شعار قسم مدونات

Little big stars.. كيف جاءت النسخة العربية من برنامج ستيف هارفي الشهير؟

Little big stars

انطلق منذ أسابيع قليلة برنامج Little big stars على شبكة قنوات إم بي سي، البرنامج من تقديم النجم الكوميدي المصري أحمد حلمي، وهو نسخة معربة من برنامج ستيف هارفي الشهير Little big shots. تقوم فكرة البرنامج الأساسية على استضافة أطفال بمواهب وقدرات مختلفة، أو أطفال حققوا جماهيرية عن طريق السوشيال ميديا في مناسبة ما، ويقوم ستيف هارفي بالحديث معهم حول موهبتهم أو حول جماهيريتهم، الحديث بشكل أساسي يكون كوميدياً يعتمد على طرافة وبراءة وجهات نظر الأطفال، في النسخة العربية التي يقدمها أحمد حلمي تنتهج نفس نهج النسخة الأصلية، الشيء الوحيد المختلف هو أن البرنامج في نسخته العربية لا يستلفت الانتباه ولا يحمل نفس روح البرنامج الأصلي.

 

أحمد حلمي vs ستيف هارفي

ستيف هارفي ممثل ومنتج وكاتب ومقدم برامج أمريكي، حائز على عدة جوائز في مجال العمل التليفزيوني، كتبه عن العلاقات تترجم لأكثر من لغة، ودائماً ما تتصدر قائمة الأعلى مبيعاً عالمياً، يقدم أكثر من برنامج تليفزيوني ناجح، أحدهم يحمل اسمه Steve Harvey show ولذلك فإن تقديمه لبرنامج little big shots بمثابة مكافأة لمن يحضرون البرنامج من الأطفال، فهم دائماً ما ينادونه السيد ستيف، وهو يتحدث معهم بمنتهى الثقة والتعقل حتى لغة جسده تعبر عن اعتزازه بكونه في نظرهم "السيد ستيف" ورغم ذلك فهو يعرف كيف ينتزع الضحكات من الجمهور ومن الأطفال ضيوف البرنامج على حد سواء.

 

أحمد حلمي أيضاً ممثل كوميدي، له تجارب في الكتابة، ويقدم برامج المسابقات الفنية بالاشتراك مع أكبر النجوم العرب، وفي بداياته قدم أحمد حلمي العديد من برامج الأطفال، ولكنه في برنامجه little big stars لا يستطيع الوصول لهالة ستيف هارفي، فهو يحاول إضحاك الأطفال والجمهور بطرق أقرب للابتذال، فيقفز على المسرح مرة، ويحاول تسلق الكرسي مرة، ويتحرك بطريقة خرقاء مرة، تلك طرق مشروعة لانتزاع الضحكات، ولكنها لا تليق بنوعية هذا البرنامج خاصة أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه Reference للمقارنة. في أحد اللقاءات يستضيف حلمي طفلة من الأردن تذكر اسمه عرضاً وسط الكلام، فيصرخ من الانبهار أنها تعرف اسمه وتعرفه، وكأنه ليس نجماً ووجهاً إعلامياً مشهوراً، ربما هذا هو بالتحديد الفرق بين أحمد حلمي وستيف هارفي، وهذا هو ما انتزع الروح الحقيقية للبرنامج الأصلي من نسخته المعربة.

 

نسخة معربة ليست مقلدة
النسخة العربية يجب أن تختلف عن النسخ الغربية للكثير من العوامل، إلا أن البرنامج في نسخته تلك يعتبر تقليداً غير متقن لنسخته الأصلية خاصة إذا نظرنا للمواهب التي يستضيفها

هناك مشكلة حقيقية تواجه صانعو البرامج الترفيهية في الوطن العربي، وهي أنهم لا يستطيعون التفريق بين التعريب والتقليد، كل البرامج الناجحة لها نسخ في جميع أنحاء العالم، فمثلاً برنامج Got talent له أكثر من نسخة، نسخة بريطانية ونسخة أمريكية ونسخة عربية ونسخة لاتينية، بالمثل برنامجنا الذي نتحدث عنه اليوم.

 

في أحد حلقات البرنامج العربي قام أحمد حلمي بتقليد موقف حدث مع ستيف هارفي وأحد ضيوفه من الأطفال، حين اكتشف أنهم يرتدون بنطالاً وحذاءاً متشابهين، في الحقيقة لم يكن حلمي في حاجة لتقليد الموقف بحذافيره كما حدث، من ناحية لأن موقف ستيف هارفي مع الطفل مشهور جداً على السوشيال ميديا حتى للمستخدمين العرب، ومن ناحية أخرى لأن هذا الطفل بالتحديد الذي قلد معه الموقف كان خفيف الدم جداً وكانت فقرته ممتعة دون تقليد أحد.

من المفهوم أن النسخة العربية يجب أن تختلف عن النسخ الغربية للكثير من العوامل، إلا أن البرنامج في نسخته تلك يعتبر تقليداً غير متقن لنسخته الأصلية خاصة إذا نظرنا للمواهب التي يستضيفها، في أحد المرات استضاف طفل شامي يعمل في الحلاقة مع والده، ومرة أخرى استضاف فتاة أردنية تغني كأي طفلة أخرى دون أي شيء خاص وتعد من واحد لعشرة باليونانية، أطفال لطفاء وجميلين يرتدون ثياباً جميلة، ويتمتعون بعفوية الأطفال المعتادة، كانت فقراتهم ستكون ممتعة أكثر إذا أقام حلمي حواراً معهم دون التطرق للحديث عن القدرات والمواهب.

الحديث هنا يطول عن مدى اهتمام صناع ومنتجي البرنامج بأن يكونوا على المستوى المطلوب من الحرفية، خاصة مع إنتاج بهذه الضخامة وعلى شبكة لها أهمية كبيرة في السوق الإعلامي العربي كشبكة إم بي سي، أحد الفقرات مثلاً كانت إعادة تدوير لنفس الحديث والوقائع التي جابت السوشيال ميديا منذ بضعة شهور مع موجات كبيرة من السخرية والتنمر، فإذا كان أهل الطفل يبحثون عن الشهرة على حساب طفلهم، فلا يجب أن يقع منتجي برنامج ضخم كهذا في نفس الفخ.

 

لماذا لا ينتبه أحد؟

على الرغم من أن البرنامج يذاع على أحد أكبر شبكات التليفزيون العربية، ورغم أن أحمد حلمي يتمتع بشعبية كبيرة، إلا أن البرنامج لا يستلفت الانتباه ولم يلفت الأنظار ولا يتحدث عنه أحد تقريباً، رغم أنه نسخة عن أحد أشهر البرامج الأجنبية. ربما يعود هذا لكون البرنامج لم يقدم المستوى المتوقع من الطرافة على غرار نسخته الأصلية، وربما لفقر المواهب المقدمة على المسرح مما يشعرك أنهم يأتون بأي أطفال ليقوموا بحشو الوقت دون أي قيمة مضافة، وربما لأن إيقاع البرنامج أبطأ من أن يشد انتباه المشاهد.

 

وربما لأن السوق تشبع بهذه النوعية من البرامج التي تقوم على المواهب والمسارح الكبيرة والإنتاج الضخم والديكورات اللامعة، البرامج التي تقلد نسخاً أجنبية دون روح حقيقية، ودون الالتفات لطبيعة الجمهور المتلقي لهذه النوعية من البرامج والذي يختلف قطعاً عن المتلقي الأمريكي أو البريطاني.

ورغم أن البرنامج يحظى بالاهتمام الصحفي المعتاد مع هذه النوعية من البرامج، إلا أن الحديث عنه لا يدور إلا عن الفقرات المميزة خفيفة الدم، والتي ليست هي قوام البرنامج الأساسي، ولا يلتفت أحد إلى أن كل حلقة يتم "حشوها" بالكثير من الفقرات الضعيفة التي كان من الممكن الاستغناء عنها أو استبدالها بحديث طفولي عادي خاصة أن أحمد حلمي موهوب في هذه المنطقة ويستطيع إقامة حوارات لطيفة جداً مع الأطفال يمكنك أن تراها في برامج المواهب التي يكون جزءاً من لجنة تحكيمها، أو في برامج الأطفال القديمة الذي قدمها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.