شعار قسم مدونات

عن معاناة الفلسطيني في إدلب

مدونات - لاجئون

بدأت معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا منذ اليوم الأول للثورة حيث تغير مشهد اللجوء الفلسطيني، وطرأت تحولات وتغييرات جذرية فيه، وأحد أهم مشاهد اللجوء؛ الهجرة الجماعية والقسرية لأبناء مخيم خان الشيح. هذا المخيم الذي يقع في الناحية الجنوبية الغربية لمدينة دمشق، على مسافة 27 كيلومتراً على طريق دمشق القنيطرة، وهو الأقرب بين مخيمات سوريا إلى حدود بلادهم فلسطين المحتلة، فلا يفصله عن حدودها سوى 60كم تقريبا.

 

تعرض هذا المخيم كغيره من المناطق السورية لنزيف حاد من قتل واعتقال لأبنائه، مرورا بالهجرة الطوعية بعد تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية، وانتهاءً بالتهجير القسري، الذي بدأ فعليا مع اتفاقات المصالحة التي أبرمتها قوات النظام السوري مع المعارضة في العديد من المناطق التي يتوزع فيها اللاجئون الفلسطينيون، وكان النصيب الأكبر لأهالي مخيم خان الشيح، من حيث عدد اللاجئين المهجرين جماعياً.

 

العائلات التي بقيت في إدلب لا زالت تعاني ظروفاً اقتصادية صعبة للغاية خاصة مع تصاعد أعداد المهجرين الفلسطينيين والسوريين من مدينة حلب ومناطق أخرى

وصل إلى إدلب بتاريخ 2/12/2016 قرابة 200 عائلة فلسطينية، بينهم رجال ونساء ومصابون ومبتورو أطراف نتيجة القصف الذي تعرضت له مناطق سكناهم بكافة الأسلحة، ومنها المحرم دولياً طيلة الفترة التي سبقت التهجير. يذكر أن عدداً من أفراد هذه العائلات توزع بين متدخل في النزاع الحاصل في سورية إلى جانب المعارضة ولناشطين إغاثيين وإعلاميين عملوا كأفراد أو ضمن مؤسسات إعلامية؛ كانت تفضح ممارسات النظام السوري من قصف وقتل واعتقال على الحواجز المحيطة، بالإضافة لرافضي الخدمة العسكرية، وقسم آخر يشمل عدداً من العائلات التي لا ناقة لها ولا جمل في الصراع الحاصل، لكنها قررت الهجرة للبحث عن مكان أكثر أمانًا، ولخوفهم من الاعتقال الذي طال الآباء والأبناء سابقاً دون مبرر، وذلك بالوصول إلى إدلب التي أشيع أنها أكثر أمانا في ذلك الوقت، ولكن الواقع كان عكس التصورات.

  
فمع انتشار ظاهرة الخطف والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة والاقتتال بين فصائل المعارضة، وتجدد القصف على إدلب؛ بدأ عدد من هذه العائلات رحلة لجوء جديدة إلى تركيا هربا بأطفالهم من الأوضاع الأمنية المتردية، وبحثا عن الأمان الذي وجدوه هناك، فاستقر ببعضهم الحال في تركيا بعد حصولهم على أعمال مناسبة، ومن لم يحالفه الحظ بوجود عمل وبسبب غلاء المعيشة هاجر باتجاه اليونان، وباقي دول الاتحاد الأوروبي.

 
أما العائلات التي بقيت في إدلب فلا زالت تعاني ظروفاً اقتصادية صعبة للغاية خاصة مع تصاعد أعداد المهجرين الفلسطينيين والسوريين من مدينة حلب ومناطق أخرى، إضافة للعائلات التي هُجّرت مسبقا من قدسية وداريا وريف دمشق الغربي. ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في إدلب ب 1200 شخص فيما يقدر عدد الأسر السورية المقيمة في ريف إدلب ب 350 ألف أسرة فيما يقدر عدد الأسر النازحة والمهجرة 60184 أسرة، وهذا العدد يقف وراء عزوف بعض الجمعيات الإغاثية عن تقديم المساعدة للفلسطينيين المهجرين، مقارنة بالعدد الأكبر من المهجرين من أبناء سوريا، وفي هذا تمييز واضح بين المهجر السوري والفلسطيني؛ بحجة أن لدى الفلسطينيين جهات إغاثية تقوم بتقديم يد العون لهم مثل:
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)
وهيئة فلسطينيي سوريا للإغاثة والتنمية

 

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)

(الأونروا) التي أوقفت المساعدات فعليا بمجرد وصول هذه العائلات إلى إدلب، وتبرر الأونروا هذا الإيقاف باعتبار إدلب منطقة ساخنة وخارج سيطرة النظام السوري، ولا تستطيع الوصول إليها، وإنها مستعدة لإيصال المساعدات المالية والعينية لأقرب نقطة من إدلب مثل مدينة حماه، التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، والتي يرفض الأهالي الذهاب إليها خوفا من الاعتقال والتنكيل.

 

لا يمكننا نكران ما قدمته عدد من الجمعيات للمهجرين الفلسطينيين، ولكنها تبقى دون المأمول بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة
لا يمكننا نكران ما قدمته عدد من الجمعيات للمهجرين الفلسطينيين، ولكنها تبقى دون المأمول بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة
 
هيئة فلسطينيي سوريا للإغاثة والتنمية

هيئة فلسطينيي سوريا للإغاثة والتنمية، والتي قدمت منذ اليوم الأول لوصول المهجرين إلى إدلب تكاليف إيجار منازلهم لمدة ستة أشهر بالإضافة لتقديم سلال غذائية، ومبالغ مالية ومواد تدفئة لكافة العائلات الفلسطينية والسورية القادمة من مخيم خان الشيح، حيث تراجع هذا الوضع بشكل ملحوظ في الأشهر الستة الماضية، وتقلصت مساعدات هيئة فلسطيني سورية، وتكاد تكون انعدمت، ويعزو مسؤولو الهيئة ذلك إلى نقص المساعدات المقدمة لهم أصلا خاصة بعد حملة إعلامية طالت مسؤولي هذه المؤسسة تتهمهم بتقليص المساعدات وحصرها بفئة قليلة من المقربين، ولكن الواقع الحالي يثبت العجز المالي الذي تعاني منه الهيئة، والكثير من المؤسسات التي تعمل في الجانب الإغاثي.

 

وفي السياق نفسه لا يمكننا نكران ما قدمته عدد من الجمعيات السورية وغير السورية العاملة في إدلب للمهجرين الفلسطينيين، ولكنها تبقى دون المأمول بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، وغلاء الأسعار الذي تعاني منها سوريا عامة، ومحافظة إدلب بشكل خاص، بالإضافة لتعرض العديد من مناطق سكناهم الجديدة، والموزعة على كافة قرى ومدن محافظة إدلب للقصف بالطيران الروسي.

والجدير بالذكر أن "عشرات الآلاف من سكان أرياف حمص ودمشق وحلب واللاجئين الفلسطينيين، سكنوا البيوت الفارغة التي هَجَرها سكانها، بالإضافة إلى حصول عائلات أخرى على خيم ليسكنوها على الحدود عوضاً عن الشقق السكنية، التي تم بناؤها في ريف إدلب خصيصاً للمهجرين والنازحين من خارج المحافظة، يذكر أن تعداد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قبل الأزمة الحالية"، بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تجاوز النصف مليون لاجئ توزعوا على كل الجغرافية السورية، وبعد الأزمة تقلص العدد ليصبح 460 الف لاجئ مسجلين لديها، وهم من المستفيدين من المساعدات المقدمة من خلالها، فيما تشير إحصائية أخرى للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين بأن عدد اللاجئين تجاوز 640 ألف لاجئ قبل الأزمة، وعدد منهم غير مسجل لدى وكالة الأونروا.

 

أما العدد الفعلي والحقيقي اليوم فلا يتجاوز 370 ألف لاجئ بقي في سوريا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.