شعار قسم مدونات

عندما تحكم كلير أندروود

مدونات - مسلسل هوس أوف كاردز
تنظر إلى زوجها -رئيس الولايات المتحدة الأمريكية- ثم بحزم تقول "لقد سئمت من استثارة عواطفهم، سنجرب وسيلة أخرى".. فيرد "إثارة مخاوفهم". كان ذلك جزءا من مشهد في المسلسل الأمريكي الأسطوري "House of cards".

 

والأمر اختصارا أن الرئيس الأميركي وزوجته يواجهان انتخابات على الأبواب على مقعد الرئيس ونائبه، المشهد الانتخابي تعتريه صعوبات نتيجة فشل الرئيس في مجموعة من الملفات الداخلية والخارجية، تبدأ السيدة الأولى حملتها بخطاب عاطفي، يستثير عواطف المجتمع، مرة بالبكاء أمام الكاميرا، ومرات بمحاولة الاقتراب من الشعب وإيصال رسائل أنها لا تنام هي وزوجها بحثا عن راحة الأمريكيين ورفاهيتهم، وتؤتي العواطف ثمارها -دائما ما تفعل- بشكل مؤقت، ثم يسأم الناس العواطف تحت وطأة ظهور حقيقة الواقع.

 

قالوا في الأثر "تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت"، وعليه فربما يستطيع الخطاب العاطفي استمالة بعض الناس لبرهة، ولكنه بالتأكيد لن يصمد أمام مشاكل حقيقية تواجه الناس، خاصة إذا كانت تلك المشاكل تتعلق بالحالة الاقتصادية أو الأمنية، وفي عصر أصبحت فيه المعلومات متاحة بشكل أو بآخر ولا مجال لإخفاء الحقيقة، فما الحل؟

 

هنا فقط يبدأ الفصل الثاني، ويظهر الوجه الآخر واللعب على وتر المخاوف من الزوجين أندروود؛ الإعلان عن حرب على الإرهاب الذي يمثله تنظيم دولة الخلافة أيكو -هكذا اسمه في المسلسل- الذي نما في الشرق الأوسط وأصبح يهدد المصالح الأمريكية، والذي توحش وأصبحت جرائمه في صدر نشرات الأخبار في العالم.

   undefined

 

ويدفع الرئيس الأمريكي بجنوده للقبض على قيادات التنظيم، ويرد الأخير بعملية نوعية على الأراضي الأمريكية، وينشغل المجتمع بمتابعة أخبار جنودهم على أرض المعركة ويحتدم القتال، ويقع أحد قيادات تنظيم دولة الخلافة أسيرا، ويأتون به مكبلا في الأغلال أمام كلير أندروود وزوجها.

 
وفجأة يقرر التنظيم القيام بعملية -مفزعة- على الأراضي الأمريكية نفسها، وتختطف عائلة أمريكية ويطلب التنظيم الإفراج عن قيادته المقبوض عليها في مقابل الإفراج عن الأسرة، ويتصاعد الحدث بطلب أن يكون طرف التفاوض منافس الرئيس في الانتخابات وليس الرئيس، لاعتبارات -من وجهة نظر أيكو- أن المنافس هو المرشح الأقوى، أو بمعني آخر أنه الرئيس القادم، ولاعتبار فرانك أندروود -الرئيس- مجرما لا يجب التفاوض معه.

 

يظهر الرئيس في مظهر الرجل الذي يضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، ويستدعي بنفسه منافسة للإقامة في البيت الأبيض، وتبدأ عملية التفاوض، ويتم الإفراج عن الابنة والأم تباعا، ثم يفسد الرئيس -متعمدا- عملية التفاوض، ليتم ذبح رب الأسرة على مرأى ومسمع الجميع عبر الشاشات.

  undefined

 

وهنا يتحول الموقف، فتمتلئ الصدور بالغضب، ويتحول مشهد الشعبية إلى صالح الرئيس الذي يحارب أهل الشر متمثلين في هؤلاء القتلة، ولا صوت يعلو فوق صوت نداء الإنسانية متجسدا في صورة الرئيس البطل، وكلما اقترب موعد الانتخابات كلما زاد عدد اجتماعات الحرب التي يعقدها الرئيس، وكلما زاد الضغط على أيكو، وطرديا كلما زاد إجرام أيكو.

 

وجاءت لحظة الحسم -الانتخابات- وسط توقعات باقتراب منافس الرئيس القوي من مقعد الرئيس، والذي هو أيضا جندي سابق شارك بنفسه في الحرب، وهو في نظر الأمريكيين بطل، ويزداد اليقين رغم كل محاولات الرئيس والتي تضمنت بث الرعب في المجتمع باستخدام تقني ماهر أتاح له الرئيس أدوات من خلالها استطاع نشر رسائل وكأنها قادمة من التنظيم الإرهابي لبث الرعب "كمثال"، ولكن الحرب علي الإرهاب بقيت في الأخير غير كافية لتحقيق الحسم حتى وإن كانت قد أنقذت شعبية الرئيس من الانهيار ووضعته على قدم المساواة مع خصمه الواثق من فوزة.

 

وفجأة تحدث عملية نوعية ويتم تفجير بالقرب من مركز تصويت في إحدى الولايات، ويتدخل الرئيس في الظاهر لدى حاكم الولاية للضغط عليه لحثه على عدم إغلاق مراكز التصويت في الولاية، ولكن في الحقيقة يرسل رئيس طاقم موظفيه في مهام خاصة لتهديد حكام الولايات التي يواجه فيها مشاكل لصالح منافسه بتقارير مخابراتية مزيفة.. ويؤتي الضغط ثماره بفيديو تهديد يتوعد فيه أعضاء أيكو الأمريكيين بالويل والثبور وعظائم الأمور طالما استمرت الحملة عليهم، وطالما استمر اعتقال قياداتهم، ويبقي فرانك أندروود في موقع الرئيس بعد تعقد الانتخابات تحت ضغط الإرهاب المحتمل والمؤكد من أيكو.

 

.. سأكتفي بسرد ذلك الجزء
لسبب مجهول -ربما كبر السن- يهيأ لي أنني قد شاهدت هذا الجزء على أرض الواقع والتغيير فقط في الأسماء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.