شعار قسم مدونات

عن الصباحات بلا ليلى

blogs - sisters
اعذروني لو قلت إنني أكتب اليوم لأنال إعجاب قارئ واحد، أو بالأحرى قارئة، تحتل صفة "أختي"، وفي كلتا الحالتين أشكر كل من ستقع عيناه على مدونتي هذه. حملت البارحة حروفي وحزمت مشاعري المبعثرة محاولة جمعها في بضع سطور، لعلّي أجعلها بصدق القلب حبلا خفيا يشد كلتينا كلما باعدت فيما بيننا المسافات. استثنائية هي حدّ الدهشة، تسيطر على ملامحها رقّة جعلتها طائر السلام بيننا. حاولت دائما التمثل بها، أن أكون "ليلى"، هي التي تكبرني بخمس سنوات، وأنا أطول منها بسنتيمترات، جعلتني أبدو أمام من لا يعرفنا الأخت الكبرى. لا يبدو العمر مهمّا، سخاء العاطفة التي غمرت بها يومياتي هو ما جعلها الكبرى فعلا ليس أمرا، أو بحكم فارق السن القليل، بل بحكم فارق العطاء حدّ تجاهل النفس.
   
كنت أتساءل كيف للإنسان أن يبسط طاقته في أرجاء محيطه من دون ملل، لا بل بإيجابية فرضتها علينا. كم هو فضفاض مصطلح الأخ/ت، وكم لا أريد الاستفاضة في التعبير عنه، وأختصره على وسع المضمون وبلاغة القيمة بأن الأخ/ت هو ذاك الشعور الذي لن تتقن مبادلته مع الجميع، هو المحادثة غير الأنيقة، السهر الطويل والأشياء التافهة المحببة لكلتينا فقط، ليلى هي الضحك الذي لا نبرره في وشوشاتنا السريّة، هي حقل الأسرار، وكتف واسع بوسع الحزن، يقبل جميع أنواع الدموع.
      

ما أريد البوح به وحدك من يستطيع تلقفه دون شرح وافر، وهل ينتج الدلال أكثر من أخت تأتيها بروح مُثقلة، لتعود منها خالي الوفاض مما حملت؟

كنت صغيرة، وكنت أريد أن أكون ليلى، واليوم كبرنا وصرت فخورة بأنني أخت ليلى، تلك التي لم أعتد انتقالها لمنزلها الجديد مذ أصبحت "السيدة"، بعد أن التصقت بها لسنوات طويلة، وقصدتها في أكثر المراحل ضعفا لتنتشلني، لأبدو بهذه القوة التي جعلت مني "تماضر" التي عليها الآن. أختي التي أحب، تلك التفاصيل التي أزعجتني يوم كانت الغرفة تجمعنا بتّ أشتاقها بحق، تخيّلي أني صرت أستيقظ لوحدي وليس من خلال مجفّف شعرك، أو من خلال سؤال تقليدي "أين أشيائي تماضر؟!"

       
كلّ شيء حولي يضج فيك، حتى بات الملل جليسي ليلا. تتذكرين لمّا كنت أردد لك دائما يا "أم الليل"، وأغني لك في المساءات الهادئة "الليل يا ليلى يعاتبني ويقول لي سلم على ليلى، الحب لا تحلو نسائمه إلا إذا غنى الهوى ليلى"… باتت كلمات الأغنية تمثل حالتي، وباتت نسمات الليل جافة تحمل معها الشعور بالوحدة، أما عن الصباح؛ لا يُعجب دلّة القهوة تفرّد فنجاني العربيّ في الصينيّة. وأنا شخصيا، واعذري جرأتي في ذلك، لكني اشتقت لملابسك الأنيقة جدا، والتي كنت أختارها في الصباح بعناية من خزانتك. أعلم أن ذلك يثير ضحكك مطولا، وقد يكون من إحدى فوائد الزواج، وأعلم أيضا بأني ربما سردت تفاصيل تعنينا بشكل شخصي ولا تعني سوانا، لكنها تجتاحني وسع السماء.
         
أكتب اليوم لأحاول أن أقول شكرا، ربما، لكن وهل بين الأخوات شكر؟! أو ربما أحاول أن أترجم حجم سعادتي بك، ولكوني من اختارها الله لمآخاتك. قررت أن أكتب ظنا مني بأنني سأسترسل بحجم ما تركتي بداخلي من تفاصيل تذكر، لكني لم أنتظر كثيرا لأكتشف بأن الكثير داخلي غدا فوق الترجمة بحروف عشرينية فقط، ليبقى ما أريد البوح به وحدك أنت من يستطيع تلقفه من دون شرح وافر تماما، كما اعتدت في الحديث معك، وهل ينتج الدلال أكثر من أخت تأتيها بروح مُثقلة، لتعود منها خالي الوفاض مما حملت؟!
       
"ليلى"، هذا بعض منك في مقطع، لكن يبقى وجودك معنا وبيننا في كل الأماكن هو التتمة. نعم، كلما راودني الحنين همس لي قلبي هي بخير، إنها مع من اختارت أن يكون شريكا لحياتها لنهاية العمر، فيبقى ما يعزيني سعادتك التي هي كل سعادتي.. لكِ من قلبي المزدحم بك رفيقة روحي الدائمة كل الآمال والأمنيات التي تتكلل بحياة صاخبة الفرح، يصل دويها إلى قلبي فيرتجف فرحا، بارك الله في زواجك وحياتك يا حبيبة البابا ومستشارة الماما والنعّومة كما يقول لكِ أخونا فوزي، وطبعا يا بيت أسراري أنا. حفظك الله ورعاك لتبني أسرة استثنائية تشبهك بجميع تفاصيلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.