شعار قسم مدونات

هل يجب على الولايات المتحدة دعم إسرائيل؟

blogs نتنياهو وترمب

ضرب شخصاً رفيقه كفاً أمام جمهور كبير، فُوجئ المضروب ثم سأل لماذا قد ضربتني يا صديقي العزيز؟ فأجابه المهاجم إنك يا أخي لم تعد تفهم طبيعة علاقتنا فمن هذا اليوم للقادم سأضربك من وقت لأخر وأنت سوف تظل صامت. تمهل المضروب لحظة وهو يحسب قيمة علاقته مع مهاجمه ثم أنزل رأسه للأسفل وقال لماذا نحن أصدقاء في المقام الأول؟ ابتسم مهاجمه ابتسامة واسعة ثم أبلغه لإننا كنا أصدقاء دائماً، فأبلغه المضروب هل تريد أن تصادقني الى القهوة لتناول فنجان قهوة؟ جواب المهاجم كان كلام دقيق ومدروس تماماً لأنه لف رأسه باتجاه المضروب وقال نعم لأن هذا الفنجان سيكون على حسابك كالعادة.

أقضي وقت بين فترة وفترة بحثاً عن مصدر الالتزام بوجود العلاقة الأمريكية الإسرائيلية بهذه القوة وحتى الأن يهرب مني هوس بلدي مع هذا البلد الصغير الذي لا يستطيع أن يُشير أغلب الأمريكيين إليه على الخريطة أبدا. وحسب إحصاءات جريدة " بيزنس انسيدر" الأمريكية خلال أعوام 2013 – 2018 فقد ساهمت الولايات المتحدة بـ 3.15 مليار دولار سنوياً كمساعدة عسكرية لإسرائيل. أضاف المقال بأن هذه المساعدة تُمثل نحو خُمس إجمالي المبلغ الذي تنفقه إسرائيل على أجهزتها العسكرية سنويا. مشكلتي مع هذا المبلغ وهو ليس بالإدراك إن احتلت إسرائيل ليست أرض فلسطين أو إنها تنتهك قوانين دولية يومياً بل إنما لا تحصل بلدي على أي فائدة من دعمها للاختبار اليهودي في الشرق الأوسط سوى حفيظة وغضب دول عربية وغير عربية.

معادلة هذه العلاقة الخاصة، كما قد وصفها الرئيس الأمريكي السابق كينيدي ذلك بين البلدان هو محير للغاية لأنها لا تظهر بأنها متوازنة بين الجانبين على الاطلاق. على سبيل المثال عندما أعلن ترمب بأنه سيأمر بنقل السفارة الأمريكية من موقعها الحالي في تل أبيب الى القدس فماذا استفدنا كشعب وبلد من هذا القرار الاستفزازي إلا الاحتقار من حلفائنا والإعلام السيء. وبعد أن كشفت إدارة ترمب عن خطته لسفارتنا فقد زاد الطين بله لمحنة الشعب الفلسطيني عندما اعترفت الولايات المتحدة بمدينة القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي ثم تم إلغاء دعمنا لتمويل الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. وحتى بعد كل الاجتهادات الأمريكية المتخلفة فلا يزال هناك شخصا يعتقد بوجود تسوية نهائية بين إسرائيل وفلسطين تتحقق!

يجب أن ندرك بأن الولايات المتحدة تداينت الأموال التي تموّل بها دولة إسرائيل. ويعني هذا حقاً بأن أحفادنا وأحفادهم سوف يدفعوا ثمن هذه المساعدة
يجب أن ندرك بأن الولايات المتحدة تداينت الأموال التي تموّل بها دولة إسرائيل. ويعني هذا حقاً بأن أحفادنا وأحفادهم سوف يدفعوا ثمن هذه المساعدة
 

بالتأكيد كلما ندعم إسرائيل على حساب الفلسطينيين كلما نحفر خندق يفصل بين أنفسنا وبقية دول العالم لأننا نكشف لهم بأننا غير ملتزمين بأن نبقى على جانب محايد بل إنما نفضل تحيزنا أكثر من سمعتنا. غير أن التحركات السياسية الأمريكية باتجاه إسرائيل قد نالت إعجاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ذلك الوقت. فماذا ستكون التداعيات السياسية والاقتصادية من حلفائنا حول العالم؟ لا أعتقد بأننا نستطيع أن نبني قوم مؤمن ومزدهر من إعطاء مساعدة لإسرائيل فقط دون وضع أولوياتنا الحقيقية أمام دولة غير مهتمة بتحقيق السلام. وإذا اعتبرنا المساعدة العسكرية جزء لا يتجزأ من عملية السلام فلماذا لا نجبرها على القيام بمفاوضات دون شروط؟

يجب أن ندرك أيضا بأن الولايات المتحدة تداينت الأموال التي تموّل دولة إسرائيل. ويعني هذا حقاً بأن أحفادنا وأحفادهم سوف يدفعوا ثمن لهذه المساعدة. يشدد هدفي هنا من إحصاءات وزارة الإسكان والتنمية الحضرية للولايات المتحدة التي تشير أننا نحتاج 20 مليار دولار لمحو الفقر تماما في بلدنا. رغم إخلاصنا غير المنطقي لإسرائيل لماذا لا نحاول أن نحقق استقرار وسلامة شعبنا بدلاً من أن نعطي مساعدة لمن لا يحتاجها؟ عادتنا للقيام بحماقات خارج حدودنا هو أمر لا يُطعم الفقراء والأشخاص المعرضين للخطر في أمريكا لذلك لماذا لا نفعل شيئا لعلاج المواطنين الأمريكيين أولا؟ 

المصدر الرئيسي للخطر الذي سيوجهه قومنا هو ليس انتشار تأثير إيران في المنطقة أو تدمير إسرائيل أو الشروع في عملية السلام بل تتعلق برفضنا لتقييم مكاننا في العالم ونفهم أن معاناة شعبنا والحصول على لقمة عيشهم أهداف مطلوبة المنال. إذا لم نتوقف عن الدعم لوهلة في الشرق الأوسط من خلال بناء علاقة قوية مع إسرائيل وأقصد تحقيق السلام ورفع ملايين العرب من حالة الفقر والقمع فسيموت كلاً من العرب والأمريكان كثيرا بدون نتيجة مفيدة. ولكن إذا غيرنا طبيعة علاقتنا مع إسرائيل وعدلنا قواعد اللعبة لمصالحنا ومصالح شعوب المنطقة كلها دون انحياز أو إيمان بتفوق جانب واحد على حساب الأخرين فمن المكن أن نجعل اندلاع حالة السلام بدلا من حرب مستمرة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.