل تحقيق هذه الأهداف دربت الدول الخليجية أكثر من 25 ألف مقاتل في 3 أقاليم في اليمن هي النخبتان الحضرمية والشبوانية وقوات الحزام الأمني في عدن. بينما السعودية تدرب مقاتلين للحكومة المركزية بهدف إنقاذ الشمال من الحوثيين، والإمارات تدرب مليشيات لتسيطر على الجنوب.

الأزمة الإنسانية في اليمن مأساوية ومحزنة وفاجعة بالنسبة للإحصاءات الحالية من حيث أن عدد القتلى 7.600 وعدد المصابين 42.000
الأزمة الإنسانية في اليمن مأساوية ومحزنة وفاجعة بالنسبة للإحصاءات الحالية من حيث أن عدد القتلى 7.600 وعدد المصابين 42.000
 

نفوذ السعودية والإمارات في اليمن يتغير بحسب الأهمية الاستراتيجية والمصلحة أيضاُ. الممر إلى ساحل بحر العرب لطالما حلم به السعوديون منذ عهد بعيد. ولهذا اعتدى السعوديون على ميناء الغيظة وحصلوا على اتصال مع القبائل في الجنوب الشرقي ووزعت أموالا وأسلحة وسيارات وجوازات سفر للرؤساء القبائل. كذلك الإمارات أسست قوات النخبة الشبوانية في المدينة الشبوانية بجانب مليشياتها في حضرموت وعدن لأنها غنية من حيث النفط والغاز الطبيعي.

ومع ذلك النزاع بين الحوثيين ودول الخليج  الذي أدى إلى الحرب الأهلية في اليمن. من البديهي أن الأزمة الإنسانية في اليمن مأساوية ومحزنة وفاجعة بالنسبة إلى الإحصاءات الحالية من حيث أن عدد القتلى 7600 وعدد المصابين 42 ألف وأكثر من 3 مليون نازح ونحو مليون حالة كوليرا منذ بداية عملية عاصفة الحزم واندلاع الصراع بعد مارس 2015. بعد أن قتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي كان يرقص على رؤوس الثعابين، لا يبدو أي سبيل إلى السلام والنظام في الأفق اليمني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.