شعار قسم مدونات

كن "سيزيفيا".. لا تتوقف عن محاولات الصعود للقمة

blogs تسلق

رأيت في مكان ما أنه ليس هناك أخطر من كلمات تجسد الواقع كما هو، تبين حقيقة الأشياء وتسقط عن الأشخاص الأقنعة ،أقنعتهم الإجتماعية. سأحاول أن أكتب اليوم كلمات من حفيدات من تم ذكرهن، سأتكلم عن تجربتي الشخصية مع الألم، المعاناة والنجاح.

  

لطالما رأى الناس أن النجاح هو وظيفة فقط أو مال ومركز إجتماعي، ربما في ذالك الكلام شيء من الصحة، لكني كنت ولا أزال أرى أن النجاح هو أن أتفوق على نفسي وأن أكون أفضل من الأمس، ببساطة أنافس نفسي، كل ما قد نحققه، سواء على المستوى الدراسي أو في رحلة الحياة، بعد توفيق الله ودعم الوالدين، يعود بالأساس إلى المحاولة مرارا وتكرارا، رغم خيبات الأمل، والفشل المتكرر.

   

الألم دفع دوستويفسكي إلى سبر اغوار النفس البشرية، والمعاناة كانت سبيله لفهم الحيا، دوستويفسكي الإنسان مثال حي لمن قال لا لظروفه، لمن صمد في وجه الفقر، المرض، الطفولة القاسية، والليالي الباردة داخل السجن

أغلب الناس يحبذون التواجد في "المنطقة الأمنة"، ويتوقفون عن المحاولة بسبب الخوف أو الإرهاق، أو إنعدام الطموح، يتوقفون عن التطور وتحسين انفسهم، لطالما إخترت الطريق الأصعب لأتحدى نفسي، لم اتوقف يوما عن الحلم، عن الإيمان بأن لي شيء في هذا العالم، بأني قادر على فعل ما فعله غيري، رفضت ما قد يقبله أغلب الناس، يجب أن تكون متطلبا للغاية وأن تقسو على نفسك، أن تمتلك مصيرك وتتحمل مسؤولية قرارات، يجب أن تغامر وأن تدفع بنفسك إلى أبعد الحدود.

      

كل من حقق أي إنجاز، ثق بأنه بذل مجهودا جبارا من أجل تلك اللحظة، من سيئيات البشر أنهم لا يحاولون تحليل الواقع، الكل يرى ذالك الشخص صاحب السيارة والوظيفة والراتب السمين وإمتيازات اخرى، قليلون من يتبادر إليهم ما نوع التضحيات التي بذلها، وما هو المجهود الذي بذل من أجل الوصول إلى تلك المرتبة، أحيانا الأسئلة أهم من الأجوبة، الألم صديق جيد دفع العديد إلى تحقيق إنجازات عظيمة، نيتشه مثال حي لذالك، فمن رحم المعاناة يولد الإنجاز.

    

لطالما رأيت في أسطورة سيزيف مثلا يحثذى به، ربما بنى ألبرت كامو فلسفة وجودية تجسد عبثية الحياة، لكن سيزيف ظل يحاول أن يوصل الصخرة للقمة، ربما أدرك في وقت ما أن مهمته أبدية، إلا أنه إستمر في المحاولة، لا نعرف نهاية القصة لكنه إستمر، ذالك هو مفتاح النجاح، الإستمرار في المحاولة رغم السقوط، ربما يتعلل البعض بالظروف، كن أينما كنت، لكن كن شخصا صالحا منتجا، لا يكل ولا يمل من المحاولة، حتى عندما ترى أن الأمر صعب، كلنا نعاني من مشاكل، كلنا نتألم بدرجات مختلفة، ربما نبتسم وبداخلنا بركان من مشاعر مختلفة وضغوط نفسية لكن تستمر الحياة.

  

الألم دفع دوستويفسكي إلى سبر اغوار النفس البشرية، والمعاناة كانت سبيله لفهم الحيا، دوستويفسكي الإنسان مثال حي لمن قال لا لظروفه، لمن صمد في وجه الفقر، المرض، الطفولة القاسية، والليالي الباردة داخل سجن سيبيري في إنتظار تنفيذ إعدام لم يتم، الألم أطلق شرارة إبداعه، يقول على لسان إحدى شخصيات روايته الشهيرة الأخوة كارامازوف :

"إنني أدرك اليوم أن رجالا مثلي يحتاجون إلى أن يضربهم القدر، يحتاجون إلى أن يضربهم القدر ضربة تدمر كيانهم وتوقظ في أنفسهم قوى الحقيقة العليا. ما كان لي أبدا، أبدا، أن أستطيع النهوض من تلقاء نفسي"

    

الطريق إلى النجاح يمر بالتخلي عن الكثير من الأمور، وبتكرار المحاولة حتى تحقيق الهدف، دمت وفيا لنفسك.. كن سيزيفيا !

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.