شعار قسم مدونات

خدعوك فقالوا.. إنّ النجاح هو تحقيق الثراء!

blogs المال

لا شك أن كلّنا يسعى إلى حياة هنيئة تملأها السعادة والطمأنينة، وكلنا يريد شق طريقه نحو النجاح، ليلامس السماء بإنجازاته، ويفتخر بثروته التي أفنى حياته في جمعها، حتى يستمتع بطعم الحياة ولذاتها. وأنت تشق طريقك نحو النجاح، لا تنسى نفسك، فالنجاح لا يقتصر على الماديات فقط، ولا يعتمد على بُعد واحد فقط، كالعمل مثلا، بل يشمل كل جوانب الحياة فإذا أغفلت جانبا منها، اختلّ توازنك وانقلبْتَ على وجهك خاسراً.

 

فيجب أن تعلم أنّ تحقيقك للثراء ليس دليلا على أنك إنسانا ناجحا إنما نجاحك الحقيقي هو نجاحك في إدارة ذاتك، نجاحك مع ربك، مع جسدك، في علاقاتك، في عملك. أي أن تؤسس بنيان نفسك لبِنة لبِنة، حتى يكون بناءً متيناً مرصوصاً، فتكون حقّقت نجاحاً مكتمل الأركان، لتساهم في بناء مجتمع قويّ، ومن ثَمّ حُسن إعمار الأرض. فما قيمة النجاح في العمل وأنت إنسان فاشل في إدارة ذاتك وعلاقاتك؟ إن الله خلق الانسان روحاً وعقلاً وعاطفة وجسداً، لا يقدر على الفصل بين هذه الأجزاء أو العيش بجزء دون الآخر، فهو بحاجة ليعيش متوازناً بينهم حتى يسير على نهج الناجحين الحقيقيين. فالاهتمام ببناء هذه الأجزاء هو الأساس لبناء إنسان ناجح، ليعيش حياة سليمة مطمئنة مع ربه وذاته ومحيطه وعمله. فهلمّ معي نكتشف معا ونتعرّف على هذه الأعمدة الأساسية، لنسير على ركب الناجحين الحقيقيين.

اجعل الله مركزية حياتك:
اهتم بصحتك، وازِن غذائك، اجعل للتمارين الرياضية نصيباً في حياتك اليومية، ولا تنس الترويح والترويج عن نفسك، فإن لنفسك عليك حقا، طوّر ذاتك باستمرار، ارق بمستواك وارتق بأفكارك

ليكن الله هو محور حياتك دائما وأبداً، في كلّ حركاتك وسكناتك، هو الذي صنعك بيديه الكريمتين، ونفخ فيك من روحه، وسخر لك الكون لخدمتك، فلا تكن كنوداً جحوداً لنعمه عليك، ولا يكن الجزاء بإعراضك عنه. فقبل أن تخطو أيّ خطوة في حياتك، في مستقبلك، في عملك، في زواجك، فكر أن يكون هدفك هو رضاه سبحانه وتعالى، ولتكن علاقتك به هي أولى أولوياتك، معرفته، إيمانك به، معتقداتك، مبادئك، التزامك بشعائره، إقبالك على أوامره وإعراضك عن نواهيه، أخلاقك، حتى تسلك طريق الناجح المكتمل، وتحلق في سماء القيم والخصال الحميدة، وترقى إلى مدارج الأخيار، عمّار الأرض الحقيقيين الذين يزرعون بذور الخير بعلمهم وأخلاقهم في كل مكان، ويتركون بصماتهم أينما حلّوا وارتحلوا.

 

احترم ذاتك:

هي حياة واحدة ستعيش، لذا أقبِل عليها بكُلّ جدّ واجتهاد، قدِّر ذاتك واعرف نفسك، أعطاك الله شخصية مميزة عن الآخرين، لست نسخة من أحد، فلا تقارن نفسك بغيرك، لك قدرات مختلفة عنهم، غذّ عقلك، أبحر في عالم العلم والمعرفة، نحن في عصر التكنولوجيا حيث سهولة الحصول على المعلومة، فلا تحرم نفسك من الارتقاء نحو المعالي، فشمّر على يديك، وتسلّح بالعزيمة والزم طريق المثابرة والكفاح، كما قال الإمام الشافعي: "بقدر الكدّ تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي".

 

لا شيء سهل المنال في هذه الحياة، كلُّه بثمنه، والثمن الأكبر للسلعة الأغلى والأعلى قدرا، وهكذا دواليك. اهتم بصحتك، وازِن غذائك، اجعل للتمارين الرياضية نصيباً في حياتك اليومية، ولا تنس الترويح والترويج عن نفسك، فإن لنفسك عليك حقا، طوّر ذاتك باستمرار، ارق بمستواك وارتق بأفكارك، فنجاحك في الحياة يقتضي نجاحك في إدارة ذاتك أوّلا، وأذكر هنا مقولة أعجبتني: "إذا انهزمت بداخلك فلن ينصرك أحد وإذا انتصرت من الداخل، فلن يهزمك أحد". انس سنواتك التي ضاعت فلا زال المستقبل أمامك، وعلى قول الدكتور مصطفى محمود: "إنّ مشكلتك ليست سنواتك التي ضاعت، ولكن سنواتك القادمة التي ستضيع حتماً إذا ما واجهت الدنيا بنفس العقلية".

 

العمل له تأثير كبير على حياتك، لهذا يجب أن تركّز في هذا الجانب، فالعمل هو أساس الحياة وسبب من أسباب وجودك في الحياة الدنيا، حتى تحقق ذاتك وأهدافك، والمطلوب هو إتقانك له
العمل له تأثير كبير على حياتك، لهذا يجب أن تركّز في هذا الجانب، فالعمل هو أساس الحياة وسبب من أسباب وجودك في الحياة الدنيا، حتى تحقق ذاتك وأهدافك، والمطلوب هو إتقانك له
 
اهتم بمحيطك:

لست وحدك في هذا العالم، لذا عليك أن تنسجم مع محيطك وأن تتعلم إدارة علاقاتك العاطفية والاجتماعية، فلكلّ مقام مقال.

* والديك: هما سبب وجودك على هذه البسيطة، كن وفياّ وباراّ بهما، فلا يعرف الفضل إلاّ أهل الفضل ذوُو الفضل.

* زوجتك: هي دعم وسند لك، هي سترتك حين تعريك تقلبات الزمن، هي رويّتك حين ينال منك ظمأ الحبّ، هي وجهتك حين تعصف بك متاهات الحياة، فأحسن العشير، إنما كفران العشرة من سمات الجبناء.

* أولادك: اجعلهم نصب اهتمامك في كل لحظة، هم يحتاجون حنانك قبل مالك، حضورك قبل انشغالك، نصائحك قبل غضبك، فكل راع مسئول عن رعيته، فلا تستهن بعظم المسئولية.

* إخوتك: هم رفقائك في الشدة قبل الرخاء، في حزنك قبل فرحك، فكن لهم عونا وبلسماً في كل لحظاتهم.

* عائلتك: صل رحمك، بادر بزيارتهم، أدخل السرور على قلوبهم، فإنك لا شك ورثت بعضا من جيناتهم، فلا تنس فضلهم عليك.

* أصدقائك: حافظ على أواصر صداقتهم وقوّ روابط المحبة معهم.

أتقن عملك:

فالعمل له تأثير كبير على حياتك، لهذا يجب أن تركّز في هذا الجانب، فالعمل هو أساس الحياة وسبب من أسباب وجودك في الحياة الدنيا، حتى تحقق ذاتك وأهدافك، والمطلوب هو إتقانك له، فهو مصدر الدخل والحصول على المال، وليكن طموحك عاليا، وبادر بالتطوير والارتقاء بعملك دائما ما وجدت الفرصة سانحة، وليكن عملك متقنا خالصا، ولا تنس أن لك ميعادا مع ربك، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ" صدق مولانا العظيم.

وفي النهاية أقول: اجعل نجاحك في الحياة مَطيّة للوصول إلى دار القرار، واجعل هذه الآية العظيمة نصب عينيك دائما، هي خلاصة جامعة مانعة، حيث قال تعالى: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" سورة البقرة – 77.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.