شعار قسم مدونات

"عياش محجوبي".. قصة شاب يلخص حال وطنه

blogs عياش

يعيش ملايين الجزائريين منذ 6 أيام حالة من الترقب والتأسف من جهة والسخط على الجهات الرسمية من جهة أخرى بعد الحادثة التي ضربت ولاية المسيلة في قرية أم الشمل أين وقع شاب يدعى "عياش محجوبي" البالغ من العمر 31 سنة في بئر ارتوازي لا يتجاوز قطره 35 سنتمتر! القضية التي كانت في يومها الأول تعتبر عادية، تحولت منذ سويعات إلى هالة إعلامية تتداولها جل القنوات والفضائيات العربية والأجنبية على اعتبار أن عملية استخراجه تشهد يومها السادس دون أي نتيجة واضحة على أرض الميدان.

   

144 ساعة دون نتيجة محققة

منذ انطلاق العملية في يومها الأول ظهر جليا أن الحماية المدنية الجزائرية رغم تسخيرها لجل عناصرها كانت غير قادرة على تحديد مكان تواجد الضحية "عياش" ولا تنفيذ إستراتيجية واضحة لاستخراجه وذلك لغياب خبراء جيولوجيين.

 

وهو ما دفعها لاستخدام الطرق التقليدية في الحفر محاولة الوصول إلى حافة البئر، وفي غياب كامل للوسائل المتطورة الخاصة بعمليات الإنقاذ من جهة وتقصير السلطات الولاية وعدم تسخيرها للوسائل اللازمة جعل العملية تمشي بوتيرة بطيئة جدا، مع غياب كامل للتغطية الإعلامية واقتصارها على هواتف المواطنين المتواجدين في منطقة الحادث، جعل عملية إنقاذ عادية يقدرها خبراء الجيولوجيا والفرق المختصة بـ 7 ساعات على أقصى تقدير إلى أطول عملية إنقاذ في العالم كيف لا وهي تشهد يومها 6!، ما جعل الموضوع ينتشر عالميا ويأخذ صدى أبعد.

  

يبدو أن التخبط السياسي الذي تعيشه السلطة الجزائرية منذ سنوات، جعل المواطن يتساءل حول أهميته في ظل عدم تعاطي وتجاوب السلطة مع الأحداث اليومية للبلد وتوفير أبسط الوسائل لضمان سلامته حتى لا نقول كرامته
مسؤولين غائبين والشعب هو الدولة

سجلت العملية ومنذ ساعاتها الأولى غيابا كاملا للمسؤولين، في المقابل أخذ مواطنو منطقة "أم الشمل" والبلديات المجاورة لها دور المنقذ بتسخيرهم لوسائلهم الخاصة من جرافات وعربات لتسهيل عمليات الحفر، الأمر الذي صعب العملية وكذي أطالتها. ولعل غياب الإمكانيات أثار سخط سكان المنطقة من جهة وملايين الجزائريين المتابعين للحدث بقلوبهم وأعينهم وخلف شاشات هواتفهم لحظة بلحظة من أجل التعرف على حالة الشاب عياش الذي فقد الاتصال به بعد يومين من سقوطه في البئر الارتوازي متسائلين عن سبب عدم الاهتمام بالقضية.

 

وبين امتعاض المواطنين والمجهودات الجبارة التي تقوم بها الحماية المدنية بوسائلها الضعيفة جدا ولغاية اليوم السادس لم يتم استخراج جثة الشاب ولم تشكل أية خلية أزمة ولم يخرج ولا مسؤول عالي المستوى للحديث عن الموضوع على اعتبار أن سلامة المواطن من أهم أولويات الدولة واقتصر الأمر على خروج والي المنطقة الذي ظهر في الأيام الأخيرة بعدما أخذت القضية أبعادا أخرى، ويتساءل البعض عن جدوى إطالة العملية وعدم الاستنجاد بفرق مختصة في المجال من دول أسيا وأوروبا عوض الاكتفاء بامحاولة البحث من أجل البحث فقط! ألم يكن من الأفضل أن يكون هنالك تدخل سريع للعملية.

 

المسيلة ليست بن عكنون!

تفاجئ الكثير من الجزائريين بعدم الاهتمام السلطوي والإعلامي بحادثة الشاب وعدم إعطاء القضية الحالة القصوى من المعالجة الحالة بما أنها تتعلق بحياة شخص رابطين هذه القصة بحادثة انزلاق التربة في أحد الطرقات بالجزائر العاصمة، حيث خصص للحادث مساحة إعلامية معتبرة وكذى إنزال غير مسبوق للوزراء وللمسؤولين والإطارات المحلية للسهر على معالجة القضية في أسرع وقت ممكن، مستغربين من المعالجة البطيئة لقضية الشاب العالق في البئر.

  

مواطنون لكن بدرجة ثانية

يبدو أن التخبط السياسي الذي تعيشه السلطة الجزائرية منذ سنوات، جعل المواطن يتساءل حول أهميته في ظل عدم تعاطي وتجاوب السلطة مع الأحداث اليومية للبلد وتوفير أبسط الوسائل لضمان سلامته حتى لا نقول كرامته، أليس "عياش" مواطنا جزائريا له الحق في أن تسخر له السلطات أعتا الوسائل المتطورة لاستخراجه في أقرب وقت ممكن؟ ألم تستطع فرق الإنقاذ إخراج شاب من أنبوب بعمق 5 أمتار، بينما تنجح في استخراج البترول على بعد كيلومترات من تحت الأرض؟

   

أين هي الوزارات المعنية؟ لماذا لا يتواصل المسؤول الجزائري مع مواطنيه ويتواجد معه ميدانيا؟ لماذا يتم الاستنجاد بالفرد الجزائري فقط في المناسبات الانتخابية لإضفاء الشرعية ومن ثم رميه كأولوية ثانوية مرة أخرى! فارق "عياش" الحياة وما زالت عائلته تنتظر جثة ابنها بحرقة، وما زالت عمليات الإنقاذ مستمرة رغم، ومازالت عيون الجزائريين تنتظر الجديد، وبقيت جل الأسئلة مبهمة تبحث عن جهة رسمية للاجابة عنها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.