شعار قسم مدونات

العلاقات المؤقتة والتعلق بالزائفين

blogs أصدقاء

حينما تتضاءل رغباتك تكتفى بالقليل وكلما قلت حاجاتك أمسيت أفضل حالا زد علي ذلك وكلما قلت صداقاتك وتحددت علاقاتك آويت إلى فراشك وقد استراحت روحك بل ونفسك المتعبة من كل ما يضيرها وإنى لأبدأ الحديث معك بكلام الروائي الكبير ديستويفسكى وكأنه يخاطبني وإياك قائلا "ستصل يا هذا إلى النضج الذى يجعلك ترفض التورط بعلاقة مؤقتة أو صداقة باردة أو جدال أحمق أو التعلق بالزائفين".

دعنا نفند كلامه طبقا لهوانا وإيقاعا منا على ما نريد "المحبوبة والصديق" وهنا يدخل الرافعي الأديب رافعا رايته في قضية المحبوبة ويقول لا يصح الحب بين اثنين إلا إذا قال أحدهما للآخر يا أنا.. ولا تستعجلوا أبدا في قول ذلك فرد عليهم أديب ثالث وقال ما أتعس الرجل الذى يحب صبية من بين الصبايا ويتخذها رفيقة لحياته ويهرق على قدميها عرق جبينه ودم قلبه ويضع بين كفيها ثمار أتعابه وغلة اجتهاده ثم ينتبه فجأة فيجد قلبها الذى حاول ابتياعه بمجاهدة الأيام وسهر الليالي قد أعطى مجانا لرجل آخر ليتمتع بمكنوناته ويسعد بسرائر محبته كل هذا والأدباء الثلاثة يحذرونك من أن تترك قلبك تبتاعه من تريد ومن أن تجعله قاربا على الشاطئ تجلس فيه كل من تهوى ومن أن تجعله طريقا تعبر به كل من انقطع بها الطريق فتركن إليه وتطمئن.

 

ليس كل من نحب سيحبنا بقدر ما أحببناه ولن يوفى لنا قدر ما أوفيناه وحقا لحظة الخلاف يكون كل شيء فيك ناكر للجميل الأعضاء والحواس وحتى نفسك التي بين جنبيك ناكرة للجميل

كل حديثي معك عن المحبوبة المزيفة.. نعم، تلك التي لا يربطك بها سوى رقم هاتف وصورة أرسلتها لك عبر بريدها الإلكتروني تسمع صوتها وتراسلها من خلف الشاشات تشبع بذلك غريزتك وتعالج بتلك المحادثات هي أيضا غريزتها وهذا طريق مفتوح بابه على مصراعيه إذا دخلت أحكم الغلق عليك فلا تستطيع غير السير فيه فمن البداية ابتعد وانتهى عن مثل ذلك لأنك إذا أحببت واحدة منهن لا تحسب بعد أنك تشبع. كلا إنك كلما واصلت واحدة زادك الوصال نهما كشارب الماء الملح لا يزداد شربا إلا ازداد عطشا ولو أنك عرفت آلافا منهن ثم رأيت أخرى ممتنعة عليك معرضة عنك لرغبت فيها وحدها وأحسست من الألم لفقدها مثل الذى يحسه من لم يعرف امرأة قط، لذلك أقول لك انتهى عن هذا الطريق وابحث في طريق حق شرعه الله لك ابحث عن الزواج فهو عكاز يتوكأ عليه اثنان تآلفا على نقص ورضيا بالمتاح يقطعان الطريق سويا إلى التمام والكمال.

وأما الصديق الذى أريد أن أحدثك عنه فهو لا يختلف كثيرا عن محبوبتك المزيفة بل يزيد عنها زيفا وغشا وخداعا وقد قالوا قديما إنه لا يتألم إلا من كان وفيا أكثر مما يجب ولهذا أنا أتألم فالأحداث يا صديقي تنتهى وتبقى الدروس نأخذ منها العبرة حتى ننتبه لما هو قادم فأمثال هذا الذى أحدثك عنه يكسرون فيك ألف خاطر وخاطر وفى النهاية يرحلون ويقولون إنك متغير علينا يتكلمون بذلك وقد نسوا أن الأفعال تثبت دائما أن الكلام لا يعنى شيئا وللأسف هم نسوا أفعالهم التي أجبرتنا نحن أيضا على الرحيل دون وداع أو سلام نسوا أيضا أن الصداقة لها قانون يحكمها أنه من لا يعطى الصداقة قدرها فليذهب غير مأسوف عليه، نسوا قانون العلاقات الذي يقول يوم اشتدت بنا الدنيا أين كنتم؟

 

حقا ليس كل من نحب سيحبنا بقدر ما أحببناه ولن يوفى لنا قدر ما أوفيناه وحقا لحظة الخلاف يكون كل شيء فيك ناكر للجميل الأعضاء والحواس وحتى نفسك التي بين جنبيك ناكرة للجميل وتستجمع وقتها ذاكرتك كل موقف ليس بطيب ولكن كل هذه المواقف ليست أبدا عابرة ولكنها ترينا حقيقة ما يخفيه بعض الأشخاص عنا فلا الزمن يعود ولا الصديق يهتم كما كان ولا أحد ينشغل بك فلماذا إذا تتألم عندما يبتعدون؟ إنها فترة لا مزيد فيها من الكلام لا مزيد من الشعور لا مزيد من الأشخاص وأخيرا من يريدك يبحث عن ألف سبب وحكاية ليحدثك من يريدك بصدق لن يرحل عنك فاجعل يا صديقي قانونك من أقبل قبل ومن أعرض أعرضنا عنه والسلام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.