أصبح مفهوم حق الدفاع الذاتي حالة مقدسة غير صالحة للتعديل؛ لأن مجرد ذكر الإصلاح يزعج القاعدة المناصرة للأسلحة لأنهم يخافون أن تصادر وتحظر الحكومة الفيدرالية أسلحتهم يوما ما |
نشرت القناة الإخبارية "سي إن إن" يوم الخميس إحصاءات قارنت نسبة امتلاك أسلحة في الولايات المتحدة مع باقي دول العالم وأظهرت نتائج مُقلقة، أشارت الدراسة بأن الأميركيين يمتلكون 48 في المائة من إجمالي الأسلحة المدنية في العالم؛ حيث يقترب هذا العدد من 310 مليون. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحصي عدد الأسلحة المتوفرة في ترسانات عسكرية لدى دول حول العالم؛ فلا تزال هذا النسبة خيالية كأنها مأخوذة من فيلم عن نهاية العالم. شملت الدراسة قائمة كشفت عن نسبة امتلاك أسلحة لدى المدنيين في دول مختلفة أيضا ورتبتهم حسب عدد الأسلحة المتوفرة عند شعبهم. لا توجد مبالغة عند القول بأن هذه القائمة قد شملت معطيات محيرة حتى توجد دول مثل اليمن والعراق، بلدان لا تزال تُعاني من حروب دموية، ودول مع نسبة منخفضة من العنف مثل سويسرا، السويد، وفنلندا؛ متواجدة في هذه الدراسة. لكن إذا لم تعاني الولايات المتحدة من حرب وتروّج لنفسها كبلد مثالي للاستقرار والسلام فلماذا تشهد حوادث دموية متكررة؟
الجواب عن هذا السؤال ليس سهلا؛ بل إنه يتطرق إلى لب "ثقافة الأسلحة" وكيف تشوش على خطر متخفٍّ ناشئ داخل البلد. يتمتع حق امتلاك أسلحة بحماية قانونية بموجب التعديل الثاني للدستور الأميركي؛ الذي تم تفسيره خلال تاريخه ليكون عبارة عن حق الدفاع عن النفس ضد حكومات استبدادية وقمعية، لكن في أيامنا هذه تحوّل إلى هوس جزاء كبير من الشعب. أصبح مفهوم حق الدفاع الذاتي حالة مقدسة غير صالحة للتعديل؛ لأن مجرد ذكر الإصلاح يزعج القاعدة المناصرة للأسلحة لأنهم يخافون أن تصادر وتحظر الحكومة الفيدرالية أسلحتهم يوما ما.
إيمان الشعب الأميركي بمصادرة الأسلحة أدى إلى رعب أولاد أبرياء مختبئين تحت طاولاتهم في مدارسهم والرصاص الحي يمطر فوق رؤوسهم؛ لا يفهم سياسة أو يهتم بصالح بندقية معقولة. لا أعرف كم شخصا سوف يلقى حتفه في المستقبل القريب؛ لكن أستطيع القول -كشخص مؤيد ومؤمن بالتعديل الثاني- بأن حمايته يجب أن تتوقف عندما يستيقظ 17 والد دون دفئ أولادهم الصغار في بيوتهم بسبب جنوننا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.