شعار قسم مدونات

تشافي وإنيستا.. في حُب الثنائي الأسطوري

تشافي وإنيستا

إنهما أفضل لاعبي الوسط التي أنجبتهم الكرة الإسبانية في العقد الأخير ولا أحد يستطيع أن يجادل في ذلك فقد شكلا معا ثنائيا أسطوريا سواء في برشلونة أو منتخب إسبانيا وقاد اللاعبان الفريق والمنتخب إلى ألقاب قارية ومحلية. تشافي هيرنانديز 35 عاما وإنيستا أكمل ربيعه 31 ولحد الآن ما زالا مستمران في إبداعهما الذي بدأه قبل عشر سنوات مع برشلونة الذي لعبا له منذ أن بدأ بلمس الكرة كيف لا وهما إحدى جواهر مدرسة لاماسيا التي خرج منها الجيل الذهبي لأسبانيا عامة وبرشلونة خاصة.

بالنسبة لتشافي كان أول من لعب لبرشلونة أيام المدرب الهولندي فان خال وكان أنذاك جوارديولا موجودا قبل أن يرحل عن النادي ليعود لتدريبه ويجد تشافي ما زال هنا في قصة وفاء رائعة من هذا اللاعب الذي صال وجال في كل ملاعب أوروبا وأحرز كل ما يمكن أن تتخيله من الألقاب محلية وقارية وعالمية. ولعب تشافي مباراته الأولى في موسم 1997/1998 في نهائي كأس الملك ضد مايوركا وتمكن حينها من تسجيل هدفه الأول مع برشلونة وقاد الفريق لإحراز اللقب.

اللاعب الفذ أكمل 300 مباراة مع برشلونة وهو لم يتجاوز 25 من عمره فقط أما حاليا فقد تجاوز هذا الرقم بكثير ووصل لـ 500 مباراة. ومع استلام بيب جوارديولا لزمام الإدارة الفنية لنادي الكتلوني أصبح تشافي قطعة أساسية في أحجية برشلونة التي دوخت العالم وحيرت كل خبراء الرياضة بطريقة اللعب التي انتهجها جوارديولا التي جعلت رفاق تشافي يحصدون كل شيء في طريقهم ومنها السداسية التاريخية.

إنها حكاية من ألف ليلة وليلة، شاهدنا فصولها، أمام أعيننا، لسنوات طويلة، عشنا معهما، المتعة الحقيقية في كرة القدم، ولم يكن ينقصهما، سوى التتويج بالكرة الذهبية، على الأقل لواحد منهما

على عكس تشافي فإنيستا تم اكتشافه من طرق كشافة النادي الكتلوني عندما كان يلعب إنيستا في فريق الباسيتي وفي سنة 1996 انضم إنيستا إلى مدرسة برشلونة وهو بعمر 12 سنة فأظهر إمكانيات كبيرة جعلته يرتقي بسرعة ليتم تصعيده للفريق الثاني وقدم معه مستويات كبيرة فاصبح صانع ألعاب الفريق. حلم إنيستا باللعب للفريق الأول كان يراوده منذ أن وضع قدمه في برشلونة وفي سنة 2002 لعب مباراته الأولى مع الفريق الأول في مباراة بدوري الأبطال ضد بروج البلجيكي بعد المباراة ترك اللاعب انطباعا جيدا لذا أصبح المدرب لبرشلونة أنذاك الهولندي رايكارد يعتمد عليه كليا.

الانطلاقة الحقيقية لإنيستا كانت في موسم 2008/2009 حيث قدم انيستا أداءا خرافيا بمهاراته ومراواغاته المدهشة التي جعلته واحدا من أفضل اللاعبين في مركزه في أوروبا والعالم. ومع قدوم جوارديولا وضع إنيستا جنبا إلى جنب مع تشافي ليشكلا معا ظاهرة في الملاعب فقد كان متفاهمان ومنسجمان إلى أبعد الحدود وكأنهما يتحركان بعقل واحد. صراحة اللاعبان معا لا يمكن تعويضهما فهما عملة نادرة في وقتنا هذا وطوال هذه السنوات امتعانا بفنهما كيف لا وإنيستا يلقب بالرسام إنه بيكاسو الكرة الإسبانية أما تشافي فهو المايسترو قائد الفرقة الموسيقية إنه بيتهوفن الكرة الإسبانية وصانع سيمفونياتها الرائعة في الملاعب.

إنها حكاية من ألف ليلة وليلة، شاهدنا فصولها، أمام أعيننا، لسنوات طويلة، عشنا معهما، المتعة الحقيقية في كرة القدم، ولم يكن ينقصهما، سوى التتويج بالكرة الذهبية، على الأقل لواحد منهما، لكنهما مع الأسف عاشا في زمن ميسي ورونالدو. ها هما الآن رحلا عن برشلونة، كل واحد ذهب في اتجاه، تاركين إرثا ثقيلا خلفهما، سواء كأداء أو كألقاب، وهما معا سواء في برشلونة أو في منتخب إسبانيا، فازا بكل شيء، وقاما بكل شيء، لذلك رحلا من الباب الواسع. وقد حاولت برشلونة البحث عمن يعوضهما، لكنها لم تستطع إيجاد بديل مناسب لكل منهما، حتى مؤخرا ظهر أرثر ميلو، الذي يحمل في جيناته، طريقة لعب تشافي هيرنانديز، وقد أثنى عليه الجميع، وبسرعة كسب حب جمهور الكامب نو، بالنسبة لإنيستا ما زال البحث جاريا عمن يعوضه، وإن كان الأمر صعبا قليلا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.